نشر موقع “بلومبيرغ نيوز” تقريرا أعده كل من ديفيد وينر وغلنار موتيفالي ونيك ووداهم، أشاروا فيه للضغوط التي تمارس على الإدارة الأمريكية لتخفيف العقوبات على إيران التي تواجه وباء كورونا المدمر.
وقالوا إن دولا أوروبية تدعو لتخفيف العقوبات، ولكن إدارة دونالد ترامب لم تستجب حتى الآن.
ووصل عدد الوفيات حسب الأرقام الرسمية الإيرانية إلى 1650 حالة، في وقت يقول فيه قادة الجمهورية الإسلامية ومنظمات إنسانية إن العقوبات القاسية “أقصى ضغط” التي فرضت منذ خروج ترامب من الاتفاقية النووية عام 2018 أدت لتدمير الاقتصاد وزادت من الكارثة الإنسانية.
وتقول الولايات المتحدة إنها مستعدة للمساعدة في مواجهة فيروس كورونا، وفي الوقت نفسه تلقي اللوم على النظام وطريقة إدارته للأزمة.
وقال المبعوث الأمريكي لإيران براين هوك: “لا تمنع العقوبات الأمريكية المساعدات من الوصول إلى إيران”. وقال في مقابلة مع الموقع: “لدى آية الله مصادر ضخمة تحت تصرفه، ولدينا استثناءات واسعة تسمح للأشخاص الأمريكيين ببيع الأدوية والمعدات الطبية إلى إيران”.
لكن العثور على شركات مستعدة للتعامل مع قوانين الإدارة الأمريكية والتعامل مع إيران بدون أن تتعرض للعقوبات أمر مستحيل، خاصة منذ أن بدأت إدارة ترامب تراكم العقوبات على إيران منذ 2018. وتقول تارا سيفاري فار، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بمنظمة “هيومان رايتس ووتش” إن هذا يجعل من الصعوبة إدخال المواد الإنسانية إلى البلد. وتضيف: “هذه الإعفاءات لم تكن كافية لتخفيف تردد الشركات والبنوك الأمريكية والأوروبية للمخاطرة والتعرض للعقوبات والإجراءات القانونية لقيامها بتصدير أو تمويل المواد المستثناة” من العقوبات. و”شاهدنا رسائل من البنوك والشركات التي رفضت القيام بتعاملات تجارية مع إيران”.
وقال الباحث في وقفية كارنيغي، جاريت بلانك، والذي عمل منسقا في إدارة باراك أوباما لتنفيذ الإتفاقية النووية، إن الإدارة السابقة كانت سترسل مسؤولين إلى أوروبا وآسيا للمساعدة على تسهيل طريق المساعدات الإنسانية وتوضيح طريقة عمل الاستثناءات.
وقال: “على الولايات المتحدة عمل الكثير من أجل التأكد وتطمين المؤسسات أنها آمنة وإلا فلا أحد يريد المخاطرة” مضيفا أنه “لا يعتقد أن العقوبات هي سبب توسع الوباء في إيران”. وأضاف أن “الإدارة فعلت العكس من خلال تخويف المنظمات الإنسانية. والرسائل التي يرسلونها أنه لا يمكنكم عمل أمر مناسب لمواجهة الوباء”.
واقترح الرئيس ترامب يوم الأحد أن عروض المساعدة على إيران وكوريا الجنوبية لمواجهة فيروس كورونا هي حقيقية وصادقة، وقال إن “إيران تمر بمرحلة صعبة بسبب هذا”. إلا أن بعض مسؤولي إدارة ترامب يرون أن التحديات التي تواجهها إيران بسبب العقوبات والاقتصاد المنهار والانتخابات المتنازع عليها وطريقة قمع المتظاهرين ووباء فيروس كورونا هي الأمور التي طالما دفعوا من أجلها لإنهاء النظام في طهران.
وحتى مع انتشار الفيروس، واصلت الولايات المتحدة الضغط وفرض العقوبات والقيود هذا الشهر واستهدفت شركات لها علاقة بصناعة البتروكيماويات وعددا من الباحثين النوويين.
وتقول الإدارة الأمريكية إن العقوبات تهدف للضغط على القيادة الإيرانية من أجل إقناعها بالتخلي عن برامجها النووية ووقف الدعم لجماعات مثل حزب الله، ووقف تطوير الصواريخ الباليستية.
ودعت روسيا والصين اللتان وقعتا على الاتفاقية النووية عام 2015، الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، وهذا الموقف ليس مفاجئا، إلا أن الدول الأوروبية تحاول تجاوز العقوبات ومساعدة إيران في أي فرصة ممكنة حسب دبلوماسي غربي في طهران.
وقال إن موقف أمريكا أثناء الأزمة مثير لإحباط الاتحاد الأوروبي. وقال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني: “العقوبات غير القانونية الأمريكية جففت المصادر الاقتصادية الإيرانية مما أدى لشل القدرات على مكافحة كوفيد- 19”. وكتب في تغريدة الأسبوع الماضي: “انضموا إلى الحملة الدولية لتجاهل العقوبات الأمريكية على إيران”.
وحتى قبل انتشار فيروس كورونا، كانت القوى الأخرى على خلاف مع ترامب بشأن قراره الخروج من الإتفاقية النووية. وبحسب صحيفة “الغارديان” فقد حثت بريطانيا سرا الإدارةَ الأمريكية على تخفيف العقوبات بسبب أزمة كورونا، بدون الكشف عن المصدر الذي حصلت منه على المعلومات.
وفي يوم السبت أفرجت السلطات الإيرانية عن باحث علمي فرنسي في عملية تبادل مع مهندس إيراني مطلوب لدى السلطات الأمريكية. وأغضبت عملية التبادل واشنطن التي كانت تحاول ترحيل المهندس.
ويقول جولين بارنز، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “هناك انقسام بين الأمريكيين والأوروبيين، ولا أعتقد أن هذا الوضع سيفعل شيئا لردم هذه الهوة” و”هناك إحباط متزايد وغضب محتمل بسبب عدم تخفيض الأمريكيين الحواجز لوصول المساعدات إلى إيران ولا يريدون أن يكون هذا جسرا لبناء ثقة”.
ولا تريد المنظمات الدولية إغضاب أمريكا التي تعتبر من المساهمين الكبار، ولكنها تحاول إيصال المساعدات بطريقة هادئة إلى إيران.
وقال مايكل ريان من منظمة الصحة العالمية: “نريد تجنب تسييس الأحداث”. وقال إن الهدف هو تسهيل وصول إيران إلى الأسواق التي تريدها و”تحرير ما تريده من مصادر، وتحرير وتزويد المساعدات الضرورية للشركات وغيرها”.
ويقول الإيرانيون إن اقتصادهم ضعيف ولا يستطيعون مواجهة الأزمة. وفي الأسبوع الماضي طلب الإيرانيون ولأول مرة منذ ستينات القرن الماضي المساعدة من صندوق النقد الدولي. مع أن الولايات المتحدة قد تحاول إعاقة المساعدة كما يقول علي فاز من مجموعة الأزمات الدولية.
وقال إن دولا مثل إيطاليا وكوريا الجنوبية لم تستطع مواجهة الأزمة رغم عدم تعرضهما للعقوبات. و”تقاتل إيران وإن متأخرة بيد مقيّدة خلفها بسبب العقوبات، وفشلها بسبب العقوبات سيؤثر على كل شخص في المنطقة”.
القدس العربي