فاقم تفشي فيروس كورونا من المخاطر التي يواجهها النازحون في مخيمات العراق، وزاد من ضرورة الإلحاح على عودة المهجرين إلى مناطقهم، في ظل ضعف الإمكانيات في المخيمات ولا سيما بالمجال الصحي، وذلك خشية تفشي كورونا في أماكن تتسم بالازدحام وضعف البنية التحتية والمنظومة الصحية.
لا وجود لبوادر حل لأزمة النازحين في عموم العراق، بل ومنذ بداية الأزمة وحتى اليوم المحنة تتجه نحو الأسوأ، والحل الوحيد والجذري الذي يتفق عليه عموم قاطني المخيمات هو إعادتهم لمناطقهم التي هجروا منها.
اعتبر عبد الصمد محمود خلف وهو أحد نازحي محافظة نينوى (شمالي العراق) في مخيم “بحركة” بأربيل (في إقليم كردستان العراق) أن الفترة الحالية هي الأصعب في سنوات النزوح التي يعيشها هو وغيره في المخيم.
وفي حديث للجزيرة نت عزا خلف ذلك إلى الحظر المفروض على المخيم والذي يمنعه وغيره من الكسب من خلال مزاولة بعض الأعمال بأجر المياومة (عامل بأجر يومي)، موضحا أنه في السابق كان هو وآخرون يجدون الأعمال بالأجور اليومية عبر تسهيلات تقدمها إدارة المخيم للخروج والعمل داخل مدينة أربيل.
وأضاف أنه رغم أن ما كان يحصلون عليه من أجور زهيدة فإنها كانت بمثابة وقود عجلة الحياة بالنسبة للكثيرين هنا، محذرا من أن ما ينتظره النازحون في الأيام المقبلة أقرب للمجاعة في ظل توقف الأعمال وغياب إجراءات الحكومة المركزية لإخراجهم من أزمتهم.
واستدرك خلف بأن المساعدات التي تقدمها إدارة المخيم لسد رمق الجوع أنقذت العديد من العائلات من وضع لا تحسد عليه.
وما يقوله خلف عن التأثير السلبي يؤيده معظم النازحين، وتقول النازحة بالمخيم ذاته الحاجة خديجة “أذية لم تكن بالحسبان فرغم سلامتنا من وباء كورونا المنتشر، فإننا بدأنا نعاني من صعوبات تتمثل بقلة المواد الطبية وأدوية الأمراض المزمنة التي كنا نحصل عليها من الواردات الخاصة، أما اليوم في ظل حصار الوباء فقد تناقصت الواردات وتضاعفت الأمراض، مع غياب معيب للجهات المسؤولة التي نسيت شعبها”.
اختفاء الدعم
وعن قلة الدعم الإنساني بمختلف جوانبه حد القحط كما وصفه أحد النازحين بمخيم بحركة أثناء حديثه للجزيرة نت، أوضح أنه قبل فترة الحظر بسبب الوباء قل الدعم الحكومي المقدم من بغداد وكذلك من المنظمات المحلية والدولية والأمم المتحدة الملزمة بمساعدة النازحين، مضيفا أنه وغيره من النازحين لم يتوقعوا اختفاء كل تلك الجهات، في وقت تكون الحاجة إلى مساعدتهم في ذروتها.
إدارة مخيم بحركة وعلى لسان مديره بدر الدين نجم الدين أكد عدم توقفهم عن تقديم المستطاع لتفادي وقوع أي ضرر كبير بسبب الحظر وتوفير المستلزمات الأساسية لديمومة الحياة.
وحمل بغداد المسؤولية عن تراجع أوضاع النازحين في المخيم، وناشد الحكومة الالتفات لهذه الشريحة ودعمها بمختلف الجوانب وخاصة الجانب الصحي لكبار السن والأغذية الضرورية، لافتا إلى انقطاع دعم الحكومة الاتحادية تماما منذ فترة.
كورونا واحد من الأوبئة الكثيرة في العالم وربما هو المتأخر ظهورا مقارنة بالأمرض المزمنة والتي يعاني الكثير من الدول لتوفير علاجاتها لمرضاها والعراق واحد منها، وفي المخيمات يقول المواطن نبيل فاضل حسن “السلامة من كورونا لا يعني بالنسبة لنا انتهاء الأزمة الصحية بل اليوم نمر بمرحلة جديدة من تفاقم الأمراض وأصبح العجزة والمسنون بخطر أكثر من ذي قبل بسبب شح المال والدواء”.
وقال حسن إن مناشدة النازحين لوزارة الصحة العراقية لم تلق آذانا مصغية في السابق، واليوم لا يأمل الكثيرون بتغير الموقف في ظل تفاقم الأزمة الصحية بالبلاد.
لا شك أن للحكومة الاتحادية قولا قد يخالف رأي النازحين كتبرير للتقصير الحاصل في العديد من الجوانب وفي مقدمتها الجوانب الصحية إذ تعزو مديرة قسم محافظات إقليم كردستان في وزارة الهجرة والمهجرين عالية البزاز أسباب الضعف الحاد بدعم سكنة المخيمات إلى العجز الحاصل في الموازنة المالية يرافقه ابتعاد المنظمات الدولية وتوجهها إلى داخل المناطق المحررة.
وتؤكد عالية أن الحجر المنزلي وحظر التجول المفروضين في عموم البلاد زادا الطين بلة وبخاصة على العاملين بالأجر اليومي من النازحين.
ويقول الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور سيف البدر إن النازحين لهم الأولوية من قبل وزارته إلا أن أعداد الأُسر كبير والعائدون هم رقم بسيط قياسا بالموجودين ولهذا نجد بعض الصعوبات بتغطية احتياجاتهم.
ولم يذهب البدر بعيدا عما رجحته عالية البزاز، مؤكدا أن العجز بالموازنة والانهيار بأسعار النفط هما السبب وراء بعض الخروقات الحاصلة بالتجهيزات، كما في جميع الوزارات الأخرى المتأثرة بعجز العراق المالي.
المصدر : الجزيرة