ولايات الحزام الإنجيلي الأميركية قللت من أهمية الجائحة

ولايات الحزام الإنجيلي الأميركية قللت من أهمية الجائحة

قضى عشرات القساوسة عبر ولايات الحزام الإنجيلي بفيروس كورونا بعد أن قللت الكنائس وقلل المبشرون الإنجيليون على شاشة التلفزيون من أهمية الجائحة، وحثوا مرتادي الكنيسة فعلياً على انتهاك إجراءات التباعد الاجتماعي.

تأكد إلى الآن وفاة 30 رئيساً من رؤساء الكنائس داخل أكبر طائفة أفريقية أميركية خمسينية في البلاد جراء الوباء، فيما تحدى أعضاء الكنيسة تحذيرات الصحة العامة التي تقضي بتفادي التجمعات الكبرى من أجل الحؤول دون انتقال الفيروس.

ويُزعم أن الوفيات التي وقعت عبر الولايات المتحدة في مناطق تواجد “كنيسة الله في المسيح” مرتبطة بالمآتم وغيرها من الاجتماعات بين رجال الدين وعاملين آخرين في الكنيسة أثناء الجائحة.

ووقعت هذه المأساة في أوساط أحد أكبر جماعات السود التي تتبع الحركة الخمسينية بعد إصدار كثير من الكنائس الأميركية، لا سيما الجماعات المسيحية المُحافِظة منها، رسالة تحدٍ تقضي بتجاهل أوامر الحكومات المحلية وحكومات الولايات التي تمنع التجمعات، فيما تُستدعى الشرطة باستمرار كي تفرض تطبيق الحظر وتُحمل المبشرين المسؤولية عن انتهاكه.

وأوقع الفيروس أثراً متبايناً للغاية بين تجمعات الرعايا السود التي تعتمد معظمها على العبادة الجماعية.

لكن على الرغم من ارتفاع عدد الوفيات، لم يكتفِ معظم رؤساء الكنائس الأميركية عبر ولايات الحزام الإنجيلي بالاستمرار بإقامة القداديس، إنما حثوا المصلين كذلك على المواظبة على تقديم العشور- بما في ذلك شيكات المساعدة الحكومية الأخيرة- دعماً لعملهم.

وكان الأسقف جيرارد غلين، مؤسس “كنيسة الخلاص الجديد الإنجيلية” في تشسترفيلد، فيرجينيا ورئيسها منذ عام 1995، أول كاهن أسود البشرة في جهاز شرطة المدينة. وتعهد أنه سيستمر بإلقاء العظات “إلا إذا دخلت السجن أو رقدت في المستشفى”، قبل أن يتوفى بفيروس كورونا في وقت سابق من الشهر الحالي.

وقال الأسقف لرعيته إنه يؤمن أن “الله أكبر من هذا الفيروس المخيف”، قبل أيام فقط من قيام حاكم ولاية فيرجينيا رالف نورذام بحث الناس على تجنب التجمعات “غير الضرورية”.

وخلال القداس الذي ترأسه يوم 15 مارس (آذار) بحضور نحو 200 شخص، قال الأسقف “يسعدني وجودي داخل بيت الرب. كان يمكن أن تجري الأمور بشكل مختلف. كان من الممكن للحكومة أن تقول إنه يُمنع علينا التجمع كلياً. تخيلوا فقط لو تمتعت الحكومة بالسلطة كي تقول لنا إنه لا يمكننا ارتياد الكنيسة. ألا يسعدكم أنكم استطعتم المجيء بحرية؟”.

والتزم معظم المجمعات الكنسية إجراءات ملازمة المنزل وفقاً لاستطلاع آراء جديد وجد أن نحو 90 منها أغلقت كنائسها وطلب من أعضائها الصلاة داخل منازلهم.

لكن 20 في المئة من أبناء الأبرشيات يقولون إنهم يُدعَون إلى حضور القداديس شخصياً فيما يواصل 17 في المئة حضورها فعلاً. ووجد الاستطلاع أن الإنجيليين أكثر ميلاً إلى الإبلاغ عن ارتيادهم الكنيسة للصلاة. وفي الولايات التي فرضت قيوداً على ارتياد الكنيسة كما في تلك التي لم تفرض تلك القيود، أعرب نحو ثلث الإنجيليين الذين يرتادون الكنيسة عن مواظبتهم على ارتيادها.

ومع أن الكثير من المسيحيين واصلوا ممارسة عقيدتهم في المنزل أو عبر متابعة البث الحي للقداديس التي تقام داخل الكنائس الخالية من المصلين، رُبطت أماكن العبادة في جميع أنحاء الولايات المتحدة ببؤر تفشي المرض.

وبيّن تقرير صادر عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها كيف يمكن للتجمعات الدينية أن تكون ناقلة فتاكة للمرض.

وكشفت المراكز كيف تحول مأتم في شيكاغو إلى “حدث بالغ العدوى لعب دوراً كبيراً في تفشي” الفيروس.

ومَرِضَ عدة أشخاص بعد مراسم الجنازة، وظهرت على أحدهم عوارض كوفيد-19 بعد يومين على حضوره المأتم فأدخل إلى المستشفى بعدها بأسبوع ورُبط إلى جهاز تنفس اصطناعي. ثم توفي.

وعقد قس “الحركة الخمسينية” في فلوريدا رودني هوارد براون عدة قداديس داخل كنائس مكتظة بالمصلين، على الرغم من تحذيرات المسؤولين الصحيين والأطباء بتفادي التجمعات الكبيرة لمنع انتشار المرض، الذي وصفه بـ”الوباء الوهمي” قبل اعتقاله لانتهاكه قوانين التباعد الاجتماعي.

وقال مأمور شرطة مقاطعة هيلزبورو تشاد كرونيستر، إن “استهتار (القس) الطائش بأرواح البشر عرض مئات الأشخاص في رعيته للخطر”، إضافة إلى الآلاف من سكان فلوريدا.

حتى أن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل تدخل في قواعد التباعد الاجتماعي التي وضعتها لويفيل، فيما حذر عمدة المدينة السكان من الاحتشاد داخل الكنائس خلال عيد الفصح. وقال “يجب ألا يُخَص المتدينين بمعاملة ظالمة”.

وظهر حق العبادة باعتباره معركة من المعارك الرئيسية في سياق حرب الثقافة التي ترتسم معالمها والتي نجمت عن فيروس كورونا. وسلطت هذه المسألة الضوء بشكل كبير على الدور الضخم الذي يلعبه التيار الأميركي المُحافظ عبر الولايات المتحدة وداخل البيت الأبيض.

كما جددت الجائحة موجة الدفاع عن التعديل الدستوري الثاني الذي يعطي الحق بحمل السلاح، وزعم الاتحاد القومي للأسلحة أن الإغلاق أثناء الجائحة فرصة “لهم” كي “ينالوا من أسلحتكم”، فيما أُغلقت متاجر بيع الأسلحة مع غيرها من المؤسسات “غير الضرورية”. وكرر دونالد ترمب هذه المزاعم خلال سلسلة من التغريدات التي أطلقها من أجل “تحرير” الولايات التي يحكمها ديمقراطيون، بما فيها فيرجينيا، حيث حقوق حمل السلاح “تحت الحصار” بحسب تعبيره. كما استغل المسؤولون الجمهوريون هذه الأزمة لإغلاق العيادات التي تُجري عمليات الإجهاض وإدراج منع تقديم الرعاية الطبية بعد إجراء عمليات الإجهاض ضمن الأوامر الحكومية لوقف العمليات الجراحية غير الضرورية.

ودافع روي مور الذي سانده الرئيس الأميركي خلال محاولته الفاشلة للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما، عن قس لويزيانا، توني سبل، بعد توجيه التهم له على خلفية تجاهله المستمر لحظر التجمعات الكبيرة في الولاية.

وقد رُبطت كنيسة “هيكل الحياة” بوفاةٍ واحدة على الأقل جراء فيروس كورونا.

وعزا الطبيب الشرعي في أبرشية إيست باتون روج سبب وفاة رجل يبلغ من العمر 78 عاماً زار الكنيسة إلى كوفيد-19. فيما اعتبر القس من جانبه النتائج “كاذبة”.

وتورط القس سبل في معركة قضائية على خلفية معارضته لأوامر الولاية بملازمة المنزل، إذ شدد أمام أتباعه أن “واجبهم” الاستمرار بحضور قداديس الكنيسة على الرغم من الجائحة.

وأُلقي القبض عليه أخيراً ووُجهت له اتهامات بالاعتداء العنيف لمحاولته المزعومة دهس أحد المعارضين بباص كنيسته. وقال إنه غير مذنب.

وأُدخل محاميه جيف ويتنبريك إلى مستشفى باتون روج العام الأسبوع الماضي، بسبب ارتفاع حرارته ومعاناته من سعال مستمر بعد حضوره فعاليتين داخل الكنيسة في وقت سابق من الشهر الحالي.

وفي هذه الأثناء، خطط السيد سبل لاستضافة قداس يضم 2000 شخص للاحتفال بعيد الفصح.

وقال رئيس جهاز الشرطة المركزية روجر كوركوران، إنه احتسب شخصياً دخول نحو 330 شخصاً إلى الكنيسة.

كما طلب القس سبيل من أعضاء رعيته التبرع بشيكات المُساعدة الفيدرالية التي تلقوها- وقد وُزعت في وقت سابق من الشهر الحالي بهدف دعم الأميركيين العاطلين من العمل والذين لا يعملون بما فيه الكفاية خلال الأزمة- لموقعه الإلكتروني.

كما حاول عدد من الزعماء الإنجيليين والمبشرين الإنجيليين على شاشة التلفزيون البارزين من اليمين المسيحي، الذين تستند مؤسساتهم التبشيرية إلى معجزات الشفاء، أن يستغلوا الأزمة.

وحث كينيث كوبلاند المشاهدين على دفع العُشور على الرغم من فقدانهم وظائفهم، وسط موجة غير مسبوقة من تقديم طلبات إعانة البطالة. كما ناشد جيم باكر المشاهدين التبرع لمؤسسته كي لا تُشهر إفلاسها بعد أن أوقفت شركات بطاقات الإئتمان التعامل معه بسبب بيعه “علاجاً” مزيفاً لفيروس كورونا لقاء 80 دولاراً أميركياً.

لكن الجائحة أحدثت خلافات قانونية غير مسبوقة بين حكومات الولاية والحكومات المحلية والكنائس التي يقول المحافظون إنها ستواصل العمل خلال الحجر الصحي.

وهذا الأسبوع، رد قاضٍ في محكمة فيدرالية في كاليفورنيا طلب 3 كنائس داخل الولاية بمواصلة عقد قداديس يحضرها المصلون ، يزعم أحد القساوسة أن “الكتاب المقدس أمر بها” كي يضعوا “أيديهم على الناس ويدعون لهم”.

ورد القاضي طلب كنيسة “درع الإيمان للعائلة” و”قساوسة كلمة الحياة الدولية” و”الكنيسة المُطلقة” التي زعمت بأن أمر حاكم الولاية، غافين نيوسم، بملازمة المنزل ينتهك حقوقها بموجب التعديل الدستوري الأول المتعلق بحرية الأديان.

وبعد إصدار الحكم، قالت هارميت ديلون العضو في اللجنة الجمهورية الوطنية لكاليفورنيا والرئيسة التنفيذية لمركز الحرية الأميركية، إن على الأميركيين “أن ينتظروا فرض قيود إضافية على كافة حقوقهم المدنية” من دون “نهاية منظورة”.

إليكس ودوارد

معهد واشنطن