تستمر تبعات انتشار فيروس كورونا داخل الولايات المتحدة بلا توقف، ولا تمر ساعة بدون أخبار جديدة مثيرة تتعلق بالشأن الاقتصادي أو بأسواق المال أو أعداد الضحايا أو الاتجاه نحو المزيد من الإغلاق والعزل.
ووفقا لأحدث الأرقام، أصاب الفيروس أكثر من 13 ألف شخص في الولايات المتحدة، وتوفي نحو 200 منهم، ويتوقع الخبراء المختصون أن ترتفع هذه الأعداد بصورة كبيرة تصاحب زيادة إجراء عمليات اختبار الإصابة بالفيروس.
وتوقعت صحيفة نيويورك تايمز أن أعداد المصابين بفيروس كورونا قد تصل إلى ما بين مليونين ومئتي مليون مصاب، وأشارت إلى أن أسوأ السيناريوهات يتوقع وفاة 1.7 مليون شخص.
واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلاده في حالة حرب حقيقية ضد عدو غير مرئي، وأمر أول أمس الأربعاء بإغلاق حدود بلاده الشمالية مع كندا.
تسونامي اقتصادي قادم
وفي لقاء تلفزيوني مع شبكة “سي إن بي سي” الاقتصادية ناشد المستثمر بيل آكمان الرئيس دونالد ترامب المبادرة بإغلاق كلي للولايات المتحدة لمدة 30 يوما من أجل احتواء انتشار فيروس كورونا المتسارع، مؤكدا أن “هذه هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الاقتصاد الأميركي”.
وحذر آكمان من أن أكثر ما يخيف الشعب الأميركي والشركات الأميركية هو الانهيار التدريجي الحاصل للمنظومة الاقتصادية والمالية، وعلينا المبادرة بإغلاق كلي للاقتصاد، فهذا هو الحل الوحيد الذي نملكه.
واعتبر الملياردير ورجل الأعمال أن أميركا التي نعرفها انتهت للأبد بسبب أزمة كورونا، وعبر عن أسفه لقول ذلك، لكنه الواقع الجديد كما يراه، و”إذا لم ينجح ترامب في اتخاذ هذا الموقف سريعا فلن يتم انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل”، يؤكد آكمان مؤسس ومدير شركة بيرشينغ كاببيتول سكوير، وأضاف أن هناك “تسونامي في طريقه ليضرب الولايات المتحدة”.
وتوقع آكمان أن تعلن الكثير من شركات الفنادق، وشركات المطاعم عن إفلاسها، وربما تكون شركة بوينغ هي أول من يعلن إفلاسه من الشركات الكبرى، وتوقع ألا تنجو شركة بوينغ بدون دعم حكومي كبير.
وقد تصل قيمة أسهم شركة هيلتون للفنادق إلى الصفر طبقا لتقديرات آكمان الذي يعد من أكبر مالكي أسهم شركة هيلتون العالمية.
وتوقع أن يتم إغلاق كل الفنادق في الولايات المتحدة، ويؤمن أن أزمة كورونا ستستمر على الأقل لعام ونصف العام، وهو ما يستحيل معه استمرار العمل بنفس الطرق المتبعة حاليا.
وخسرت أسهم شركة هيلتون 50% من قيمتها، في حين فقدت شركة ماريوت 60% من قيمتها السوقية منذ بداية مارس/آذار الجاري.
من ناحيته، وقع الرئيس ترامب قانونا يخصص مئة مليار دولار لإجراء اختبارات مجانية لفحص فيروس كورونا، ومنح إجازات مرضية مدفوعة الأجر للمصابين بالفيروس.
ووافق مجلس الشيوخ على إجراءات طارئة لتخفيف المصاعب المالية والخسائر الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا.
وتعهد وزير الخزانة ستيف مينوتشن بتقديم الحكومة الفدرالية دعما ماديا قيمته تريليون دولار للتعامل مع تبعات انتشار كورونا، ويتوقع أن تشمل هذه الحزمة الاقتصادية شيكات بألف دولار توزع على المواطنين الأميركيين خلال أسبوعين.
ترامب.. رئيس حرب
ومن ناحية أخرى، وفي إطار جهود الإدارة الأميركية للتعامل مع تبعات انتشار فيروس كورونا وصف الرئيس دونالد ترامب نفسه “برئيس حرب”.
وخلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض حول تطورات انتشار فيروس كورونا، رد ترامب على سؤال “هل أميركا الآن في حالة حرب؟” بالقول “بهذا المعنى أنا رئيس حرب”.
وقرر ترامب الأربعاء تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي، ويمنح تفعيل هذا القانون الرئيس صلاحيات واسعة تتضمن القدرة على إلزام المصانع الأميركية بإنتاج وتوزيع منتجات ومستلزمات طبية بصورة عاجلة، وهو ما يعطي البيت الأبيض سلطة زيادة إنتاج الأقنعة الطبية والمطهرات اليدوية وأجهزة التنفس الصناعية والتي اختفت من الأسواق الأميركية خلال الأيام القليلة الماضية، ويتيح القانون كذلك للرئيس سلطة زيادة أعداد المستشفيات عند الضرورة.
ويمنح القانون -الذي أقر في عام 1958 خلال الحرب الكورية- الرئيس الأميركي سلطة واسعة في زمن الحرب، لتسريع وتوسيع إنتاج الموارد من قطاع الإنتاج لدعم البرامج العسكرية والفضائية والأمن الداخلي والطاقة.
وقبل ذلك نشر الرئيس ترامب تغريدة عبر حسابه على تويتر أعلن فيها “إغلاقا مؤقتا بالتوافق” لحدود بلاده مع جارتها كندا بوجه “الحركة غير الأساسية” إلا أن النشاط التجاري بين الجانبين لن يتأثر بهذا الإجراء.
وخلال الأيام الماضية، أصدر ترامب قرارات تقضي بمنع أغلبية المسافرين القادمين من أوروبا والصين ومناطق أخرى من العالم من دخول الأراضي الأميركية بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأمر الرئيس الأميركي بتخصيص سفينتين حربيتين طبيتين عملاقتين تعملان كمستشفيين عائمين، ترسو واحدة أمام مدينة نيويورك، والأخرى قبالة ساحل ولاية كاليفورنيا، للمساعدة في الجهود المبذولة لمكافحة وباء كورونا، وتحتوي كل من السفينتين على ما يقارب ألف غرفة، إضافة إلى عشرات من غرف العمليات.
المصدر : الجزيرة