على الرغم من تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومحاولته احتواء الأزمات وحروب الأسعار التي اندلعت في سوق النفط منذ منتصف الشهر الماضي، لكن حتى الآن ما زالت السوق ترزح تحت ضغط تهاوي الأسعار التي تحولت إلى حرب تصريحات بين كبار المنتجين في السوق.
في تعاملات أمس الثلاثاء، تحوّلت أسعار النفط للهبوط بأكثر من 9 في المئة عند تسوية التعاملات، مع ترقب السوق لاجتماع “أوبك+” وبعد خفض تقديرات أسعار الخام.
وأمس، قال الرئيس الأميركي إن منظمة أوبك لم تطلب منه دفع منتجي النفط المحليين لخفض إنتاجهم لدعم الأسعار، مضيفاً أن الإنتاج الأميركي يتراجع استجابة لانهيار الأسعار. وعند تسوية تعاملات أمس، انخفض سعر العقود الآجلة لخام “نايمكس” الأميركي تسليم مايو (أيار) المقبل بنحو 9.4 في المئة إلى 23.63 دولار للبرميل بعد أن سجّل مستوى 27.24 دولار للبرميل خلال الجلسة.
كما انخفض سعر العقود الآجلة لخام “برنت” تسليم يونيو (حزيران) المقبل، بنحو 3.4 في المئة ليصل إلى 31.39 دولار للبرميل بعد أن سجل مستوى 34.18 دولار للبرميل في وقت سابق من التعاملات.
تخفيض كبير لإنفاق الشركات العالمية
في تقرير حديث، ترى “ميركوريا إنيرجي جروب”، التي تعتبر واحدة من أكبر تجار النفط في العالم، أن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة مرنة للغاية وترفض عمليات إغلاق الإنتاج رغم انهيار أسعار الخام.
وفي وقت سابق، قال الرئيس التنفيذي للشركة، ماركو دوناند، إنه “في الولايات المتحدة، نقوم بالشراء عند مستويات قريبة من الصفر، ولكن بسبب خطوط الأنابيب المختلفة، والتزامات البنوك، فإنهم مجبرون على البيع. الشركات تستمر في العمل لأنها تأمل أنه عندما يعود الطلب على الخام سيمكنهم العودة إلى الحياة، لذلك صناعة النفط الصخري مرنة للغاية”.
وأجبر انهيار أسعار النفط التاريخية في شهر مارس (آذار) الماضي العديد من شركات الإنتاج الأميركية، بما في ذلك الشركتان العملاقتان “إكسون موبيل” و”شيفرون”، على الإعلان عن تخفيضات كبيرة في الإنفاق المتوقع وعمليات الحفر. ولا يمكن لأي شركة في صناعة النفط الصخري الأميركي تحقيق أرباح عند سعر 20 دولاراً لخام “نايمكس” الأميركي.
ومنذ الانخفاض الحاد لأسعار النفط في أوائل الشهر الماضي بسبب انهيار اتفاق أوبك وحلفائها، قامت 22 شركة أميركية مستقلة بخفض الإنفاق لعام 2020 بمقدار 20 مليار دولار، وهو متوسط خفض يوزاي نحو 35 في المئة. كما خفّضت ثلاث شركات النفقات الرأسمالية بنسبة 50 في المئة أو أكثر، بحسب بيانات حديثة لشركة “وود ماكنزي”.
وأخيراً، أعلنت شركة “وايتنج بتروليوم كوربوريشن”، أنها قدمت طلباً لحماية الشركة من الإفلاس، لتصبح أول ضحية رئيسة لحرب أسعار النفط ووباء كورونا الذي دفع أسعار النفط إلى مستوى 20 دولاراً. وفي حين سجلت العقود الآجلة للنفط أدنى مستوى لها منذ 18 عاماً الشهر الماضي، تراجعت أسعار التسليم الفوري للبراميل من أوروبا إلى أميركا الشمالية لتباع بخصم على المؤشر وتتداول بسعر يصل لأقل من 10 دولارات. في ما انخفض عمل مصافي التكرير حول العالم بنحو 15 مليون برميل يومياً، مع هبوط الطلب بالفعل بمقدار 20 مليون برميل يومياً أو أكثر.
وكالة الطاقة الأميركية تخفض توقعاتها بشكل حاد
في السياق ذاته، خفّضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بشكل حاد توقعاتها لأسعار النفط وإنتاج الخام في الولايات المتحدة خلال 2020. وتوقعت، في تقرير توقعات الطاقة قصيرة الأجل، أن يبلغ متوسط سعر خام “نايمكس” متوسط 29.34 دولار للبرميل في العام الحالي بانخفاض نسبته 23 في المئة عن التقديرات السابقة في الشهر الماضي.
كما قلّصت إدارة معلومات الطاقة توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت القياسي إلى 34.04 دولار للبرميل في عام 2020، بتراجع 24 في المئة عن التوقعات السابقة. وبالنسبة إلى العام المقبل (2021)، ترى الوكالة الأميركية أن سعر خامي “برنت” و”نايمكس” سيسجل 41.21 دولار للبرميل و45.62 دولار للبرميل على التوالي.
من ناحية أخرى، قالت إدارة معلومات الطاقة إنه من المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاج الولايات المتحدة من النفط خلال العام الحالي 11.76 مليون برميل يومياً، بانخفاض 9.5 في المئة عن التقديرات السابقة. كما خفضت الوكالة توقعات إنتاج الخام الأميركي في العام المقبل بنسبة 13 في المئة إلى 11.03 مليون برميل يومياً.
كما خفّضت شركات النفط والغاز الكبرى في العالم الإنفاق هذا العام، بعد انهيار أسعار النفط بسبب تراجع الطلب وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا.
وبحسب مسح حديث لوكالة “رويترز”، بلغت التخفيضات التي أعلنت عنها تسع شركات نفط عالمية كبرى منها “إكسون موبيل” و”رويال داتش شل”، مجتمعة، 38 مليار دولار، ما يعادل خفض بنسبة 22 في المئة من خطط الإنفاق الأولية البالغة نحو 175 مليار دولار.
وأمس، أعلنت “إكسون موبيل” خفض ميزانيتها لعام 2020 بمقدار 10 مليارات دولار إلى 23 مليار دولار. كما خفّضت شركة “بي.بي” خطتها للإنفاق لعام 2020 بنسبة 25 في المئة، كما ستخفّض الإنتاج من قطاع النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة.
مجموعة العشرين تعقد اجتماعاً الجمعة
وفي إطار احتواء الأزمة القائمة، كشفت دول مجموعة العشرين أن السعودية، وهي الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، ستعقد اجتماعاً استثنائياً عن بُعد لوزراء الطاقة في المجموعة الجمعة المقبل. وأوضحت، في بيان، أن الاجتماع يأتي لتعزيز الحوار والتعاون العالميين الهادفين إلى تحقيق وضمان استقرار أسواق الطاقة من أجل تعزيز نمو الاقتصاد العالمي.
وأوضحت أن وزراء الطاقة في مجموعة العشرين سيعملون جنباً إلى جنب مع الدول المدعوة ومنظمات إقليمية ودولية؛ للتخفيف من تأثير جائحة كورونا على أسواق الطاقة العالمية. وأكد البيان أن هذا الاجتماع يأتي في وقت تركّز فيه رئاسة السعودية لمجموعة العشرين على التخفيف من آثار جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي.
ودعت السعودية، في وقت سابق، إلى عقد اجتماع عاجل لدول أوبك+ ومجموعة من الدول الأخرى؛ لمناقشة توازن السوق. وفي وقت سابق، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده مستعدة لإجراء تخفيضات عميقة في إنتاج النفط مع الولايات المتحدة وأوبك.
وقال مصدر سعودي رفيع إن الرياض ستعلن أسعار البيع الرسمية لخاماتها لمايو (أيار) المقبل في 10 أبريل (نيسان) الحالي، وذلك بعد عقد اجتماع أوبك+ وبغرض التواصل والتوصل إلى اتفاق جديد مع منتجي النفط.
اندبندت عربي