كورونا و”مناعة القطيع”.. هل نجح خيار السويد ليصبح نموذجا عالميا؟

كورونا و”مناعة القطيع”.. هل نجح خيار السويد ليصبح نموذجا عالميا؟

قال نيلز كارلسون وشارلوتا ستيرن ودانيال بي كلاي في مجلة فورين أفيرز الأمريكية إن دولة السويد تعاملت بشكل استثنائي مقارنة بدول أخرى في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وتراهن على ما يسمى “مناعة القطيع”.

ويقول الكتاب إن السويد تعول كثيرا على سياسة التباعد الاجتماعي وتفهم السكان لهذه السياسة، بدل أن تفرض الحجر الصحي أو أن تفرض حالة الطوارئ الوطنية، لكن مع فرض بعض القيود بهدف “تسطيح المنحنى”، منها منع التجمعات التي تزيد عن 50 فردا، والتعليم عن بعد في المدارس الثانوية والجامعات.

وبحسب المقال، لم تعلن السلطات السويدية بشكل رسمي أن الهدف هو الوصول إلى مناعة القطيع، لكن الحكومة تعتبر زيادة المناعة جزءا من الإستراتيجية الأوسع لها، أو على الأقل نتيجة متوقعة لإبقاء المدارس والمطاعم ومعظم الشركات مفتوحة.

يعتقد معظم العلماء أن مناعة القطيع قد تتحقق عندما يصاب أكثر من 60% من السكان بالفيروس

ويعتقد معظم العلماء أن مناعة القطيع قد تتحقق عندما يصاب أكثر من 60% من السكان بالفيروس.

وتوقع أحد كبار علماء الفيروسات في وكالة الصحة العامة السويدية أن تصل مدينة ستوكهولم إلى “مناعة القطيع” في وقت مبكر من مايو/أيار، ولكن تحقيق 40% من مناعة القطيع بالعاصمة قد يكون كافيا لوقف انتشار الفيروس بحلول منتصف يونيو/حزيران المقبل، بحسب عالم رياضيات في جامعة ستوكهولم وبيانات يجري تحديثها بشكل يومي.

ويبدو أن أسلوب السويد في التعامل مع الأزمة لاقى استحسانا من بعض الأوساط، بحسب المقال، لأنها تحافظ على وضع اقتصادي شبه طبيعي، وعلى نسبة وفيات أقل مقارنة بدول أوروبية مثل إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا، لكن البعض يوجه لها انتقادات بسبب أن معدل الوفيات لديها تجاوز بقية دول الشمال (مثل النرويج وفنلندا)، إضافة إلى عدم توفير الحماية للسكان المسنين والمهاجرين.

وقالت السلطات السويدية إن ارتفاع معدل الوفيات في البلاد سينخفض مع الوقت، وإنه عندما تصل موجة ثانية مميتة من الفيروس ستكون السويد قد تجاوزت الفترة الأسوأ ووضعتها خلفها.

ورغم أن استجابة السويد للفيروس لم تكن مثالية، إلا أنها نجحت على الأقل في تقوية مناعة الشبان والأشخاص الأصحاء، مع المحافظة على تسطيح المنحنى، ولم يخرج الوضع عن السيطرة في وحدات العناية المكثفة في البلاد ولم يجر إرهاق الطاقم الطبي (كما حدث في دول أخرى).

رغم أن استجابة السويد للفيروس لم تكن مثالية، إلا أنها نجحت على الأقل في تقوية مناعة الأصحاء

ويبدو أن عددا من الدول بدأت تعتمد بعض أوجه الطريقة السويدية، فقد أعادت الدنمارك وفنلندا فتح المدارس الابتدائية، وأعادت ألمانيا فتح المحلات التجارية الصغيرة، ويتوقع أن تعيد إيطاليا فتح المتنزهات قريبا، بينما تنوي فرنسا إعادة فتح أنشطة تجارية غير ضرورية.

وفي بعض الولايات الأمريكية، جرى تخفيف بعض القيود بعد طلب من الرئيس دونالد ترامب، رغم أن الأخير رفض الطريقة السويدية، ويتبين أنه يدفع البلاد نحو سياسة مشابهة.

وقد لا تنجح كل الدول بما فعلته السويد بسبب اختلاف الثقافة بين دولة وأخرى، إذ لا يقتصر الأمر على المستوى العالي من الثقة من الناس فيما بينهم، وإنما أيضا مستوى الثقة المتبادل بين الشعب والدولة.

ويختم الكتاب مقالهم بالقول إنه يجب على الدول التي تعتمد إجراءات السويد أن تتعلم من أخطائها، خصوصا فيما يتعلق بالمسنين والمهاجرين، كما يجب توفير الأقنعة وغيرها من معدات الحماية على الفور في دور رعاية المسنين.

القدس العربي