يبدو أن الخلاف كان لا يزال مستمرا أمس الأربعاء بين كبار منتجي النفط في العالم،السعودية وروسيا والولايات المتحدة، قبل اجتماعين قد يكونا حاسمين اليوم الخميس وغدا الجمعة بشأن خفض محتمل كبير للإنتاج لتعزيز أسعار الخام التي هوت بفعل انهيار الطلب بسبب فيروس كورونا وحرب الحصص السوقية بين السعودية وروسيا.
ضرورة اشراك أمريكا
وألمحت السعودية وروسيا، اللتان دب بينهما خلاف بعد انهيار اتفاق سابق لكبح الإمدادات في مارس/آذار، إلى أنهما قد توافقان على تخفيضات كبيرة للإنتاج لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا شاركت الولايات المتحدة وغيرها من المنتجين من خارج ما يُعرف بمجموعة «أوبك+»، التي تضم منظمة الدول المنتجة للنفط «أوبك» وحلفائها من المنتجين غير الأعضاء وأهمهم روسيا.
لكن وزارة الطاقة الأمريكية قالت أمس أن إنتاج الولايات المتحدة ينخفض بالفعل بدون تحرك حكومي في تكرار لآراء البيت الأبيض الذي يصر على أنه لن يتدخل حتى فيما ينخفض الطلب العالمي نحو 30 في المئة.
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي أنه توسط في اتفاق بين الرياض وموسكو لخفض غير مسبوق للإنتاج يصل إلى 15 في المئة من إمدادات الخام العالمية.
لكن موسكو والرياض لم تلمحا علنا بعد إلى اتفاق بشأن مستوى أي تخفيضات أو كيفية توزيعها بين أعضاء «أوبك+».
وأمس قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، حين سُئل عن موقف موسكو قبل محادثات «أوبك+» اليوم الخميس «فلننتظر للغد أو اليوم التالي»، في إشارة إلى عقد وزراء الطاقة من دول مجموعة العشرين أيضا مؤتمرا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة غداً الجمعة.
وينبغي أن تتفق الرياض وموسكو وآخرون على مستوى إنتاج وطني أو مستوى أساس لحساب التخفيضات، وهي قضية غير واضحة منذ اجتماع «أوبك+» الصاخب الشهر الماضي في فيينا، الذي قاد إلى إلغاء قيود الإنتاج وسباق على حصص السوق ليغمر المعروض سوقا تعاني من تخمة بالفعل.
ورفعت السعودية الإنتاج إلى مستوى قياسي عند 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان من أقل من عشرة ملايين برميل يوميا في مارس/آذار. وكذلك رفعت الكويت والإمارات إنتاجيهما.
وقالت مصادر في «أوبك» أن الرياض تريد حساب التخفيضات من مستويات أبريل/نيسان/ ولكن روسيا قالت إنها تريد حسابها على المستويات التي كانت قائمة في الربع الأول.
وقال مصدر «أوبك» أن «القضية ما زالت مستوى الأساس». وحين سُئل عن مستوى الأساس الذي يجري التفاوض بشأنه، قال «أبريل مقابل أي مستوى قبل أبريل».
لكن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين امتنع أمس عن الإفصاح عن موقف روسيا في اجتماع اليوم. لكنه قال ردا على سؤال في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين بشأن ما إذا كان الانخفاض الطبيعي في إنتاج النفط بسبب ضعف أسعار الخام سيوضع في الحسبان «إن هذا لا يعادل خفضا مشتركا».
وأضاف «هناك بالتأكيد أنواع مختلفة من التخفيضات. أنت تقارن تراجعا إجماليا في الطلب مع تخفيضات تستهدف إحداث توازن في الأسواق العالمية. هذان مفهومان مختلفان ولا يمكن أن يكونا متساويين».
وقالت وكالة تاس الروسية للأنباء أن أي تخفيضات ستستمر ثلاثة أشهر بدءٍ من مايو/أيار، في حين لم يشر آخرون لفترة استمرار الخفض. وقالت إيران، المستثناة من اتفاق «أوبك+» السابق، أن تفاصيل فترة الأساس ومساهمة كلٍ من الولايات المتحدة وكندا، يجب الاتفاق عليها قبل تحديد موعد عقد الاجتماع.
قال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه أنه «في غياب أي نتيجة واضحة وتوافقية» فإن فشل المحادثات «قد يفاقم بيئة الأسعار المنخفضة الحالية أكثر».
وما زالت أسعار النفط، التي نزلت إلى أقل مستوياتها في نحو عقدين،عند نصف مستواها في نهاية 2019 قبل أن تدفع أزمة فيروس كورونا الحكومات لمطالبة مواطنيها بالبقاء في المنازل مما أدى إلى انهيار الطلب على الوقود.
وتقول الولايات المتحدة، التي ارتفع إنتاجها في السنوات القليلة الماضية بدعم من ثورة إنتاج النفط الصخري وعاونته مساعي «أوبك+» السابقة لدعم الأسعار، أن انخفاض إنتاجها سيحدث بوتيرة بطيئة على مدى عامين.
وتظهر تقديرات وزارة الطاقة الأمريكية أن إنتاج النفط سيبلغ في المتوسط 11 مليون برميل يوميا في 2021، وهو ما يعني انخفاضا بنحو مليوني برميل يوميا من ذروة 2019.
وتمنع قوانين مكافحة الاحتكار الأمريكية الشركات من كبح الإنتاج لرفع الأسعار، لكن الجهات التنظيمية في الولايات أو الحكومة الاتحادية يمكن أن تصدر تعليمات بخفض مستويات الإنتاج.
تهديد للسعودية من مجلس الشيوخ الأمريكي
وقالت «أوكسيدنتال بتروليوم» الأمريكية المنتجة للنفط أنها تعارض أي قيود على الإنتاج تفرضها جهات تنظيمية في تكساس أكبر ولاية منتجة للنفط في الولايات المتحدة. وقال منظمون أنهم سيجتمعون الأسبوع المقبل لدراسة خفض الإنتاج. وتظهر الضغوط السياسية الأمريكية في تقديم أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ مشروع قانون لسحب أنظمة دفاعية وقوات من المملكة العربية السعودية ما لم تخفض الإنتاج. وقال مصدر أن أعضاء من مجلس الشيوخ سيتحدثون مع مسؤولين سعوديين في هذا الشأن بعد غدٍ السبت.
وقالت مصادر في «أوبك» أمس أن أي اتفاق نهائي بشأن حجم تخفيضات «أوبك+» خلال اجتماع اليوم يتوقف على الأحجام التي سيبدي منتجون آخرون مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل استعدادا لخفضها.
وأشار بعض المنتجين من خارج «أوبك+» إلى الرغبة في المساعدة. وقالت شركات طاقة في كندا، صاحبة ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، أنها خفضت الإنتاج بالفعل بعد هبوط حاد للأسعار
يذكر أن الطلب على النفط منخفض بنحو 30 في المئة، بما يعادل حوالي 30 مليون برميل يوميا، عما كانهقبل انتشار وباء كورونا.
القدس العربي