أدت الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها السلطات الاتحادية العراقية في عموم مدن البلاد، بما فيها إقليم كردستان، ضمن مقررات خلية الأزمة الحكومية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، إلى تضييق الخناق بشكل كبير على تنظيم “داعش”، والحد من تحركاته.
ويؤكد مراقبون وقادة أمنيون أن بقايا تنظيم “داعش”، المختبئين في مناطق جبلية وصحراوية ذات تضاريس معقدة، شمال وغرب البلاد انقطعت عنهم كل أشكال الدعم والإمداد التي كانوا يحصلون عليها من خلال وسطاء ومتعاونين محليين معهم، بما في ذلك المعونة الغذائية أو الطبية.
ويلفت المراقبون إلى أنه حتى تنقل عناصر “داعش” بين المناطق، بفعل حظر التجول وإعادة الجيش العراقي رقعة انتشاره في الطرق الخارجية وقطع المدن عن المناطق المحيطة بها، أصبح أمر صعباً، وهو ما قد يسهل على القوات العراقية، التي تحقق تقدماً واضحاً في مطاردتها لجيوب وبقايا التنظيم، القضاء عليه بشكل أكبر وأسرع.
وقال مسؤول عسكري عراقي، اليوم الإثنين، في قيادة عمليات الجزيرة والبادية، وهي الجهة العسكرية العليا بالجيش العراقي المسؤولة عن إدارة الملف الأمني ضمن محور الحدود العراقية الدولية مع الأردن وسورية وجزء من الحدود السعودية، إن إجراءات حظر التجول في البلاد وقطع الطرق بين المناطق والمدن “ضيقت الخناق أكثر على مسلحي التنظيم المختبئين في مناطق صحراوية وجبلية، وكانوا يعتمدون على مندوبين متعاونين معهم ليجلبوا لهم الطعام أو الاحتياجات الخاصة أو التي يطلبونها مثل الملابس والأدوية وبطاقات الشحن والإنترنت وغيرها مقابل مبالغ مالية وصولا إلى تأمين أسلحة أو حتى نقلهم من مكان لآخر”.
وبيّن المسؤول أن القوات العراقية “سبق وأن اعتقلت عدداً من المُوصّلين لتلك المواد، وتتبعت آخرين منهم وتركتهم حتى كشفوا مكان إرهابيين في مناطق جبلية وصحراوية سواء في غرب العراق أو شماله ضمن محور كركوك ــ الموصل ــ مخمور”.
وتابع: “حالياً هذه الإجراءات من حظر تجول وقطع الطرق جعلت أفراد داعش المختبئين محاصرين من كل مكان، لذا سيكون عليهم إما الخروج نهارا أو ليلا وسيجدون القوات العراقية بانتظارهم أو الطائرات ترصدهم”، وفقاً لقوله.
من جانبه، قال الخبير بالشؤون المسلحة في العراق والمستشار الأمني السابق بمحافظة الأنبار فؤاد علي لـ”العربي الجديد”، إن “من تبقوا من عصابات سيواجهون مصيراً يشبه مصير الأسر التي ماتت جوعا وعطشا عام 2014 في نينوى وصحراء الأنبار عندما فرت وتاهت لعدة أيام وماتت عطشا”، وفقاً لقوله.
وأضاف علي أن القوات العراقية “يجب عليها أن تستغل ضبط حركة المواطنين وأنشطتهم للبدء بعمليات تمشيط بحثا عن مخابئهم”، مستدركا بالقول: “عمليا داعش وأي تنظيم إرهابي آخر أخطر من أي جائحة أخرى ومحاربة فكر التنظيم أهم من محاربة بقاياه المحاصرة في المناطق الصحراوية والجبلية”.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني، السبت، وهي الناطقة العسكرية الرسمية باسم السلطات الاتحادية في العراق، عن تنفيذ ضربة جوية استهدفت وكرا لتنظيم “داعش”، في سلسلة جبال حمرين شمالي العراق.
وقالت، في بيان لها، إن “طائرات أف 16 العراقية وجهت ضربة جوية لأوكار تابعة لعصابات داعش الإرهابية، في جبال حمرين”، وأضاف البيان، أن “الضربة الجوية أسفرت عن مقتل العشرات من عصابات التنظيم الإرهابي”، وذلك قبل أن تعلن في بيان لاحق عن العثور على وكر لتنظيم داعش جنوبي قضاء بهرز ضمن محافظة ديالى شمال شرقي البلاد، ضم أسلحة متوسطة وقاذفات صواريخ وأجهزة اتصال مختلفة، دون أن تفصح عما إذا كانت قد عثرت داخل المخبأ على إرهابيين أم لا.
العربي الجديد