لم تفضِ الحوارات المتسارعة التي تجريها الكتل الرافضة لتكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة، إلى أي اتفاق حاسم مع الكتل الأخرى بشأن مرشحها للمنصب مصطفى الكاظمي، الذي أُعيد طرح اسمه أخيراً، وسط غموض يلف موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، واستمرار المخاوف من دعمه للزرفي.
واتفقت القوى السياسية العربية الشيعية، مساء أمس الأول، خلال اجتماع لها في حي الجادرية الراقي في بغداد، دام لعدة ساعات، على ترشيح الكاظمي بديلاً للزرفي، بعدما تمكن الأخير من رفع أسهمه عبر كسب دعم نواب جدد من كتل مختلفة لمصلحته.
ووفقاً لمسؤول مطلع على سير الحوارات، فإن “المعسكر الرافض للزرفي أجرى يوم أمس الإثنين سلسلة حوارات جديدة واتصالات بشأن تقديم الكاظمي كمرشح رسمي، إلا أنه لم يحسم الجدل بعد بشأن ذلك”، مبيناً لـ”العربي الجديد”، أن “المحاولات الحالية منصبّة على إقناع الصدر بدعم الكاظمي، إلا أنه لم يحدّد أي موقف واضح بشأن قبول سحب دعمه لرئيس الوزراء المكلف حالياً عدنان الزرفي والقبول بالكاظمي بديلاً عنه”.
”
يؤكد “تحالف الفتح” وجود توافق مع “تحالف سائرون”، بزعامة الصدر، حول عدم تمرير حكومة الزرفي
“وأكد أن “الصدر رفض إجراء أي اتصال مباشر مع الكتل الأخرى، وكلّف اثنين من مساعديه بالتواصل معها، أحدهم الشيخ مصطفى اليعقوبي، إلا أن قيادات رفيعة المستوى في تحالف “الفتح” أجرت اتصالات مع قيادات في تحالف “سائرون” للضغط على الصدر من أجل القبول بالكاظمي، لكنها لم تحصل على جواب منها”، مشيراً إلى أن “الغموض يسيطر على المشهد، إذ إن الصدر شلّ الملف بعدم وضوح موقفه”.
ولفت المسؤول إلى أن “الكتل الرافضة للزرفي غير مطمئنة من موقف الصدر، الذي ترجم أخيراً على أنه رغبة بذهاب الزرفي للبرلمان، وفي حال فشله بتمرير حكومته هناك، سيكون الحديث أفضل حول بديل عنه، لذا بدأت بممارسة الضغوط على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لتعطيل عقد الجلسة البرلمانية، حتى تعلن الكتل الشيعية موقفها بترشيح الكاظمي”.
لكن “تحالف الفتح”، الجهة السياسية الممثلة لـ”الحشد الشعبي”، يؤكد وجود توافق مع “تحالف سائرون”، بزعامة الصدر، حول عدم تمرير حكومة الزرفي. وقال النائب عن التحالف حامد الموسوي، في تصريح متلفز، إن “مشروع تمرير حكومة الزرفي في البرلمان أصبح مشروعاً فاشلاً، بعد اتفاق جديد للكتل الشيعية على عدم تمريره”.
وأكد أن “تحالف سائرون منسجم مع الاجتماع الأخير للقوى السياسية الشيعية، بشأن ترشيح الكاظمي، وأن الكتل السنية والكردية تدعم مرشحاً يحظى بتوافق الكتل الشيعية”.
في هذه الأثناء، دخلت المليشيات على خط الحراك السياسي، محذرة من تمرير أي شخص لرئاسة الوزراء لن تنطبق عليه الشروط المحددة من قبلها. وقالت مليشيا “حزب الله” العراقية الموالية لإيران، في بيان لها: “لقد وضعنا شروطاً ومواصفات لأي مرشح لرئاسة الوزراء، ولن نسمح بتمرير أي شخصية لا تنطبق عليها تلك الشروط”. وشددت على أنه “سيكون لنا موقف واضح وحازم تجاه محاولات فرض حكومة تحمل توجهات مريبة وتمثل تهديداً للقضايا الكبرى”، معتبرة أن “التعقيدات التي تمرّ بها العملية السياسية اليوم، ناتجة عن التجاوز المقصود من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح على حق الأغلبية بترشيح رئيس للحكومة”.
ويجري ذلك وسط تشكيك بجدية المعسكر الرافض للزرفي، بتقديم الدعم للكاظمي. وشككت النائبة عن كتلة “التغيير” الكردية، سروة عبد الواحد، بنوايا الكتل التي طرحت اسم الكاظمي، معتبرة ذلك، في تغريدة لها، “محاولة لقتل الوقت والضغط على الزرفي للانسحاب”.
من جهته، اتخذ البرلمان العراقي خطوات لتشكيل لجنة لدراسة البرنامج الحكومي الذي قدمه الزرفي، قبل تحديد جلسة منح الثقة. وقال نائب رئيس البرلمان بشير الحداد، في بيان إنه “سيتم تشكيل لجنة برئاسة أحد نائبي رئيس البرلمان لدراسة البرنامج، وبعدها سيتم تقرير موعد لعقد جلسة استثنائية لمنح الثقة والاتفاق على آلية التصويت والحضور”.
العربي الجديد