الكاظمي يحظى بدعم السيستاني لإخضاع فصائل الحشد الشعبي

الكاظمي يحظى بدعم السيستاني لإخضاع فصائل الحشد الشعبي

بغداد – تقود أربعة فصائل عراقية مسلحة، مقرّبة من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، حملة لإقناع مجموعات مقاتلة شبه رسمية بتغيير جهة ارتباطها لتكون الحكومة العراقية بدلا من هيئة الحشد الشعبي، التي تسيطر عليها إيران كليا.

وقامت هذه الفصائل الأربعة رسميا بفك ارتباطها بهيئة الحشد الشعبي والتحقت بالقيادة العامة للقوات المسلحة، وفقا لمرسوم وقعه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي بصفته قائدا أعلى للمؤسسة العسكرية.

وقالت مصادر مطلعة على تطورات هذا الملف، إن تحول الفصائل المسلحة الأربعة هو الخطوة الأولى في مشروع يستهدف سحب المجموعات المنخرطة في هيئة الحشد الشعبي من مساحة الهيمنة الإيرانية.

ويقول مراقبون إن الفصائل التي يقودها مقربون من السيستاني وشاركت في الحرب ضد تنظيم داعش، تدرس منذ أسابيع اتخاذ هذه الخطوة، بعد تعيين أبوفدك قائدا عاما لأركان قوات الحشد الشعبي، خلفا لأبومهدي المهندس، الذي قتل في الغارة التي استهدفت الجنرال الإيراني قاسم سليماني، مطلع العام الجاري قرب مطار بغداد.

وتقول المصادر إن ميثم الزيدي، رجل الدين المقرب من أحد وكلاء السيستاني البارزين، طرح خطة لانتقال الفصائل الراغبة في مغادرة الهيئة التي تديرها إيران إلى القيادة العامة للقوات المسلحة.

20ألف مقاتل ينهون ارتباطهم بأبوفدك قائد أركان الحشد الشعبي المرتبط بطهران

ولم يكن طرح هذه الخطة ممكنا لولا تزايد حظوظ رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وتفاوض الزيدي مع الكاظمي خلال الأيام الماضية، وحصل على تعهد بعدم تذويب فصائل الحشد الشعبي التي تنتقل طوعا من الهيئة إلى القيادة العامة للقوات المسلحة في أي تشكيل نظامي آخر، للحفاظ على رمزيتها التي ارتبطت بالانتصارات التي حققتها خلال الحرب ضد تنظيم داعش.

وتقول مصادر مطلعة إن الخطة التي يعكف الزيدي على تنفيذها، تحظى بمباركة السيستاني، لذلك فإن التصدي لها يعني تحدي رجل الدين الأكثر تأثيرا في صفوف الشيعة الاثني عشرية في العراق والعالم.

وتقول المصادر إن قنوات التواصل بين الفصائل الأربعة ومجموعات أخرى عديدة، مفتوحة، لإقناعها بأن المستقبل الآمن يتطلب الارتباط بالقائد العام للقوات المسلحة، وليس بهيئة يقودها أبوفدك.

وتتضمن الخطة تحديد مهلة أمام الفصائل التي ترغب في الارتباط بمكتب القائد العام كي تحسم أمرها، على أن تتخذ الحكومة قرارا باعتبار المجموعات التي تصر على الارتباط بأبوفدك ميليشيات خارجة عن القانون، لا يسمح لها بممارسة أي أنشطة على أرض العراق.

وتقول مصادر سياسية عراقية إن هذه الخطة ستشكل اختبارا حاسما لعراقية هذه الفصائل، ومدى التزامها بالقرار الوطني، بعدما قدمت نفسها طيلة سنوات على أنها جزء من مشروع مقاومة عابر للحدود، يستهدف طرد الولايات المتحدة من المنطقة وتدمير السعودية والقضاء على إسرائيل.

ولا يستبعد مراقبون وقوع احتكاكات داخلية لمنع بعض الفصائل من الاستجابة لخطة الالتحاق بالمؤسسة العسكرية الرسمية، وسط رهان على أن الشارع الشيعي سينبذ أي ميليشيا مقربة من إيران إذا تورطت في أي نزاع مسلح.

ويقول المدون علي فاضل إن “الخلاف الواضح منذ سنين بين حشد المرجعية وحشد المالكي المتمثل في الفصائل الولائية التابعة عقائديا لإيران ما هو إلا رسالة للشعب وللحكومة وأميركا، بأن حشد إيران لا يمثلنا”.

ويضيف أن “التشظي الواضح بين الفصائل يُنذر بمعركة لتكسير العظام داخليا”.

ويرى مراقبون أن هناك جملة أمور تساعد على تنفيذ هذه الخطة، التي يتمثل هدفها النهائي في وضع حد لسلام الميليشيات المنفلت، من بينها فرصة الكاظمي الكبيرة لتشكيل الحكومة، وما عرف عنه من موقف مناهض للفصائل الشيعية، وتراجع مستوى التأثير الإيراني في العراق وسوريا بسبب العقوبات الأميركية، فضلا عن الانشغال الداخلي الإيراني منذ أسابيع باحتواء وباء كورونا.

ويقول مراقبون إن هذه التحولات في الجغرافيا السياسية المحيطة بإيران، ربما تدفعها إلى الانكفاء الداخلي خلال الأشهر والأعوام القادمة، بعدما أثبتت التجارب الميدانية أن نطاق الدمار سيتسع في أي دولة تقرر التدخل في شؤونها.

وكرس تعيين أبوفدك الهيمنة الإيرانية المطلقة على هيئة الحشد الشعبي، بالرغم من أنها مؤسسة تابعة للحكومة العراقية.

وقبل مقتل سليماني، لم يكن عبدالمهدي يجرؤ على إصدار أي أوامر لهيئة الحشد الشعبي.

وعندما ثبت تورط عناصر ضمن ميليشيات مرتبطة بالحشد في انتهاكات وتجاوزات خلال العام الماضي، أصدر عبدالمهدي سلسلة أوامر بإخلاء مقرات تسيطر عليها مجموعات مسلحة ورفع نقاط تفتيش غير نظامية داخل المدن، ولم يجد من يصغي إليه.

وعندما قُتل المهندس، لم يتوقع أحد أن يكون خليفته شخصا لم يُعرف له اسم صريح، بل مجرد كنية سرية على غرار رجال العصابات والمافيا، وكل مؤهلاته أنه شديد الولاء لإيران.

ويمكن لأبوفدك أن يحرك قوة عسكرية قوامها 150 ألف شخص، وهو عدد أكثر من كاف للسيطرة على العاصمة العراقية برمتها.

والآن، انخفض عديد هذه القوة إلى 130 ألفا، بعد التحاق 20 ألف مقاتل بمكتب القائد العام للقوات المسلحة، ومن المرجح أن يواصل الانخفاض خلال الأسابيع القليلة القادمة.

العرب