أزمة العراق المالية تعيد قضية سكان “مخيم رفحاء” السعودي إلى الواجهة

أزمة العراق المالية تعيد قضية سكان “مخيم رفحاء” السعودي إلى الواجهة

مع اشتداد الأزمة المالية والحديث عن تعثر حكومي في دفع مرتبات المتقاعدين، يعود الحديث في العراق مجدداً عن مرتبات سكان “مخيم رفحاء” السعودي، والذي تحول إلى قضية رأي عام في العراق عبر المطالبات بإلغاء ما يعرف بـ”قانون مخيم رفحاء”، الذي يمنح مرتبات وامتيازات عالية مدى الحياة لمن دخل المخيم أو أقام فيه.
و”قانون مخيم رفحاء” نسبة إلى “مخيم رفحاء”، الواقع على بعد 20 كيلومترا من مدينة رفحاء السعودية التي استقبلت فيه المعارضين لنظام صدام حسين بعد عام 1991، ودعمتهم خلال فترة التسعينيات.

وأقام في المخيم نحو 40 ألف شخص، وتبنت إدارته الأمم المتحدة حينها من خلال الإشراف عليه، وتم تقسيمه إلى 11 مربعا، في كل مربع تتوزع منازل جاهزة أقامت فيها الأسر والأشخاص الفارون من العراق، قبل توزيعهم على دول عديدة، ومن هذه الدول أستراليا والولايات المتحدة وكندا والدنمارك وفنلندا والمملكة المتحدة وإيران وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وسورية.

وبموجب القانون الذي أقره البرلمان العراقي عام 2006، الذي سمي بـ”قانون رفحاء”، يحصل كل من أقام بالمخيم، ولو لمدة أسبوع واحد، هم وعوائلهم، على مرتبات شهرية ثابتة تشمل حتى من كان رضيعا آنذاك، وبواقع مليون و200 ألف دينار شهريا، ويحصلون أيضا، وفقا للقانون، على علاج وسفر ودراسة مجانا على نفقة مؤسسة السجناء السياسيين.

ويبلغ مجموع نفقات ما يترتب على هذا القانون سنويا أكثر من 40 مليار دينار، عدا الامتيازات الأخرى بمليارات الدولارات، التي اعتبرت مستحقات لهم بأثر رجعي تسلموها دفعة واحدة، إضافة إلى قطع أراض وامتيازات تتعلق بأبنائهم وتوظيفهم في دوائر الدولة.

ومع ما صاحب انتشار فيروس كورونا من بطالة كبيرة نتيجة الإجراءات الصحية، وانخفاض أسعار النفط الذي يعتبر العمود الفقري لموازنة العراق المالية، تناقلت وسائل الإعلام المحلية معلومات تفيد بتخفيض رواتب الموظفين والمتقاعدين.

وزادت تلك المعلومات من حدة غضب الشارع العراقي على الحكومة، ملقيا صداه على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تتعلق بالكشف عن المرتبات والمخصصات المالية التي يتقاضاها سكان مخيم رفحاء، وتعليقات تعبر عن غضب شعبي من تقاضي هذه الفئة لمثل تلك المخصصات والرواتب.

في هذا السياق، قال الناشط الحقوقي رضا عبد الرحمن، لـ”العربي الجديد”، إن المظاهرات التي خرجت مؤخرا في بغداد وعدة محافظات كان من بين أهم أسبابها “الاستخفاف بشريحة الموظفين والمتقاعدين”.

وأوضح أن “من بين المشاركين في التظاهرات موظفين ومتقاعدين. وكانت من بين المطالب إلغاء مرتبات وامتيازات رفحاء”.

وأكد موظفون تحدثوا لـ”العربي الجديد” أن أي مساس برواتبهم سيشعل فتيل غضب ومظاهرات واسعة.

وتقول سناء الموسوي، الموظفة في وزارة التجارة، لـ”العربي الجديد” إن “من يجب أن تمس رواتبهم وامتيازاتهم هم سكان مخيم رفحاء الذين يتمتعون برواتب خيالية هم وعوائلهم دون أي جهد يبذلونه”.

وأضافت: “لن نسمح بتقليص رواتبنا. المظاهرات الواسعة التي شهدها بلدنا منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي قادها العاطلون. حديث الموظفين اليوم هو أن المظاهرات القادمة لن تقل أهمية عن المظاهرات السابقة، وسيقودها الموظفون. وقد يصل الأمر إلى أبعد من التظاهرات، وليس مستبعدا إعلان الإضراب عن العمل”.

عصابات مخيم رفحاء الغوغائية المجرمة بحق جنودنا المساكين المكسورين بحرب عبثية تصرف خزينة الشعب ناهيك عن استلامهم رواتب من دولهم الي استضافتهم بألاف الدولارات ومن تطالب بحقك تطلع جوكري ومخرب … الخ #الغاء_رواتب_رفحاء_الباطله

وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة العراقية في بيانات رسمية، عدم المساس بمرتبات الموظفين والمتقاعدين، لكن الخبير بالشأن السياسي العراقي علي الصميدعي، يقول لـ”العربي الجديد” إن “ما ينقذ الحكومة هو فقط انتهاء أزمة كورونا عالمياً”.

لكن لا توجد في الأفق أي توقيتات مؤكدة لانتهاء الفيروس، بحسب الدليمي، معتبرا أن “هذا سيجبر الحكومة العراقية على اتخاذ قرارات أكثر قسوة”.

وأضاف: “حكومات بلدان قوية اقتصاديا اتخذت قرارات بتخفيض مرتبات وتقليص أعداد الموظفين كانت لها بالغ الأثر على الموظفين المستهدفين، في حين أن العراق يعاني أساسا من عجز بالميزانية يرافقه ارتفاع بعدد العاطلين تصل نسبته لأكثر من 20 بالمائة”.

واعتبر الصميدعي أن “كسب الحكومة للشارع وتهدئته يكون من خلال وقف مرتبات وحوافز جماعة رفحاء وخفض رواتب الوزراء والمديرين العامين والدرجات الخاصة بنسبة كبيرة”، مشدداً على أن “إلغاء رواتب جماعة رفحاء سيكون له بالغ الأثر في تهدئة العراقيين، وستتمكن من خلاله حكومة مصطفى الكاظمي حديثة العهد من كسب ثقة العراقيين”.

ويقدّر العجز المالي بموازنة 2020 بمقدار 40 تريليون دولار؛ وذلك نتيجة تراجع أسعار النفط الذي يمثل نحو 90% من مصادر الواردات العراقية؛ ما خفض تقديرات احتساب سعر النفط المعتمد في الموازنة إلى حوالي النصف”.

كرم سعدي

العربي الجديد