دويلات ضمن الدولة.. الأحزاب اللبنانية في مواجهة كورونا

دويلات ضمن الدولة.. الأحزاب اللبنانية في مواجهة كورونا

منذ الأيام الأولى لبدء انتشار فيروس كورونا في العالم، استنفرت الأحزاب اللبنانية أعضاءها ومناصريها بهدف التصدي لهذا الوباء ومنع تفشيه، وسط تساؤلات عن سبب تسابق القوى السياسية لتقديم الخدمات التي يفترض أن تكون من مهام الدولة.

وانبرى التيار الوطني الحر، والحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الله، وحركة أمل، وحزب القوات اللبنانية، وغيرها إلى وضع خطط ضمن مناطق نفوذهم، وعملوا على تهيئة الطواقم الطبية وإطلاق حملات التعقيم، وتجهيز مراكز متخصصة للحجر الصحي، فضلا عن توزيع المساعدات لدعم العائلات المحتاجة.

وأثار هذا الحضور اللافت لمختلف الأحزاب السياسية تساؤلات عن دور الدولة وأجهزتها في هذه الظروف، حيث نافست القوى الحزبية المؤسسات الحكومية في الكثير من النواحي، حتى ذهب البعض إلى وصف ما تقوم به الأحزاب بأنه تعزيز لنفوذها السياسي والطائفي من خلال إقامة ما يشبه الدويلات ضمن الدولة.

استنفار
من جهته، وضع حزب الله قرابة 25 ألفا من الطواقم الطبية والمتطوعين التابعين له في حالة استنفار، وأعد خطة تقوم على العمل للحد من انتشار الوباء، وفق ما أوضح مسؤول ملف المستشفيات في الحزب أحمد كحيل.

وقال كحيل للجزيرة نت إن منظومة حزب الله الصحية نُظمت بشكل دقيق، وبُينت 32 غرفة للتشخيص الأولي وتصنيف الحالات، كما جُهزت مستشفيات وأربعة أماكن مخصصة للحجر والعزل.

وأضاف كحيل أن حزب الله اعتمد التخطيط لأسوأ السيناريوهات في حال تفاقم الأمور، وهو يراقب تطور أرقام المصابين.
اعلان

أما حزب القوات اللبنانية فعمد إلى ما سماه الاستنفار الاجتماعي لتقديم المساعدة المطلوبة، حيث نفى الأمين المساعد لشؤون المصالح في الحزب غسان يارد وجود أي نية للحلول مكان الدولة، معتبرا أنه ليست لديهم الإمكانات لذلك.

وأضاف يارد للجزيرة نت أن مبادرة حزبه تركزت على تقديم العون لكبار السن، ومساعدة الطلاب على إكمال عامهم الدراسي، وتأمين مساعدات عينية للمحتاجين.

وقال يارد إن أحد أعضاء البرلمان المنتمين لكتلة حزبه النيابية خصّص فندقا يملكه في منطقة جبل لبنان للحجر الصحي.

بدورها قالت مارتين نجم نائبة رئيس التيار الوطني الحر للشؤون الإدارية إن التيار عمد إلى تجهيز 30 مكانا للحجر الصحي تضم نحو 400 غرفة في مختلف المناطق.

وأضافت نجم للجزيرة نت أن متطوعي التيار الوطني الحر باشروا حملات تعقيم، ووزعوا مساعدات للعائلات المحتاجة، وأنه جرى تخصيص منصة إلكترونية لمساعدة نحو 2300 طالب بالتعلم عن بعد.

تعزيز الحضور
وسلّط الدور الذي قامت به الأحزاب السياسية الأضواء على “ضعف” حضور الدولة في الكثير من الأماكن، حيث رأى الصحفي أمين قمورية أن الأحزاب، ومنذ الاحتجاجات الشعبية التي شهدها لبنان بدءا من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شعرت أن هناك شرخا بينها وبين بيئتها الشعبية.

واعتبر قمورية أن انتشار فيروس كورونا شكّل فرصة مناسبة لهذه الأحزاب كي تعيد الاعتبار لحضورها خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وعن ضعف الدولة وأجهزتها، قال قمورية للجزيرة نت إن المستشفيات الحكومية تديرها فعليا الأحزاب في مناطق نفوذها، مبديا تخوفه من أن توصل مثل هذه الممارسات إلى نوع من الفدرالية، لا سيما أن ازدياد قوة الأحزاب الطائفية يضعف الدولة.

من جهته، قال الباحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية الدكتور سعيد عيسى إن هذا الدور للأحزاب ليس جديدا، فهو يعود إلى عام 1975 بعد تفكك الدولة نتيجة الحرب الأهلية، كما يعود إلى حاجة الناس للخدمات.

وأضاف أن الأحزاب تقدم جزءا من هذه الخدمات من خلال مؤسسات الدولة أيضا، لافتا إلى أن سيطرة الأحزاب الطائفية رسخت ارتباط الطوائف بالقوى السياسية أكثر من الدولة ومؤسساتها.

المصدر : الجزيرة