تركيا تستنجد بالسياحة “الحلال” لمواجهة أزماتها

تركيا تستنجد بالسياحة “الحلال” لمواجهة أزماتها

أنقرة – تعيش تركيا على وقع أزمات كثيرة عجزت السلطات عن إيجاد حلول لها، وعلى العكس فقد ضاعفت منها سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي جلب إلى بلاده عداوة لدى دول الجوار وأخرى بعيدة عن الحدود الجغرافية لتركيا، ما دفع بها إلى التفكير في السياحة “الحلال” التي تلعب على المشاعر الدينية.

وقال عمر آقغون تكين، عضو اللجنة الاستشارية بالجمعية الدولية للسياحة الحلال إن 400 مليون مسلم يعيشون في مناطق جغرافية يتراوح بعدها جواً عن تركيا نحو 5 ساعات، مؤكدا أن هذا الموقع الحيوي يكسب تركيا أهمية وميزة جيواستراتيجية.

وفي مقابلة مع الأناضول، أوضح تكين أن هناك خلطا يحدث بين مفهومي السياحة الحلال والسياحة الدينية، مبيناً أن الأخيرة تشمل المنسوبين إلى كل الأديان وتتم لأغراض دينية.

وتابع “بينما السياحة الحلال خاصة بالمسلمين وتعني قيامهم بزيارة المنتجعات الساحلية أو الزيارات الشتوية، في إطار أوامر الشريعة الإسلامية ونواهيها فيما يخص الإقامة والطعام والشراب وما إلى ذلك”.

وذكر تكين أنه “يمكن تطبيق السياحة الحلال على السياحة الشتوية وأيضا العلاجية، أي أنه يمكن جعل أيّ نوع من أنواع السياحة لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، بل صديقاً للمسلمين”.

وهوى إجمالي عدد السائحين في تركيا منذ العام 2006 بمقدار الثلث إلى أدنى مستوى في عشر سنوات متأثرا بمحاولة انقلاب وموجة هجمات إرهابية وخلاف سابق مع موسكو، ولاحقاً نتيجة الاستهداف السياسي التركي وحملات الإساءة لعدد من الدول العربية، إضافة إلى عمليات التدخل العسكري التركي في كل من سوريا وليبيا.

ويقول متابعون للشأن التركي إن حكومة أردوغان، التي دفعت باقتصاد البلاد في أزمات كثيرة بسبب مواقف سياسية مزاجية تجاه الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج العربي، باتت الآن تبحث عن حيل لاستقطاب سياح جدد تحت شعارات إسلامية أو استعادة التاريخ العثماني القديم ومحاولة تزيينه عن طريق مسلسلات يتم فيها تبييض جرائم القبائل التركية وتحويل غزواتها ومجازرها كجهاد فيما تتم شيطنة الأمم والأديان الأخرى.

ويشير هؤلاء إلى أن اللعب على المشاعر الإسلامية لم يعد يغري خاصة دولا خبرت السياسات التركية مثل دول الخليج، التي بات سيّاحها يبحثون عن مناطق أخرى غير تركيا خلال سنوات ماضية كانوا ينتقلون إليها باستمرار وبأعداد كبيرة تحت تأثير المسلسلات.

ويأتي هذا الموقف من السائح الخليجي كردة فعل على سياسات أردوغان في الإساءة إلى العرب، واستهداف دول الخليج، والرهان على جماعات إسلامية متشددة لديها سجلات سيئة في المنطقة وعرفت بالعنف والتفجيرات والتكفير واستعمالها لابتزاز الحكومات وتهديد أمن المنطقة.

وتثير دعوات تكين تساؤلات بشأن توقيتها في عالم يغزوه فايروس كورونا ويركز فيه الناس على حماية أمنهم ويميلون إلى البقاء في المنازل، فهل هي رسالة لزيارة تركيا وكأنها خالية من الفايروس؟ وهو أمر مناف للواقع، حيث تأخرت السلطات التركية في الاعتراف بالواقع قبل أن تضطر للكشف عن أعداد الإصابات ولو بشكل محدود.

وسبق لتركيا أن أطلقت رسميا ما عُرف بالسياحة الحلال، وهي منتجعات خاصة تتحقق فيها شروط معينة، تشمل إقامة فنادق خاصة لخدمة المسلمين الملتزمين، بالإضافة إلى توفير أماكن سباحة خاصة للنساء، ومساجد في تلك المنتجعات.

كما تضع السياحة الحلال في الاعتبار الحساسيات الدينية بشكل لا يتعارض مع الاستمتاع بالشواطئ، حيث تخصص هذه المنتجعات أماكن مخصصة للسباحة للرجال وأخرى مخصصة للنساء.

وتدور تساؤلات حول مدى نجاح هذه التجربة ودوافعها، في الوقت الذي من المعروف فيه أنّ غالبية السياح وزوّار المنتجعات في تركيا، هم من الأوروبيين الذين تختلف بالتأكيد مفاهيمهم للسياحة، فيما تتزايد أعداد السياح العرب الذين يُقاطعون السياحة في تركيا بسبب المواقف السياسية لأنقرة.

العرب