بغداد – كشفت عملية تأجيل جلسة استثنائية للبرلمان العراقي لمنح الثقة للحكومة المقترحة من رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي حجم الخلافات العميقة بين أحزاب السلطة على توزيع الحقائب الوزارية.
وأجّل البرلمان العراقي جلسة التصديق على الحكومة المقترحة لعدم اكتمال النصاب إلى يوم السبت بعد مقاطعة عدد كبير من النواب للجلسة بسبب عدم رضاهم عن ترشيحات علاوي للحقائب الوزارية.
ويطيل تأجيل جلسة منح الثقة للحكومة أمد الأزمة السياسية العاصفة في العراق، بعد أن أجبرت الانتفاضة الشعبية حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي على تقديم استقالته في نوفمبر الماضي. ومازال عبدالمهدي يقود حكومة تصريف أعمال.
وبموجب الدستور العراقي، إن لم يحصل علاوي على موافقة البرلمان على الحكومة سيكون على الرئيس برهم صالح تكليف شخص آخر بتشكيلها.
وجلسة اليوم كانت مطلب أساسي من علاوي ويدعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي هدد بتنظيم تظاهرات حول مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء في حال عدم منح الثقة للحكومة هذا الأسبوع.
ووصل علاوي إلى مجلس النواب والتقى قادة الكتل السياسية ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ونائبه حسن الكعبي، وقدم قائمة جديدة بأسماء المرشحين لتولي المناصب الوزارية.
وبعد سلسلة من اللقاءات، دعا رئيس المجلس إلى عقد الجلسة لكنه أعلن تأجيلها، الأمر الذي أثار غضب نائبه الكعبي الذي قرر إبقاء الجلسة رغم مغادرة الرئيس من أجل المضي في عملية التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة.
وينتمي الكعبي إلى كتلة “سائرون” التي يتزعمها الصدر.
وتم تعيين علاوي كمرشح متفق عليه بين الأحزاب السياسية المشاركة في السلطة. وقد أعرب العديد من البرلمانيين الذين يمثلون الأقلية السنية نيتهم مقاطعة الجلسة في حين لم يتخذ النواب الأكراد بعد موقفا واضحا. لكن معظم النواب الشيعة الذين يشكلون غالبية في البرلمان يؤيدون انعقاد الجلسة لمنح الثقة من خلال التصويت.
وكان الصدر هدد بـ”تظاهرة مليونية شعبية (…) حول المنطقة الخضراء للضغط من أجل الوصول إلى إنقاذ العراق من الفاسدين الطائفيين” في حال عدم منح الحكومة الثقة.
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي اعتبر في تصريحات سابقة أن جلسة البرلمان لا تعني الاتفاق على تمرير الحكومة، مشيرا في تصريحات صحافية إلى أن “الأمر متروك لتحالف القوى في حال قرروا الدخول إلى الجلسة أو مقاطعتها”، مبيناً أنه “لا وجود لاتفاق سني كردي بخصوص تشكيل الحكومة”.
كما أعرب الحلبوسي عن “شكوكه باتفاق الكتل الشيعية على علاوي”، لافتاً إلى أن “البرنامج الحكومي لا يتحدث عن فترة سنة واحدة لحكومة علاوي”.
وأوضح أن “هناك مؤشرات لتدخل رئيس الجمهورية بأسماء مجلس الوزراء”.
وأكد رئيس مجلس النواب أن رئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي ليس مستقلاً، وقال إن “جميع الأصوات تعالت ونادت تريد شخصية تعبر بنا المرحلة الحالية”.
وأضاف أن “محمد علاوي ليس مستقلاً فهو مشترك في العملية السياسية، وكان يرأس الوفود التفاوضية منذ قرابة 12 عاماً”.
وأوضح الحلبوسي أن “علاوي أكد لي أن من رشحه وزيراً للاتصالات في عام 2006 هما برهم صالح والسفير الأميركي الأسبق في العراق زلماي خليل زاد”.
وشدد بقوله “لم نكن طرفاً في تكليف محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة”.
وحمّل الحلبوسي رئيس الجمهورية مسؤولية اختيار علاوي لتشكيل الحكومة، مؤكدا أن برهم صالح ارتكب مخالفة دستورية برفضه تكليف شخصيات طرحت أسماؤها قبل علاوي.
ووصف الحلبوسي رغبة رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب بغير الواقعية، مما عزز من فرضية غياب أي حزام سياسي لحماية الحكومة الجديدة.
وبعدما كان قاب قوسين أو أدنى من إكمال كابينته الوزارية بمباركة سياسية، كانت واسعة حتى قبل أيام، يبدو أن الفريق السياسي المناهض لعلاوي في طريقه لتحقيق الانتصار، إذ تبدّد الدعم السياسي الذي كان يعتمد عليه، في ظروف غامضة.
ويرى مراقبون أنه في صورة إسقاط حكومة علاوي أمام البرلمان، ستتفجر صراعات متعددة الجوانب بين الأحزاب تحت قبة البرلمان.
العرب