من المرجح أن يدفع انخفاض أسعار النفط السعودية إلى خفض قيمة عملتها الريال في المستقبل، وفق ما يذكر تقرير موقع “وورلد فيو ستراتفور” الأميركي.
يقول الكاتب غريغ بريدي إن أزمة انهيار أسعار النفط الحالية أدت لعودة التساؤلات بشأن استمرارية حالة الارتباط بين العملتين الأميركية والسعودية.
ويضيف الكاتب أنه على الرغم من الصدمة الاقتصادية التي سبّبها تفشي فيروس كورونا، فإن هذا الارتباط من المتوقع أن يتواصل على المدى القريب، إلا أن التغيرات الهيكلية في سوق النفط العالمية وفي الاقتصاد السعودي، يؤشران على أن الرياض سوف تقوم على الأرجح بخفض قيمة عملتها في وقت ما خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويرى بريدي أن السعودية ستجد نفسها مضطرة إلى عدم التعويل على تعافي أسواق النفط وعودة صادراتها إلى مستواها السابق، حتى تكون قادرة على إعادة تعبئة مواردها من النقد الأجنبي التي تمكنها من الحفاظ على استمرارية العملة وارتباطها بالدولار.
ويوضح أنه على مدى عقود عديدة، شكّل ربط العملة المحلية بالدولار خطوة مفيدة للرياض وسائر دول الخليج الغنية بالنفط، بالنظر إلى اعتماد هذه العملة الأميركية في تسعير أغلب صفقات تجارة النفط.
ويشير الكاتب إلى أن الفائدة الأساسية من نظام ربط العملات، يتمثل في تحقيق الاستقرار حتى في فترات التضخم، وخلق مناخ آمن تكون فيه مخاطر تغير صرف العملة محدودة بالنسبة للشركات الأجنبية. كما أنه يحمي المستهلكين المحليين من تقلبات أسعار المواد المستوردة.
بيد أن نظام ربط العملات -يستدرك بريدي- يعني التخلي عن استقلالية السياسة النقدية.
وبالنسبة للرياض فإن هذا المشكل كان دائما يتم التغاضي عنه، لأن أغلب المواطنين السعوديين يشتغلون في القطاع العام، بينما يتم استقدام الأجانب للعمل في القطاع الخاص.
وقال الكاتب إن فعالية الاعتماد على تعديل العمالة الأجنبية كبديل عن استقلالية السياسة المالية، باتت أقل فعالية الآن، إذ إنه في الماضي كانت الحكومة السعودية قادرة على التحكم في ضغوط التضخم المالي في أوقات النمو القوي، وذلك من خلال إصدار مزيد من تأشيرات زيارة العمل، كما أن تنافسية الصادرات غير النفطية والصناعات المحلية كانت في السابق عاملا مساعدا، ولكن في المستقبل سوف تكون المبالغة في تقدير قيمة العملة السعودية بسبب ربطها للدولار عاملا لا يشجع على الاستثمار في الصناعات المحلية.
إضافة إلى ذلك -يتابع بريدي- فإن السعودية لم يعد بإمكانها الاعتماد على اتفاقية أوبك بلس لإسناد أسعار النفط الخام والإبقاء عليها فوق المعدل اللازم من أجل خفض العجز في ميزانها التجاري، والسماح لها بإعادة تعبئة مواردها المالية.
كما أن محاولات السعودية للتأقلم مع مستقبل يرتفع فيه الطلب على النفط ثم يتراجع تدريجيا، هو أيضا أمر يغير من بنية الاقتصاد السعودي ويجعل من ربط الريال بالدولار أمرا صعبا.
ويعتبر الكاتب أن السعودية الآن في حاجة ماسة للتوقف عن تضخيم أجور موظفي القطاع العام، وتحويل العمالة المحلية إلى القطاع الخاص لتكون أكثر إنتاجية، من أجل إنجاح مخططاتها الاقتصادية. وستكون هذه الخطوة ضرورية على الرغم من أن المواطنين السعوديين يفضلون العمل في الوظائف الحكومية، وستحتاج الدولة إلى تقديم دعم مالي للشركات الخاصة لتشجيعها على توظيف السعوديين، في هذه الفترة التي دفع فيها فيروس كورونا الكثير من الأجانب إلى السفر إلى بلدانهم.
في النهاية، يمكن أن تؤدي بعض عمليات خفض قيمة الريال السعودي -ولو بشكل متواضع- إلى المساعدة في تخفيف ثقل أجور موظفي القطاع العام، إذا تزامن ذلك مع تراجع في الاعتماد على العمالة الأجنبية باستثناء بعض الوظائف التي تتطلب مهارة عالية، كما يوضح الكاتب.
حذر الكاتب من أن عملية ربط الريال السعودي بالدولار الأميركي، توشك أيضا على تقويض قيمة الصادرات السعودية، كما أن المبالغة في تقدير قيمة هذه العملة سوف تؤثر سلبا على قطاع السياحة في المملكة، الذي يعد واحدا من أهم الموارد غير النفطية في هذا البلد، إذ إن جعل السعودية وجهة أكثر كلفة، سوف يعطل مشاريعها لتطوير السياحة التي تعد من الخيارات الأساسية لتنويع الموارد المالية ضمن إطار مخطط رؤية 2030.
وذكر الكاتب أن الدفاع عن عملية الربط الحالية بين الريال والدولار، كلف السعودية باهظا خلال الأشهر الأخيرة، حيث إن احتياطاتها من النقد الأجنبي وصلت إلى ذروتها في أغسطس/آب 2019، عند مستوى 746 مليار دولار، لكن هذه المخزونات تراجعت بنهاية أبريل/نيسان إلى 444 مليارًا، بسبب تراجع أسعار النفط وأزمة فيروس كورونا.
المصدر : الصحافة الأميركية