بغداد – اختار أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تكتيكا جديدا لفض الاحتجاجات المستمرة منذ مطلع أكتوبر من العام الماضي، عقب تمرّدها على رغبة الزعيم الشيعي.
وبدأ أتباع الصدر استخدام المسدسات الكاتمة للصوت والسكاكين بوجه المحتجين في بغداد الذين أصروا على رفض تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
وقال نشطاء إن أتباع مقتدى الصدر هاجموا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، عددا من الخيام التي يعتصم فيها المتظاهرون بساحة التحرير في بغداد، وقتلوا منهم اثنين على الأقل، الأول بمسدس كاتم للصوت والثاني طعنا بالسكاكين.
ولجأ أتباع الصدر إلى العنف المباشر بهذه الأدوات الجديدة، بعدما فشلت جميع خطط زعيمهم السابقة في وضع حد لحركة الاحتجاجات الشعبية الواسعة ضد الطبقة السياسية الحاكمة، المتهمة بالعمل على تحقيق مصالح الجار الإيراني على حساب مصالح العراقيين.
وبعدما كان شريكا رئيسيا فيها، وحاميا للمشاركين فيها، انقلب الصدر على الاحتجاجات بعد فراغ القيادة الناجم عن مقتل القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في غارة أميركية قرب مطار بغداد في الثالث من يناير الماضي.
وتسرّب أن الصدر حصل على وعد إيراني بأنه سيكون صاحب الشأن الأعلى في الملف العراقي، بعد مقتل سليماني والمهندس، إذا تمكن من القضاء على الاحتجاجات التي أطاحت برئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، وهددت هيمنة الأحزاب الموالية لإيران على مؤسسات الدولة ومواردها وقرارها السياسي.
وأول الأمر وجه الصدر أتباعه بسحب خيام الاعتصام الخاصة بهم من ساحات الاحتجاج، تنفيذا لاتفاقه مع طهران، بعدما “اكتشف” ودون مقدمات أن التظاهرات الشعبية الحاشدة مموّلة من الولايات المتحدة وإسرائيل، ما تسبب في حملة سخرية واسعة من سذاجة تبريره، وافتضاح أمر انحيازه للمعسكر الإيراني.
وعندما وجد الصدر أن التظاهرات مستمرّة رغما عن إرادته، وأن احتكاره الشخصي لحركة الشارع هو مجرّد أسطورة، أمر عناصر ميليشيا جيش المهدي التابعة له، بارتداء قبعات زرقاء والاحتكاك بالمتظاهرين، بحجة حمايتهم، ما تسبب في مجزرة بمدينة النجف قتل فيها 9 من المحتجين بنيران أتباعه.
وبالتوازي قاد الصدر حملة لتشويه صورة المشاركة النسوية الفاعلة في التظاهرات العراقية، ملمّحا إلى أن بعض ساحات التظاهر تحولت إلى أوكار للدعارة والفجور، وهو ما تسبب في إثارة غضب المحتجين.
وردّا على ذلك، نظمت طالبات الجامعات في بغداد، نهاية الأسبوع، تظاهرة رفعت شعارات ضد الصدر.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، أبلغ نشطاء يعتصمون في خيام بساحة التحرير عن تعرضهم لتهديد من عناصر تابعين لمقتدى الصدر وصلت حد التلويح بالسلاح.
ويوم الجمعة، أظهرت تسجيلات مصوّرة من ساحة التحرير تجمعات لعدد من الملثمين، الذين هتفوا بأنهم سيختطفون كل من يعترض على تعليمات الصدر. كما أبلغ نشطاء عن هجمات طالت خيام المعتصمين، بعضها بالأسلحة الكاتمة وأخرى بالسكاكين، ما تسبب في مقتل شخصين وجرح ثلاثة آخرين بينهم متظاهرة.
وسرعان ما أطلق أتباع الصدر حملة في وسائل التواصل الاجتماعي للتنصل من المسؤولية عن هذه الاعتداءات، مطالبين بتقديم الأدلة التي تدعم تورط ميليشيا جيش المهدي فيها.
ويقول نشطاء إن أتباع الصدر من عناصر ميليشيا جيش المهدي يضربون طوقا غير مرئي في محيط ساحة التحرير ويتحكمون بمن يدخل ويخرج منها ويملكون وحدهم حق السماح لحملة المسدسات الكاتمة للصوت والسكاكين بالعبور، وبالنهاية لديهم كل إمكانيات طمس الأدلة.
وأشار نشطاء إلى أنهم فهموا الآن سرّ الحماسة الصدرية للمشاركة في الاحتجاجات منذ انطلاقتها، إذ أن أتباع الصدر سيتحوّلون إلى أداة فعالة لضرب التظاهرات وتفكيكها، متى ما أمرت إيران زعيمهم بذلك.
ويؤكد نشطاء أن ساحة التحرير مكشوفة أمام أتباع الصدر، الذين شاركوا في تشكيلها، وهم الأقدر على تدميرها الآن، نظرا لخبرتهم الواسعة في تنفيذ عمليات القتل والاغتيال والاختطاف والترويع والتهديد، ما يضع حياة المتظاهرين أمام خطر كبير، لاسيما مع تخلي قوات الأمن الرسمية عن جميع مهامها لصالح العصابات والميليشيات.
العرب