حذر خبير مياه أردني ودولي بارز من تجاهل صفقة القرن للملف المائي وعدم إعطاء هذا الملف الوزن المطلوب، مطالبا بلاده رسميا برفض هذه الصفقة تماما بسبب المخاطر المائية التي تنتج عنها.
وتقدم وزير المياه الأردني الأسبق الدكتور حازم الناصر بورقة تقرأ صفقة القرن مائيا وبصورة لافتة للنظر، واعتبر أن تجاهل الملف المائي ينم بوضوح عن سوء نية تجاه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران.
“تجاهل الملف المائي ينم بوضوح عن سوء نية تجاه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران”
وقال الناصر في ورقته المعمقة مائيا والتي أرسلها لـ”القدس العربي” بأن المتفحص للمبالغ المالية المرصودة ضمن ما يسمى بصفقة القرن يجد أن مجموع ما خصص للمياه في فلسطين وغزة وسيناء والأردن لا يتعدى 3 مليارات دولار ومئة مليون على فترة زمنية من عامين إلى عشرة أعوام.
وأوضح الناصر بأن الأردن أنفق هذا المبلغ لوحده رغم ضيق الحال ودون صفقات مع أي جهة لتلبية احتياجاته المائية المتزايدة خلال فترة اللجوء السوري وبين عامي 2013 – 2017.
ويعتبر الدكتور الناصر من أهم الخبراء في الأردن بالوضع المائي في المنطقة والعالم وله جولات من المناكفة مع الإسرائيليين بعد إفشالهم لمشروع قناة البحرين الذي أشرف عليه.
وفي حديث سابق مع “القدس العربي”، تحدث الوزير الناصر عن مماطلات إسرائيلية تظهر مستوى متقدما من الإنكار والجحود في الملف المائي مثل الملف السياسي.
وفي قراءته المالية المثيرة أوضح بأن القائمين على صفقة القرن يعلمون جديا بأن دولة فلسطين لن تقوم بدون مخطط مائي طويل الأمد قابل للاستمرار والاستدامة.
“القائمون على صفقة القرن يعلمون جديا بأن دولة فلسطين لن تقوم بدون مخطط مائي طويل الأمد قابل للاستمرار والاستدامة”
ولذلك تنكرت الصفقة لاتفاقيات المياه السابقة الموقعة مع الفلسطينيين وتضمنت الاستمرار بالسيطرة على المناطق الغنية بالمياه السطحية والجوفية وبناء المستعمرات عليها مثل ما حصل في منطقتي القدس ونابلس، وأيضا مثل ما يحصل في حال السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحاذية لنهر الأردن.
وأصر الناصر على أن إسرائيل ضمن صفقة القرن لم تتخذ من المياه ومواردها مناطق حدودية مع الفلسطينيين لأن الإستراتيجية تغيرت في ظل وجود فائض من الغاز.
وأشار الناصر إلى الفترات التي كانت فيها منابع نهر الأردن محركا للعدوان الإسرائيلي وللحروب منذ عام 1948 والتي انتهت بخطوط هدنة تتلاءم والسيطرة على موارد للمياه في نهر الأردن والضفة الغربية والجولان وطبريا.
وتمكنت إسرائيل من السيطرة على مرتفعات الضفة الغربية وبالتالي على مخزونها الجوفي بالمياه الذي سحبته إسرائيل بطرق جائرة ودون أدنى نصيب للفلسطينيين في مياههم.
ولاحظ الناصر أن صفقة القرن ركزت في مشاريعها على شبكات المياه والخطوط الناقلة من الداخل الإسرائيلي باتجاه الضفة وسيناء وغزة والأردن وتجاهلت بالوقت نفسه الاتفاقيات المبرمة سابقا ومن بينها اتفاق ناقل البحرين الذي تعيقه إسرائيل نهارا جهارا ثم تصر على إدخاله بالصفقة لكي تقول للأمريكيين والأوروبيين بأنها تدعم التعاون الإقليمي.
واعتبر الناصر بأن إستراتيجية إسرائيل ناتجة عن عدم وجود موارد مالية جديدة للسيطرة عليها في الضفة الغربية وعلى أساس امتهان مهنة بيع المياه مقابل ثمن طبعا لكل من يحتاج، فهي لديها مياه البحر المتوسط القابلة للتحلية ولديها الطاقة الرخيصة وأفضل تكنولوجيا لتحلية المياه.
أما السيطرة على شمال البحر الميت فله أسبابه برأي الناصر ظاهرها التوسع في احتلال الأرض وترسيم حدود جديدة.
وباطنها أسباب أخرى لها علاقة بصناعة البوتاس من البحر الميت والتي تدر المليارات، ومع أن مياه البحر الميت بانحسار فإن المخطط الإسرائيلي يحاول تجاهل حقوق الفلسطينيين، ومصلحة الأردن أن تكون دولة فلسطين متشاطئة معه لأنه في حال استمرار الحصار مياه البحر الميت شمالا يتوقع وخلال 25 عاما أن لا يوجد شاطئ في البحر الميت داخل حدود إسرائيل 1948 وبالتالي يخطط الإسرائيلي لاستغلال مياه البحر الميت في تلك الفترة حيث تتواجد مليارات من الأملاح والبوتاس.
وحاول الناصر تذكير المجتمع الدولي بالمواثيق التي تمنع بأي شكل من الأشكال استخدام المياه كسلاح لقهر واضطهاد الشعوب.
القدس العربي