أصوات طائفية تلاحق نجم الكرة العراقي أحمد راضي بعد وفاته بكورونا

أصوات طائفية تلاحق نجم الكرة العراقي أحمد راضي بعد وفاته بكورونا

أعفى وزير الثقافة العراقي حسن ناظم، مدير عام دار الشؤون الثقافية، حسين القاصد، من مهام عمله بعدما كتب منشورا في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أعلن خلاله كراهيته للنجم الكروي الراحل أحمد راضي، لأسباب طائفية.

وتوفي راضي البالغ من العمر 56 عاما إثر إصابته بفايروس كورونا، مخلفا صدمة شعبية على نطاق واسع بعدما أسهم، عبر أهدافه مع المنتخب العراقي لكرة القدم والأندية المختلفة التي لعب لها في الداخل والخارج، في صناعة الذاكرة الرياضية للكثير من العراقيين بين منتصف الثمانينات وأوائل التسعينات.

واستخدم الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” عبارة “البطل الكروي” في نعيه لأحمد راضي، بينما تحدث مسؤولون رياضيون عرب عن علاقتهم الوطيدة بالراحل، الذي خيم نبأ وفاته يوم الأحد على تفاعل المدونين العراقيين في وسائل التواصل الاجتماعي.

ووسط هذا الاهتمام الشعبي الواسع، كتب مدير عام دار الشؤون الثقافية حسين القاصد في فيسبوك أنه يكره أحمد راضي لأنه تحول في بداية نشأته من المذهب الشيعي إلى السني.

والقاصد شاعر عراقي مغمور، استخدم قصائده للتقرب من زعماء الفصائل العراقية المسلحة التابعة لإيران، حتى حصل على منصب رفيع في أواخر أيام الحكومة السابقة بقيادة عادل عبدالمهدي.

واعتبرت الأوساط الثقافية تعيين القاصد في هذا المنصب المرموق بمثابة اعتداء ميليشياوي عليها، برعاية إيرانية، يعكس النفوذ الهائل الذي تمتعت به الفصائل المسلحة في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي.

وعرف عن القاصد التطرف الشديد في مواقفه الطائفية لصالح إيران وحلفائها في العراق، كما وقف إلى جانب عبدالمهدي ضد تظاهرات أكتوبر التي أسقطت حكومته لاحقا.

وبينما كانت وسائل التواصل الاجتماعي في العراق تعج بالتعاطف مع عائلة الراحل وتستذكر إنجازاته الرياضية، أعلن القاصد أنه يكره أحمد راضي لأسباب طائفية.

ولم يمض الكثير من الوقت حتى أصبح القاصد وطائفيته حديث الساعة في بغداد، وسط استنكار شديد لتعيين مروجي خطاب الكراهية في مناصب حكومية رفيعة.

ويوم الاثنين، جاء رد وزارة الثقافة ليعيد الاعتبار إلى النجم الكروي الراحل، متعهدا باتخاذ أشد الإجراءات بحق القاصد.

وبعد ساعات، كشف مقربون من وزير الثقافة حسن ناظم أنه أعفى القاصد من مهام عمله، وأنهى تنسيبه ليعود إلى وزارة التعليم العالي.

وقال الباحث في شؤون الأمن القومي ظافر الشمري إن الرأي العام العراقي هو الذي اتخذ قرار إعفاء حسين القاصد من منصبه الوظيفي، معتبرا أن هذا الأمر “هو من أعظم الأعمال الرادعة في محاربة الطائفيين وتنظيف مؤسسات الدولة” منهم، داعيا الوزراء الآخرين إلى التحلي بالشجاعة لاتخاذ “قرارات مماثلة بحق الطائفيين”.

وتعج المؤسسات الحكومية العراقية بالأكاديميين والموظفين الذين يشغلون درجات عليا، لمجرد إعلان ولائهم الصريح لإيران وحلفائها في العراق.

وطالب مدونون عراقيون الحكومة بمعاقبة أكاديمي يدعى عبدالأمير العبودي، قلل من أهمية إصابة أحمد راضي بفايروس كورونا، وقال إنه سيحصل على العلاج اللازم لمجرد أنه سني، على عكس زملائه الرياضيين الشيعة الذين يموتون لأنهم يعالجون في مستشفيات حكومية بائسة.

وبعد ساعات من نشر هذا الإعلان الصادم توفي أحمد راضي في مستشفى حكومي بائس ببغداد، ليضطر العبودي إلى مسح منشوره وكتابة آخر للتوضيح.

والعبودي هو أحد أشرس المدافعين عن “مشروع المقاومة الإسلامية” وضرورة انخراط شيعة العراق فيه تحت قيادة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.

ويظهر العبودي، بشكل شبه يومي، في وسائل الإعلام العراقية التي يديرها الحرس الثوري الإيراني لتأجيج الصراع الطائفي والتحريض على استهداف الدول السنية التي لا تقف إلى جانب طهران، من دون قدرة القانون على المساس به لأنه محمي من قبل فصائل مسلحة تحركها طهران.

واشترك القاصد والعبودي، مع آخرين، في تخوين مثقفين وصحافيين وساسة عراقيين لمجرد أنهم طالبوا بإنهاء حالة التبعية العراقية لإيران وبناء علاقات متكافئة بين دولتين على أساس المصالح المشتركة.

ويعتقد مراقبون أن قرار وزير الثقافة بحق القاصد ربما يمثل بادرة نحو إمكانية أن تعمل الدولة العراقية على استعادة شيء من هيبتها التي أهدرتها الهيمنة الإيرانية المطلقة، كما أنه يشكل تحديا صريحا للنفوذ الإيراني الضارب في المؤسسات الحكومية.

صحيفة العرب