الرزق ازداد في البحر أيضا.. انتعاش مذهل للمنتجات العراقية بسبب كورونا

الرزق ازداد في البحر أيضا.. انتعاش مذهل للمنتجات العراقية بسبب كورونا

شراء المنتجات التركية أو الإيرانية أو الأردنية أو الصينية أمر اعتيادي في العراق بلد النخيل الذي يستورد حتى التمر من الخليج. لكن الحظر العالمي المفروض جراء تفشي وباء كورونا بدأ بتغيير المعادلة على مهل.

يقول أمين قاسم: بصراحة، إن الوباء الذي أودى بنحو 170 شخصاً في العراق نعمة. ويشير الرجل الذي يملك مصنعاً لإنتاج المثلجات منذ العام 2006 في مدينة البصرة جنوب البلاد إلى أن “الأزمة سمحت لنا أن نثبت أنفسنا في السوق العراقية”.

ففي السابق، وأمام المنتجات الأجنبية، لم يكن لدى “صنع في العراق” أي فرصة، بسبب ثمنها الباهظ وكمياتها الصغيرة وإنتاجها الذي يحتاج وقتاً طويلاً. وبالتالي لم يكن لدى المنتج المحلي كل عوامل الجذب مقابل سلسلة المنتجات المستوردة.

استعادة السوق
لكن بإغلاق تلك الحدود مع الحظر العالمي، فإن المصانع العراقية -التي انخفضت أعدادها بشكل كبير خلال عقد من الحصار الدولي (عام 1991-2003) وسنوات العنف والحروب المتكررة- تمكنت من الدخول إلى اللعبة مجدداً.

يقول قاسم الذي يدير ثلاثة آلاف موظف في معامله للمثلجات والمواد الغذائية التي يصدرها من البصرة إلى باقي محافظات العراق “لقد تمكنا من استعادة أسواق كانت سحقتنا فيها الصادرات”. ويضيف “لم نعد بحاجة إلى خفض الأسعار في مواجهة الآيس كريم الإيراني الرخيص لتجنب الخسارة”.

والأرقام في العراق مضللة، فإذا كان الميزان التجاري لا يزال فائضاً إلى حد كبير، فذلك لأنه يتضخم بشكل مصطنع جراء النفط.

عام 2018، ووفقاً لمنظمة التجارة العالمية، صدّر العراق ما قيمته 97.2 مليار دولار من السلع والخدمات، لكنها كانت بنسبة 98% من النفط والغاز.

وفي الوقت نفسه، استورد بمبلغ 70 مليار دولار سلعاً وخدمات متنوعة مثل الكهرباء والطماطم والسيارات والدجاج المجمد.

النفط والتقشف
لكن اليوم، ومع انخفاض أسعار النفط بثلاثة أضعاف تقريباً، فإن العراق يقف على حافة هاوية مالية. وقد بدأ بالفعل فرض ضرائب على الواردات يطالب بها المنتجون المحليون المتضررون منذ سنوات، وبالتالي ارتفع الدخل الجديد من 2.5 مليون دولار في النصف الأول من أبريل/ نيسان إلى 7,3 ملايين في مايو/أيار.

ولتقليص المشتريات في الخارج، ستنخفض الواردات العراقية إلى 81 مليار دولار العام المقبل من 92 مليارا العام الماضي، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وبالفعل، فقد تراجعت الواردات الصينية في أبريل/نيسان من ما يقارب مليار دولار قبل أربعة أشهر، وبالكاد وصلت إلى 775 مليونا، وفقاً لأرقام رسمية من بكين.

أما من الجانب الإيراني، فانخفضت الواردات من 450 مليون دولار شهرياً إلى 300 مليون، ولكن فقط مع إعادة فتح النقاط الحدودية من جهة كردستان العراق مؤخراً.

وفي هذا السياق، فإن تنويع الاقتصاد واستئناف الصناعات -التي نهبت وسرقت خلال الحروب- باتا أمراً ضرورياً اليوم. وأصبحت الدولة، التي لم تعد قادرة على التوظيف، تعتمد على القطاع الخاص لتكوين الثروات وإيجاد الوظائف.

الصيادون وتجار الأسماك في البصرة أكثر من لمس التغيير بسبب كورونا (رويترز)

يعمل هادي عبود في إنتاج الأنابيب البلاستيكية. وإضافة إلى القطاع الخاص المنعدم تقريبا، والنظام المصرفي المتذبذب، والضرائب البسيطة على الواردات، عليه أيضا أن يواجه منافسين بعملة متدهورة من إيران، وإنتاج بتكاليف الحد الأدنى مثل الصين.

ولكن المواطن يؤكد أن الانتعاش في خضم أزمة كوفيد-19 كان مذهلا. ويقول “الآن أبيع الأنابيب البلاستيكية قبل تصنيعها”. ومع الطلبات الكبيرة للمواد المختومة بـ”صنع في العراق” يؤكد مدير المصنع أن “الوضع تغير بشكل جيد”.

وأكثر من لمس التغيير في مدينة البصرة، الجنوبية الساحلية الوحيدة في البلاد، هم الصيادون وتجار الأسماك. يقول بائع السمك محمد فاضل الذي ينصب بسطته في السوق المركزية يوميا “منذ نحو شهر، ازداد عدد الأسماك”.

ويوضح “الكويتيون والإيرانيون لا يخرجون الآن” وبالتالي فإن الصيادين العراقيين باتوا يسيطرون على المياه وأسماكها. ونتيجة لذلك -يقول فاضل- إن الصيد بات معجزة لدرجة أن سعر كيلو سمك الزبيدي “انخفض من 20 إلى 11 ألف دينار” أي نحو تسعة دولارات.

ولم يتزايد الرزق في البحر فقط، فلتلبية الطلب الجديد، يخطط هاني عبود لفتح أبواب التوظيف، ورفع عدد موظفيه قريباً من مئة إلى 150.

العرب