اقترح بوتين، بعد شعوره بالقلق إزاء توسع تنظيم داعش وقربه من حدوده، حلًا بديلًا عن ذلك الذي اقترحته الولايات المتحدة. ويتمثل الحل في إيجاد تحالف واسع للقوات البرية يشمل الجيوش السورية والعراقية والقوات الكردية وجيوشًا برية لبلدان أخرى في المنطقة. وقد كشف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في الدوحة، يوم الاثنين، هذا المشروع الروسي لنظرائه من دول الخليج ولوزير الخارجية الأمريكية، جون كيري.
ويجب تشكيل هذا الائتلاف “على أساس قانوني ودولي”، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية بعد زيارة سيرجي لافروف لقطر. ووفقًا لمصدر دبلوماسي ذكرته صحيفة كوميرسانت، فمن الضروري أن يكون للتحالف الجديد تفويض من مجلس الأمن الدولي. ووفقًا لنفس المصدر، فإن بوتين سيناقش هذه المسألة في أواخر سبتمبر عند افتتاح الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
غائبان رئيسان
يراهن بوتين على علاقاته الجيدة مع العالم الشيعي لتشكيل هذا التحالف؛ إلا أن ذلك لا يخفي وجود مهمة صعبة متمثلة في إقناع القوى السنية في المنطقة، وهي أقل استعدادًا للتعاون مع موسكو. ناهيك عن الغرب، الذي تدهورت العلاقات بينه وبين روسيا وبشكل حاد منذ اندلاع النزاع الأوكراني.
وقالت ليليا شافتسوفا، الخبيرة في معهد بروكينغز: “إن الفيتو الروسي الأخير في مجلس الأمن الدولي حول إنشاء محكمة لحل كارثة بوينغ MH17 التي سقطت في أوكرانيا، أظهر أن روسيا هي أكثر عزلة على الساحة الدولية من أي وقت مضى. ولا تزال روسيا تفقد من نفوذها، وعلى هذا النحو؛ فمن غير المرجح أن تنجح في إحداث أي ائتلاف“.
ولمواجهة هذه العزلة الدبلوماسية، يحاول فلاديمير بوتين أن يكون له دور في الصراع السوري؛ حيث إن الوضع الصعب، وعلى نحو متزايد، لحليفه بشار الأسد، دفع بموسكو للتدخل، خصوصًا مع تهديد الولايات المتحدة مرة أخرى باستخدام القوة ضد جيش النظام السوري.
ووصف لافروف الضربات الجوية الأمريكية المحتملة ضد القوات الحكومية السورية بأنها غير مجدية. مشيرًا أيضًا إلى أن روسيا تقدم المساعدة التقنية العسكرية إلى السلطات السورية في قتالها ضد تنظيم داعش؛ حيث قال: “لدينا كل الأسباب التي تجعلنا نعتقد أنه بدون هذا الدعم ستكون الأراضي التي يسيطر عليها هذا التنظيم الإرهابي أكبر بمئات، بل بآلاف الكيلومترات المربعة“.
ويقلق هذا التوسع المحتمل لتنظيم داعش الكرملين؛ حيث أشارت ليليا شافتسوفا أن “موسكو تخشى كثيرًا من تسلل مقاتلي تنظيم داعش إلى آسيا الوسطى والقوقاز“، كما أضافت أن “ما بين 2000 و5000 مقاتل من تنظيم داعش هم من مواطني الولايات السابقة للاتحاد السوفيتي”.
ويرى المراقبون أن المبادرة الجديدة من الكرملين شهدت غائبان رئيسان هما: تركيا والمعارضة “المعتدلة” للأسد، اللذان يعول عليهما الغرب كثيرًا. وبحسب دبلوماسي غربي، فإن “دمج القوات الكردية في التحالف سيغضب رئيس الدولة التركي رجب طيب أردوغان. في حين أن أي حل إقليمي لا يمكن أن ينجح من دون تركيا“، مضيفًا: “المفارقة هي أن العلاقات بين موسكو وواشنطن تعرف زخمًا إيجابيًا مقارنة مع العلاقة التي تجمع موسكو بأنقرة“.
وأعلن الرئيس التركي، في نهاية هذا الأسبوع، أنه لن يقبل أبدًا بضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا. وفي موازاة ذلك، تم تأجيل المفاوضات بشأن بناء خط أنابيب جديد للغاز الروسي في اتجاه تركيا إلى الخريف. وفي هذا السياق الدبلوماسي غير المواتي، فإنه من المرجح أن تبقى مبادرة فلاديمير بوتين مجرد حبر على ورق.
واشنطن تقصف مواقع النظام السوري للدفاع عن الثوار
بعد أسبوع من القبض على ثمانية من الثوار المدربين والمجهزين من قبل الولايات المتحدة، أعلنت الجماعة الجهادية جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) أنها اختطفت خمسة على الأقل من الرجال الذين تدعمهم واشنطن في الشمال الغربي للبلاد. ويأتي هذا الإعلان بعد تأكيد وزارة الدفاع الأمريكية قيامها، يوم الجمعة، بأول هجوم على الأراضي السورية ضد مواقع جبهة النصرة “للدفاع” عن الثوار المدربين على القتال ضد تنظيم داعش في سوريا.
واعتبر البيت الأبيض أنه لا ينبغي على دمشق أن “تتدخل” في أنشطة الثوار الذين أسمتهم السلطات الأمريكية “القوة السورية الجديدة”، وإلا فإنها ستتخذ “تدابير إضافية” لحمايتهم. والظاهر أن واشنطن تلوح بضربات جوية ضد قوات الأسد. هذا التحذير الذي ترك النظام السوري متشككًا في أمره؛ لتتهم الصحافة الحكومية السورية واشنطن بالكذب والمفاخرة.
التقرير