فِي الْأَيَّامِ السَّابِقَةِ ، وَنَتِيجَةَ التَّوَافُقِ فِي الرُّؤْيَةِ الْأَمْنِيَّةِ بَيْنَ تُرْكِيَا وَإِيرَانَ فِي عَالَمِ ” كُورُونَا ” ، كَانَ الْعِرَاقُ مَسْرَحًا لِاخْتِرَاقِ الْمُقَاتِلَاتِ التُّرْكِيَّةِ لِمَجالِهِ الْجَوِّيِّ ، وَالَّتِي قَصَفْتْ مَوَاقِعَ لِحِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ فِي إِقْلِيمِ كُرْدِسْتَانَ الْعِرَاقِ ، وَقَدْ تَزَامَنَ هَذَا الْقَصْفُ مَعَ قَصْفِ قُوَّاتٍ إِيرَانِيَّةٍ لِأَرْبَعِ مَنَاطِقَ حُدُودِيَّةٍ فِي شَمَالِيِّ الْعِرَاقِ وَتَحْدِيدًا مِنْطَقَةَ حِجّي عِمْرَانَ وَالْمِنْطَقَةِ الْحُدُودِيَّةِ بَيْنَ إِيرَانَ وَإِقْلِيمِ كُرْدِسْتَانَ الْعِرَاقِ ، فِي مَنَاطِقِ جوْمانَ والاَّنانِ ، بِحُجَّةِ تَمَرْكُزِ أَحْزَابٍ كُرْدِيَّةٍ مُعَارَضَةٍ لِإِيرَانَ فِي هَذِهِ الْمَنَاطِقِ . وَقَدْ نَدَّدْتْ بَغْدَادُ بِ ” انْتِهَاكِ السِّيَادَةِ ” ، وَاسْتَدْعْتْ السَّفِيرَ التُّرْكِيَّ مَرَّتَيْنِ خِلَالَ يَوْمَيْنِ لِلِاحْتِجَاجِ رَسْمِيًّا عَلَى هَذِهِ الْعَمَلِيَّاتِ.
وَتَنْظُرُ أَنْقَرَةُ إِلَى حِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ بِوَصْفِهِ تَنْظِيمًا إِرْهَابِيًّا ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَغْدَادَ ” ضَيْفًا ” غَيْرَ مُرَحَّبٍ بِهِ ، لَكِنَّ هَذَا ” الضَّيْفَ ” وَنَتِيجَةً لِلضُّغُوطِ الْإِيرَانِيَّةِ اَلَّتِي مُورِسْتْ عَلَى حُكُوماتٍ سابقة كَانْتْ تُخَصَّصُ لِمُقَاتِلِي حِزْبِ الْعُمَّالِ الْكَرْدِسْتِنَانِي مُخَصَّصَاتٍ مَالِيَّةً ، وَكَانَ يُزَوِّدُ بِالْمُعَدَّاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ عَبْرَ مَطَارِ السُّلَيْمَانِيَّةِ فِي إِقْلِيمِ كُرْدِسْتَانَ الْعِرَاقِ.
وَالْأَمْرُ اَلَّذِي زَادَ مِنْ خَطَرِ حِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ وَزَادَ مِنْ قَلَقِهِ الْأَمْنِيِّ لِتُرْكِيَا وَإِيرَانَ ، اَلْتَفَرَّعُ الْحِزْبِيَّ اَلَّذِي نَتَجَ عَنْهُ ، فَقَدْ أَنْشَأْتْ أَحْزَابٌ تُؤْمِنُ بِرُؤْيَتِهِ الْيَسَارِيَّةِ الْمُسْتَنِدَةِ عَلَى الْعُنْفِ الثَّوْرِيِّ لِإِحْدَاثِ حَالَةٍ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ فِي تِلْكَ الدَّوْلَتَيْنِ ، كَحِزْبِ أَزادِي وَحِزْبِ بِيجَاكْ اللَّذَيْنِ يَنْخِذَانِ مِنْ إِقْلِيمِ كُرْدِسْتَانِ الْعِرَاقِ قَاعِدَةً لَهُما لِمُهَاجَمَةِ إِيرَانَ ، وَحِزْبِ ” قَسَدٍ ” اَلَّذِي تَأَسَّسَ فِي شَمَالِيِّ سُورْيَا لِإِفْشَالِ مَشَارِيعَ تُرْكِيَّةٍ هُنَاكَ . كَمَا أَنْشَأَ حِزْبُ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيُّ مِلِيشْيَاتٍ فِي سَنُجارٍ ومَناطِفَ الْمُعْمَدَانِيَّةِ لِذَاتِ الْأَهْدَافِ لِمُحَارَبَةِ إِيرَانَ وَتُرْكِيَا وَرُبَّمَا الْعِرَاقُ أَيْضًا إِذَا اسْتَدْعْتْ الضَّرُورَةُ ذَلِكَ .
وَلِأَنَّ حِزْبَ الْعُمَّالِ الْكَرْدِسْنَانِيَّ أَحَدَ الْخُطُوطِ الْحُمُرِ فِي السِّيَاسِيَّةِ الْأَمْنِيَّةِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالْإِقْلِيمِيَّةِ لِلدَّوْلَةِ التُّرْكِيَّةِ ، بَلَغَ حَقَّانْ فِيدَانَ مُدِيرَ الْمُخَابَرَاتِ التُّرْكِيَّةِ فِي زِيَارَةٍ خَاصَّةٍ لِبَغْدَادَ ، اقْتَصَرَ أَمْرُ الزِّيَارَةِ فِي مُنَاقَشَةِ خُطُورَةِ حِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ ، حَيْثُ أَبْلَغَ حَقَّانِ فِي هَذِهِ الزِّيَارَةِ الْمَسْؤُولِينَ الْعِرَاقِيِّينَ بِمَا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ أَوْ مَا يُقَالُ ” بِالْحَرْفِ الْوَاحِدِ ” ، أَنَّ خُطُورَةَ حِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ عَلَى أَمْنِ وَاسْتِقْرَارِ الْعِرَاقِ وَإِقْلِيمِ كُرْدِسْتَانَ أَكْثَرَ خُطُورَةً عَلَى أَمْنِ وَاسْتِقْرَارِ تُرْكِيَا . فَالْحِزْبُ مِنْ حَيْثُ شَكْلُهُ يَخْتَلِفُ عَنْ تَنْظِيمِ دَاعِشْ لَكِنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ فِي الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْإِرْهَابُ ، فَهُمَا وَجْهَانِ لِعُمْلَةِ الْإِرْهَابِ الْوَاحِدَةِ .
مِنْ نَافِلَةِ الْقَوْلِ ، أَنَّ مِنْ حَقِّ إِيرَانَ وَتُرْكِيَا أَنْ تُدافِعَا عَنْ دَوْلَتَيْهُمَا وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَى حِسَابِ سِيَادَةِ وَهَيْبَةِ الدَّوْلَةِ الْعِرَاقِيَّةِ ، لِذَلِكَ عَلَى إِيرَانَ وَتُرْكِيَا أَنْ لَا تَسْتَفِزَا الْحُكُومَةَ الْعِرَاقِيَّةَ لِأَنَّهَا لَنْ تَقْبَلَ بِانْتِهَاكِ سِيَادَتِهَا مُجَدَّدًا ، وَفِي هَذَا الِانْتِهَاكِ اسْتِفْزَازٌ لِلْمَشَاعِرِ الْوَطَنِيَّةِ الْعِرَاقِيَّةِ.
وَلِكَيْ لَا يَتَكَرَّرَ انْتِهَاكُ سِيَادَةِ الْعِرَاقِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْتُجُ عَنْهُ تَدَاعِيَاتٌ خَطِيرَةٌ ، عَلَى إِيرَانَ وَتُرْكِيَا وَالْعِرَاقِ وَهِيَ الدُّوَلُ الْمُتَضَرِّرَةُ مِنْ السُّلُوكِ الْعُدْوَانِيِّ لِحِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ أَنْ تَتَعَاوَنَ فِيمَا بَيْنَهَا عَلَى المُسْتَوَى الدِّبْلُومَاسِيِّ وَالْعَسْكَرِيِّ وَالْجُهْدِ الِاسْتِخْبَارَاتِيِّ فِي مُوَاجَهَتِهِ دُونَ انْتِهَاكِ سِيَادَةِ الْعِرَاقِ ، وَبِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْفَائِدَةُ الْمَرْجُوَّةُ مِنْ ذَلِكَ التَّعَاوُنِ ، وَهِيَ أَنْ تَقْطَعَ تُرْكِيَا وَإِيرَانُ وَالْعِرَاقُ الطَّرِيقَ عَلَى حِزْبِ الْعُمَّالِ الْكُرْدِسْتَانِيِّ وَفُرُوعِهِ الْحِزْبِيَّةِ اَلَّذِينَ يَسْعُوونَ مِنْ خِلَالِ اسْتِهْدَافِهِمْ لِتُرْكِيَا وَإِيرَانَ عَبْرَ الأَرَاضِي الْعِرَاقِيَّةِ إِلَى تَعْمِيقِ حِدَّةِ الْخِلَافِ بَيْنَ الْعِرَاقِ مِنْ جِهَةٍ وَإِيرَانَ وَتُرْكِيَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
خُلَاصَةُ الْقَوْلِ يُعَدُّ حِزْبَ الْعُمَّالِ الْكَرْدْسَتانِيَّ وَفُرُوعِهِ ، الْخَطَرَ الْمُشْتَرَكَ عَلَى الْعِرَاقِ وَتُرْكِيَا وَإِيرَانَ . .
وحدة الدراسات العراقية