السفيرة الأميركية تتحدى حكومة لبنان وتؤكد اعتذار “مسؤول كبير”

السفيرة الأميركية تتحدى حكومة لبنان وتؤكد اعتذار “مسؤول كبير”

فجر قرار قضائي مثير للجدل صدر بحق السفيرة الأميركية لدى بيروت دوروثي شيا أزمة دبلوماسية بين الحكومة اللبنانية والولايات المتحدة، في ظل ضغوط من حزب الله للقيام بخطوات تصعيدية من شأنها أن تزيد من الفتور في العلاقات بين الطرفين.

بيروت – تابعت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا تحديها لحزب الله ومعه السلطات اللبنانية بعد ظهورها على إحدى الفضائيات السبت وتأكيدها أن الحكومة اللبنانية تقدمت باعتذار منها.

وقالت السفيرة الأميركية التي كانت تعلّق على كلام لوزيرة الإعلام منال عبدالصمد، التي نفت تقديم الحكومة اللبنانية اعتذارا إلى السفيرة بعد قرار لقاض لبناني يقضي بمنعها من الإدلاء بأي تصريحات “إن وزيرة الإعلام لا تعلم كل شيء”.

وأكدت في المقابل أن مسؤولا لبنانيا رفيع المستوى اتصل بها وقدّم اعتذارا بسبب صدور القرار عن القاضي محمد مازح، الذي يشغل موقعا في محكمة صور في جنوب لبنان. ولم يكتف القرار بمنع شيا من الإدلاء بأي تصريحات لمدة سنة، بل هدد وسائل الإعلام اللبنانية التي تنشر أي تصريحات للسفيرة الأميركية.

يذكر أنّ قرار القاضي مازح صدر السبت بعد تصريحات أدلت بها السفيرة الأميركية إلى قناة “الحدث”، وهي قناة عربية تبث من دبيّ. وأكدت السفيرة في تلك التصريحات أن حزب الله يعتبر تنظيما “إرهابيا” وحمّلته مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان.

وبعد مضي 24 ساعة على صدور قرار القاضي مازح، الذي كشف نفسه بإعلان انحيازه إلى حزب الله، ظهرت شيا على وسيلة إعلام لبنانية هذه المرّة وقالت إنها كانت تعتقد أن منع السفراء الأجانب من الإدلاء بتصريحات “يحدث في طهران وليس في بيروت”.

وقالت مصادر سياسية إن لجوء حزب الله إلى القاضي الذي اعتبر لبنانيون كثيرون أن قراره “مزحة سمجة” يشير إلى حال الإرباك التي يعيشها الحزب في هذه الظروف بالذات وفي ظلّ فقدان الخبز في لبنان ومخاوف من وصول سعر الدولار إلى عشرة آلاف ليرة لبنانية، في حين أنّ سعره الرسمي كان في حدود 1505 ليرات لبنانية.

ردود فعل الحكومة والتي لم تخل من ارتباك عززت وجهة النظر الأميركية القائلة بأن القرار اللبناني بات رهين حزب الله

وعلى خلفية القرار القضائي اتهمت الخارجية الأميركية حزب الله “بمحاولة إسكات الإعلام اللبناني”، معتبرة أنه “أمر مثير للشفقة”. وقالت “نقف مع الشعب اللبناني وضد رقابة حزب الله”.

ولم يخف القاضي مازح انتماءه إلى الخط السياسي لحزب الله، عبر تغريدة له قال فيها “نواجه قانون قيصر الأميركي بالضغط على لبنان وسوريا بقانون الحسين، هيهات منّا الذلّة”.

إضافة إلى ذلك، هدّد القاضي مازح بتقديم استقالته في حال أجرى أي تحقيق معه بسبب القرار الذي صدر عنه في ما يخصّ السفيرة الأميركية. ويشير موقفه من احتمال إجراء أي تحقيق إلى أنّه يتمتع بدعم سياسي من حزب الله، الذي سارع المحامون فيه إلى إصدار بيان يؤيّد موقف القاضي مازح من السفيرة الأميركية.

وكان حزب الله هاجم بقوة تصريحات السفيرة الأميركية، وقال النائب عن حزب الله اللبناني حسن فضل الله الأحد، إن التصريحات الأخيرة لشيا “تشكل اعتداء سافرا على سيادة بلدنا وكرامته الوطنية”.

ودعا فضل الله في تصريحٍ إعلامي “السلطات اللبنانيّة وفي مقدمتها وزارة الخارجية للتحرك الفوري لإلزام سفيرة الولايات المتحدة، باحترام القانون الدولي، الذي يحدد واجبات الدبلوماسيين، والتزام القوانين اللبنانية النافذة”.

وفيما بدا ذلك استجابة لضغوط حزب الله، أعلنت وكالة الأنباء اللبنانية عن استدعاء وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي السفيرة الأميركية
الاثنين، للتباحث في تصريحاتها ضد حزب الله.

وأوردت الوكالة “يستدعي وزير الخارجية والمغتربين السفير ناصيف حتي السفيرة الأميركية دوروثي شيا غدا عند الثالثة من بعد الظهر (12:00 ت غ)، على خلفية تصريحاتها الأخيرة”.

وتقول أوساط سياسية لبنانية إن ردود فعل حكومة حسان دياب والتي لم تخل من ارتباك عززت وجهة النظر الأميركية القائلة بأن القرار اللبناني بات رهين حزب الله، وهذا من شأنه أن يشدد نزعة الإدارة الأميركية نحو زيادة الضغوط على البلد الذي يمر بأزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة.

العرب