تزايد حظوظ مصطفى الكاظمي في تشكيل الحكومة العراقية

تزايد حظوظ مصطفى الكاظمي في تشكيل الحكومة العراقية

بغداد – رجحت مصادر سياسية مطلعة في بغداد تزايد حظوظ رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي في رئاسة الحكومة المقبلة، موضحة أن أهم منافس له حاليا هو محافظ النجف الأسبق، والعضو الحالي في البرلمان العراقي عن تحالف النصر، عدنان الزرفي.

ووفقا لمراقبين، فإن انحسار التنافس على أهم منصب تنفيذي في العراق، بين شخصيتين لم يسبق لهما الدخول المباشر إلى دائرة النفوذ الإيراني في البلاد، يكشف عن عمق الأزمة التي تعانيها الأحزاب السياسية الشيعية الموالية لطهران، بعد التظاهرات الشعبية الواسعة والمستمرة منذ انطلاقها مطلع أكتوبر الماضي.

وبدا أن الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، جمّدت مؤقتا خطط إحياء ترشيح شخصيات سبق لرئيس الجمهورية برهم صالح أن رفض تكليفها بتشكيل الحكومة، مثل محافظ البصرة أسعد العيداني ووزير التعليم العالي قصي السهيل والنائب عن ائتلاف دولة القانون في البرلمان العراقي محمد شياع السوداني.

وبدل أن تضغط على الرئيس لتكليف أحد هؤلاء بتشكيل حكومة جديدة، تحاول الأحزاب الشيعية الموالية لإيران التجديد لعادل عبدالمهدي وحكومته بحجة أنها تلبي طموحات القوى السنية والكردية البارزة.

لكن التكتيك الذي رد به مناصرو تكليف الكاظمي أو الزرفي هو الانفتاح على نشطاء التظاهرات البارزين، والتحاور معهم بشأن إمكانية دعم مرشح ما لتشكيل حكومة مؤقتة، مهمتها إجراء انتخابات مبكرة، ربما تمثل بوابة لتغيير سياسي أعمق.

ويقول مراقبون إن القوى السياسية التقليدية داخل المكون الشيعي تخشى صعود شخصيات جديدة من داخل الطائفة إلى مصاف الزعامات، إذا حصلت على فرصة تولّي مناصب كبيرة.

ويمكن أن ينطبق على الكاظمي والزرفي وصف “الدماء الجديدة”، فضلا عن “توازن الاتجاهات”، فبالرّغم من أن كلا منهما لم يسبق له الانخراط في مشروع سياسي توجهه إيران، إلا أن أيا منهما لم يسبق له أن كان خصما سياسيا علنيا لطهران.

في المقابل، يصنف الاثنان ضمن خط الشخصيات السياسية الداعية إلى ضرورة التوازن في ملف العلاقات الخارجية والاستفادة من الميزات التي قد توفرها العلاقة الخاصة بين بغداد وواشنطن، مع ضرورة الانفتاح على الخليج خصوصا والعمق العربي عموما.

وتقول المصادر إن المفاوضات البطيئة في بغداد، ربما لم تعد تشهد طرح أسماء غير الكاظمي والزرفي لتشكيل الحكومة الجديدة، رغم وجود رغبات عديدة داخل مجلس النواب تدور حول أنماط مختلفة من الحلول.

ويقول النائب عن مدينة الموصل أحمد الجبوري إن فشل القوى السياسي في توفير الغطاء اللازم لتمرير حكومة رئيس الوزراء المكلف السابق محمد علاوي يعيد المبادرة إلى مجلس النواب، الذي عليه أن ينتخب أحدا من أعضائه لمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن البرلمان يزخر بالكفاءات.

ويعتقد الجبوري أن هذا الخيار، في حال أَنْضَجه النواب قبل إرساله إلى رئيس الجمهورية كي يعود بصيغة تكليف قانوني، سيضمن للمكلف الجديد أغلبية مريحة في البرلمان، على اعتبار أنه ناجم عن مقترح نيابي، ملوّحا بأن الإصرار على اختيار رئيس الوزراء خلال الاجتماعات الخاصة بين الزعماء في الغرف المغلقة يعني المزيد من الاستفزاز لمجلس النواب.

ومن بين الحلول الأخرى المتداولة ما ألمح إليه نواب في كتلة سائرون التي يرعاها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، من أن حق الترشيح لمنصب رئيس الوزراء يخصّهم وحدهم، على اعتبار أن كتلتهم هي الأكبر.

وذهب هؤلاء إلى ما هو أبعد من مناقشة هذا الخيار، فطرحوا اسما محددا ليكون مكلفا جديدا بتشكيل الحكومة، هو نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي.

وتقول مصادر مطلعة إن تداعيات انتشار فايروس كورونا في إيران أضرّت كثيرا بالمفاوضات العراقية لاختيار مرشح جديد لتشكيل الحكومة.

وتوضح المصادر أن الإسهام الإيراني المعتاد في إدارة مفاوضات اختيار رئيس الوزراء العراقي كان ضعيفا للغاية خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب الانشغال الكبير في طهران بتفشي فايروس كورونا وتحوله إلى وباء يهدد المنطقة بأكملها.

لكن إيران تحاول تدارك الأمر، إذ أرسلت يوم السبت أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى بغداد، لمتابعة آخر تطورات الملف السياسي.

ولم تورد المصادر العراقية أي تفاصيل عن المباحثات التي أجراها وسيجريها شمخاني مع كبار المسؤولين العراقيين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعماء عدد من أبرز الكتل السياسية في البلاد.

وبالرّغم من أن ترشيح الكاظمي بالذات لم يقابل باعتراضات إيرانية صريحة، إلا أن المراقبين يتحدثون عن قائمة كبيرة من التوقعات بعد زيارة شمخاني، يفترض أن يجري اختصارها قبيل انتهاء مدة الـ15 يوما، التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية، كي يكلف مرشحا جديدا بتشكيل الحكومة العراقية.

العرب