مهاتير محمد يبدّد في أرذل العمر تجربة عقود من الحكم

مهاتير محمد يبدّد في أرذل العمر تجربة عقود من الحكم

كوالالمبور – أنهى مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا المستقيل تجربته في الحكم، التي استمرت لعقود، بصورة مهينة بسبب تمسّكه بالبقاء في السلطة وخسارة ثقة المحيطين به وحلفائه السياسيين الذين انقلبوا عليه وأطاحوا به من رئاسة التحالف الحاكم ما دفعه إلى الاستقالة.

وتضاعف هذه النهاية الحزينة، لرجل حقق نجاحات اقتصادية مهمة لماليزيا خلال فترة حكمه الطويلة، من الخيبة التي خلفها مهاتير محمد في الداخل والخارج بسبب انقلابه على منظمة التعاون الإسلامي والسعي لتنفيذ أجندة تركية قطرية إيرانية لإنشاء منظمة بديلة على حساب السعودية في تناقض كامل مع مشاعر الماليزيين ومصالح ماليزيا وعمقها الإسلامي.

وأعلن القصر الوطني الماليزي السبت عن “تعيين محي الدين ياسين رئيسا للوزراء، وأن مراسم حلف اليمين ستقام الأحد”.

وأكد القصر الرئاسي في بيان أنه “لا يمكن إرجاء عملية تعيين رئيس وزراء لأن البلاد بحاجة إلى حكومة من أجل خير الشعب والأمة”.

ويشكّل هذا الإعلان نهاية لمرحلة حكم مهاتير محمد البالغ من العمر 94 عاماً، الذي خسر على واجهتين، الأولى بإقصائه من رئاسة الحزب والثانية بتكليف منافسه ياسين برئاسة الحكومة.

وأقال حزب سكان ماليزيا الأصليين المتحدين “بيرساتو” مهاتير محمد من منصبه كرئيس له السبت، ساعات بعد أن أعلن مهاتير أنه استعاد دعم ائتلاف “تحالف الأمل”.

وقال مراقبون إن مهاتير محمد بدد إرثه السياسي الطويل من خلال الرغبة في استعادة السلطة وهو في أرذل العمر، فضلا عن محاولة إسقاط أفكار قديمة على وضع مغاير تماما للأوضاع واعتقاده أنها لا تزال صالحة.

وأشار هؤلاء إلى أن رغبة مهاتير في الاحتفاظ بنفوذه في السلطة كانت وراء الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، وأن التسويق لتجربة النهضة الماليزية التي قادها لعقود لم يمنع من اكتشاف أن تلك التجربة لم تفلح في التخلص من الاستبداد، ولم تشف غليل مهاتير إلى الحكم.

ولأجل السلطة، كان مهاتير قد خاض معركة طويلة مع نائبه أنور إبراهيم استعملت فيها ملفات أخلاقية. وعاد مهاتير إلى الحكم في عام 2018 بعد 15 عاماً من تركه في أعقاب فوز ائتلاف “ميثاق الأمل” المؤلف من عدد من معارضيه السابقين بينهم أنور إبراهيم، الذي كان ذراعه اليمنى قبل أن يتحول إلى ألدّ أعدائه في التسعينات. وسيطرت العلاقات المتوترة بين إبراهيم ومهاتير على الحياة السياسية في ماليزيا لأكثر من 20 عاماً. لكن الرجلين تحالفا في عام 2018 لإسقاط رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق.

وكان مهاتير، الذي حكم البلاد بين 1981 و2003، قد تعهّد بموجب ذلك التحالف بنقل السلطة في العامين اللاحقين إلى أنور إبراهيم.

ومنح إبراهيم عفواً ملكياً على الفور وجرى الإفراج عنه بعد أن سُجن بتهمة الشذوذ الجنسي، لكن مؤيديه أكدوا أن الحكم صدر على خلفيات سياسية.

ووصف مؤيدو أنور إبراهيم اللجوء إلى المناورة والتنكر للوعود بأنه يتنافى مع الخلفية الإسلامية التي يسعى مهاتير محمد لإظهارها في تبرير بقائه في الحكم.

وأثار مهاتير محمد غضب دول إسلامية حين دعا إلى القمة، التي عقدت في شهر ديسمبر الماضي، جماعات مثل حركة حماس في فلسطين، وهي حركة إخوانية، فضلا عن كتّاب وشخصيات حركية تابعة لفروع جماعة الإخوان المسلمين، في خطوة بان وكأن هدفها إعادة تبييض الجماعة في الوقت الذي يتم فيه تصنيفها تنظيما إرهابيا في السعودية والإمارات ومصر، وتوضع فيه أنشطتها المختلفة وتمويلاتها تحت مراقبة شديدة في الغرب.

العرب