نشر موقع “ذا هيل” مقالا لويل تودمان، الباحث في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، أشار فيه إلى محاولات نظام بشار الأسد تحويل كوفيد-19 لسلاح.
وقال فيه إن “كوفيد-19 فاقم من الأزمة الاقتصادية السورية بدرجات غير مسبوقة، وتراجعت قيمة العملة السورية إلى أقل من نصفها. وقال بشار الأسد إن الشعب السوري لن يعاني مصاعب اقتصادية جديدة ولهذا قرر فتح المحال التجارية والأعمال بعد شهرين من الإغلاق العام في نهاية نيسان/ أبريل ورفع منع التجوال في 26 أيار/ مايو”.
وتابع الكاتب: “لكن الحياة لم تعد إلى طبيعتها، حيث أعاد الأسد فتح البلد بعد تأكده من أن المناطق التي لا تزال بيد المعارضة أصبحت أكثر عرضة للوباء من مناطقه. وبهذه الطريقة يريد الأسد عسكرة كوفيد- 19 للفوز في الحرب الأهلية”.
ويشير الكاتب إلى أن النظام السوري حاول استغلال معاناة المدنيين طوال النزاع الذي مضى عليه أكثر من تسعة أعوام، من منع المساعدات الإنسانية ومحاصرة مناطق المدنيين وقصف قوافل المساعدات.
ومنذ كانون الأول/ ديسمبر، دمر النظام وحطم أكثر من 84 مؤسسة طبية في شمال- غرب البلاد، حيث أكد تحقيق مستقل للأمم المتحدة بأن الهجمات كانت مقصودة.
ويعلق الكاتب أن معاناة المدنيين ليست نتاجا للعمليات العسكرية، بل جاءت لمعاقبة المدنيين في مناطق المعارضة. ويقول إن كوفيد- 19 منح الأسد فرصة جديدة لاستغلال المعاناة و”هو يعرف ضعف سوريا أمام الوباء. فقد تحطم النظام الصحي السوري وأُضعف ودُمر خلال الحرب الأهلية. وفوق كل هذا ليست لديه المعدات الطبية الكافية للتعامل مع كوفيد-19.
وخلال الأزمة فرّت نسبة 90% من الكفاءات الطبية. وضد كل التوقعات، فقد تجنبت سوريا انتشارا واسعا للفيروس. ومع قرار الأسد فتح البلد من جديد، فإن إمكانية انتشار الوباء وتوسعه باتت مؤكدة. ويرى الكاتب أن الأسد عمل على هذا السيناريو، وتأكد من ضرب كوفيد-19 مناطق المعارضة وليس المناطق الموالية له. وعملت حكومته على إضعاف قدرات المجلس الديمقراطي السوري، في شمال شرق سوريا للحد من انتشار الفيروس. واشترطت الحكومة ضرورة نقل كل عينات الفحص في شمال- شرق سوريا لفحصها في مختبراتها بدمشق.
وأكدت الفحوصات وفاة شخص عمره 53 عاما من المنطقة بداية نيسان/ أبريل. إلا أن حكومة الأسد منعت منظمة الصحة العالمية من إخبار الأكراد بوصول الوباء إلى المنطقة ولمدة 11 يوما. وبعد تأخر الوقت، حيث أصيب أقارب الرجل، مما يظهر أن عمليات العدوى بدأت داخل المنطقة.
ومنع الأسد مؤسسات الأمم المتحدة التي كان تحاول مواجهة ومنع انتشار الفيروس في شمال- شرق البلاد، وطلبت منظمة الصحة من الحكومة السورية السماح لها بتوسيع قدراتها في منطقة لا تعمل فيها إلا 26 عيادة طبية من بين 297.
وعندما سمحت الحكومة أخيرا بنقل المواد الطبية في منتصف نيسان/ أبريل بعد تأكدها من وصول المواد الطبية إلى الجماعات الموالية. وأعلنت منظمة الصحة عن وصول 30 طنا من المساعدات الطبية إلى المنطقة في 11 أيار/ مايو، لكن الأكراد لم يحصلوا على أي شيء منها. وأخّرت السلطات وصول المعدات لفحص الفيروس، وتدخلت روسيا للدفاع عن حليفها، كدليل على الجهود التي يقوم بها النظام لعرقلة جهود مكافحة كوفيد-19.
وفي 19 أيار/ مايو، قال السفير الروسي بالأمم المتحدة، إن بلاده ستقوم بمنع أي جهد تمنح فيه وكالات الأمم المتحدة الصلاحية لاستخدام المعبر على الحدود السورية مع العراق ونقل المواد الطبية إلى شمال- شرق سوريا. وأجبرت روسيا منظمة الصحة العالمية على إلغاء طلب استخدام المعبر لنقل المواد الطبية.
ورغم عدم تسجيل أي حالات كوفيد-19 في محافظة إدلب، إلا أن الأسد عمل على تعريضها لمخاطر الوباء. فقد أصبحت المنطقة وخلال السنوات الماضية ملجأ لموجات من النازحين، وأدت الحملة العسكرية في كانون الأول/ديسمبر، إلى تشريد أكثر من مليون لاجئ.
وباتت إدلب مكانا مزدحما بالناس الذين تنقصهم المواد الغذائية والطبية والنظافة والسكن المناسب. ويعيش الكثيرون منهم في مناطق مفتوحة وتحت الأشجار ولا تتوفر لديهم وسائل النظافة مثل الصابون وإجراءات منع انتشار الفيروس.
وتشير زيادة الهجمات الجوية على المنطقة في الأسابيع الأخيرة، إلى أن الروس والنظام يحضران لعملية عسكرية جديدة. وقال وزير خارجية روسي سابق، إن موسكو ليس أمامها أي خيار إلا دعم النظام لاستعادة كل المناطق التي خسرها منذ بداية الحرب الأهلية.
وأي هجوم جديد يعني منح فرصة لانتشار الفيروس وعميقا بين السكان في الشمال.
ودعا الكاتب مجلس الأمن لممارسة الضغط على النظام السوري وحليفه الروسي وفتح المجال أمام الأمم المتحدة لتسهيل عمليات الأمم المتحدة ومواجهة كوفيد-19. ويجب على أعضاء مجلس الأمن منع الأسد من استخدام كوفيد- 19 كوسيلة معاناة في سوريا.
وتجنب الشرق الأوسط حتى الآن انتشارا واسعا للفيروس، إلا أن محاولات الأسد عسكرة كوفيد-19 تنذر بالكارثة.
القدس العربي