مجددًا، تعرضت قاعدة عسكرية تتمركز فيها قوات أميركية قرب كركوك شمالي العراق، لهجوم صاروخي، يوم الخميس الفائت ، والهجوم الذي وقع بصاروخ “كاتيوشا”، أصاب قاعدة “كيوان” أو “k1” حيث تتواجد قوات الشرطة الاتحادية العراقية وقوات أميركية. وأكد مصدر أمني عراقي ان الطائرات الحربية الأميركية حلقت في سماء المدينة وبارتفاعات منخفضة رغم سوء الأحوال الجوية بعد تعرض القاعدة للقصف.
من جانبها، أدانت المملكة المتحدة، هذا الهجوم وقال السفير البريطاني في بغداد ستيفن هيكي في تغريدة بموقع تويتر “ندين وبشدة الهجوم الصاروخي على القوات العراقية وقوات التحالف هذا المساء في كركوك”.وأشار الى انه “من الضروري ان تتخذ الحكومة العراقية اجراءات عاجلة لردع الجماعات المسلحة ومحاسبتهم على تقويض سيادة العراق”.
ويعد ذلك أول هجوم على القاعدة المعروفة بـ”K1″ منذ السابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث قُصفت القاعدة بعدة قذائف صاروخية في ذلك الوقت متسببة في مقتل مدني أميركي، وألقت واشنطن باللوم في هذا الهجوم على كتائب حزب الله العراقي.
وفي خطوة تصعيدية أخرى ضد القوات الأمريكية في العراق، أعلنت حركة النجباء في العراق بدء العد التنازلي للرد العسكري على القوات الأميركية، بعد يومين من استهداف صاروخ قاعدة يتمركز فيها أميركيون شمال العاصمة بغداد.
وقال المتحدث باسم الحركة نصر الشمري في تغريدة على تويتر- اليوم السبت- إن هذا القرار عراقي بامتياز، ولن يسمح بالتدخل لتأجيله من أي طرف داخلي أو خارجي.
وأشار الشمري إلى أن “الرد سيكون باسم عمليات الشهيد القائد جمال”، في إشارة إلى الاسم الحقيقي لأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي اغتيل مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في بغداد مطلع الشهر الماضي.
وانسجامًا مع هذا التهديد، سقطت أربع صواريخ قرب السفارة الأميركية في بغداد، في الساعات الأولى من صباح الأحد، حسب ما أفاد مصدر عسكري أميركي لوكالة “فرانس برس”، من دون أن يتضح على الفور ما إذا كان الهجوم أدّى إلى وقوع أضرار أو إصابات.
وسُمع دوي عدة انفجارات في العاصمة العراقية قرابة الساعة الثالثة والنصف بعيد منتصف الليل بالتوقيت المحلي (12:30 بتوقيت غرينتش) تبعها أصوات تحليق طائرات في سماء المنطقة. ودوّت أصوات صفارات الإنذار في أنحاء مجمع السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصّنة، وفقاً للمصدر الأميركي ولدبلوماسي يقيم في منطقة قريبة.
ويبدو أن التحليلات السياسية الأمريكية الشرق أوسطية توقعت أن تقدم الفصائل العراقية الموالية لإيران في الاعتداء على القوات الأمريكية المتواجدة في العراق، لذلك طالبت الإدارة الأمريكية أن يكون ردها على ذلك الاستفزاز في سوريا وليس بالعراق، قائلة، ” إذا شنت الولايات المتحدة المزيد من العمليات العسكرية رداً على عدوان إيراني أو آخر من قبل وكلاء إيران، فسيكون من الأفضل القيام به في سوريا، لأن ذلك سيخدم الهدفين المزدوجين المتمثلين بتجنب المزيد من أعمال التصعيد في العراق واستهداف مركز إيراني مهم. وكان اغتيال سليماني والمهندس على الأراضي العراقية قد مكّن مقتدى الصدر من استغلال الغضب المحلي لتحقيق أغراضه الخاصة. كما من شأن استهداف جماعات وكيلة في سوريا أن يبعث برسالة مفادها أن واشنطن تهدف إلى وضع حدّ لمشروع طهران العابر للحدود. وقد تكون العمليات داخل سوريا أكثر صعوبة بعد أن أصبح لدى الولايات المتحدة عدد أقل من الحلفاء، إلا أن أي إجراءات تتخذها هناك قد تكون أكثر علنية. أخيراً، يتعين على المسؤولين الأمريكيين التحقق من كيفية ترابط الجماعات الشيعية المختلفة في سوريا وغيرها من الدول، مع أخذ هذا التداخل في الاعتبار عند وضع العقوبات المستقبلية”.
وتشير التحليلات السياسية الأمريكية أيضًا الى انه لا بد من مراجعة أعمال الرد وتحديثها بانتظام، لذلك من الضروري استخدام أي نظام رد وتفقده باستمرار للتأكد من أنه لا يزال يتناسب مع الهدف المقصود منه. ويمكن لواشنطن حينئذ تغيير طريقة احتساب نسبة ردها سرّاً وكما تريد. ومن خلال تقليل ضغط الاضطرار إلى الردّ فوراً خوفاً من الاعتبار [بأنّ الولايات المتحدة] تدير خدها الأيسر، بإمكان مثل هذا النظام أن يُخفض خطر استدراجها إلى شنّ ضربات انتقامية في ظل ظروف خطيرة – لا سيما عندما تهدف قوات العدو إلى جذب القوات الأمريكية إلى التسبب في أضرار جانبية. وتوجد بالفعل العديد من مكونات مثل هذا النظام (مثل فحص الأهداف واعتبارات التناسب)، ولكنها غير مدمجة في إطار منطقي للدفاع عن النفس.
وللخروج من الحلقة المفرغة الحالية، تحتاج الحكومة الأمريكية إلى نظام انتقامي أكثر رسمية تتوازن فيه المزايا الميكانيكية والسياسية. وإلا، ستستمر إيران وميليشياتها العميلة في تجاوز حدود الردع إلى أن تقتل المزيد من الأمريكيين أو تصيبهم بجراح بشكل مؤلم. وكان اغتيال قائد «كتائب حزب الله» أبو مهدي المهندس والقائد الإيراني قاسم سليماني في 3 كانون الثاني/يناير قد شكّل فائضاً من الانتقام في وقت واحد، يتسبب في خطر كبير بحدوث تصعيد غير مقصود واحتمال تقويض الموقف الأمريكي الشامل في العراق وسوريا. يجب على أولئك الذين يرغبون في السلام أن يسعوا إلى إيجاد نظام ردع أكثر تدريجياً يمكن أن يخفض حرارة الصراع الأمريكي-الإيراني.
بعد سنوات عجاف “الحروب والحصار والاحتلال”، أليس من حق الشعب العراقي أن تستقر دولته ويؤسس دولة مدنية تراعي مصالح جميع مواطنيه أم أن هذه الدولة عبارة عن حلم صعب تحقيقه، وأن قدره العيش في كابوس مستمر اسمه المليشيات والفصائل المسلحة التي خطفت الدولة العراقية، بحيث لا تراعي مصالح الشعب العراقي، وتضع العراق في إشكاليات مستمرة مع الدول وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية. وهي على استعداد دائم في تنفيذ جدول أعمال يتم اعداده خارج العراق لتنفيذه على أرضه!! فالمليشيات المسلحة لا تعمل على بناء الدول بل على هدمها، وهنا نتساءل،: إلى متى سيبقى العراق مخطوفًا من قبلها؟!
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية