الانهيار وصفة حزب الله لتشكيل لبنان جديد

الانهيار وصفة حزب الله لتشكيل لبنان جديد

بيروت – ينقاد لبنان بسرعة نحو الانهيار، في غياب أي أفق لحل الأزمتين المالية والاقتصادية، نتيجة تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في ظل الخلافات التي تعصف بين مراكز القرار السياسي والمالي في هذا البلد.

ويقول مراقبون إن الجميع في لبنان يبدو أنه تعايش مع الانهيار، واستسلم لهذا الواقع الذي بات حتميا، وبات الكل يتحضر لكيفية التعامل معه، حتى أن هناك من يجد فيه فرصة لتجييره خدمة لأجندته السياسية، التي يتجاوز بعدها المحلي إلى الإقليمي والدولي.

ويشير المراقبون إلى أن الاجتماعات واللقاءات المتتالية لأقطاب السلطة الحاليين وآخرها اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا الثلاثاء لا تعدو كونها مجرد جرعات تسكينية للمواطن اللبناني، الذي بات يتهدده الجوع على ضوء ارتفاع صاروخي في المواد الأساسية.

ولامس هذا التهديد حتى الجيش اللبناني حيث قررت قيادته الثلاثاء التوقف عن استخدام اللحوم في وجبات الطعام التي تقدّم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة، جراء الارتفاع غير المسبوق في ثمنها.

وتقول أوساط سياسية لبنانية إن مصير لبنان بات في مهب الرياح الداخلية والإقليمية والدولية، وما يزيد الوضع سوءا هو أن فريقا يقوده حزب الله الذي يمسك حاليا بالوضع اللبناني يرى مصلحة في ما يحدث من انهيار على أمل بناء جديد تكون له فيه اليد الطولى دون منازع أو صوت مناوئ.

ويعتقد حزب الله أن سقوط لبنان الاقتصادي وانهيار منظومته المالية الحالية المرتبطة بالدولار من شأنهما أن يشرعا له الطريق أمام إعادة تشكيل لبنان جديد بنفس شرقي، بعيدا عن الغرب، وسبق وأن أوضح نصرالله في أكثر من إطلالة مؤخرا هذا التصور، ساعيا إلى تشبيك أزمة لبنان بالأزمات التي تعصف بكامل المحور الإيراني.

الحزب لا يكتفي بالكلام لا بل إنه بات يتحرك ومنذ فترة على هذا الأساس من خلال السعي بداية إلى تحصين بيئته من “الانهيار”، وليس أدل على ذلك من تصريح أمينه العام حسن نصرالله قبل مدة “يمكن أن يأتي وقت لا تستطيع الدولة أن تدفع فيه رواتب وينهار الجيش والقوى الأمنية وإدارات الدولة ويخرب البلد، لكن أنا أؤكد لكم أن المقاومة ستظل قادرة على أن تدفع الرواتب”.

الاجتماعات واللقاءات المتتالية لأقطاب السلطة الحاليين وآخرها اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا الثلاثاء لا تعدو كونها مجرد جرعات تسكينية للمواطن اللبناني

وانتقل الحزب لاحقا إلى الترويج لبدائل جديدة أمام لبنان للتخلص من المساومات الأميركية التي تستهدفه بالأساس، من خلال التوجه شرقا مع يعنيه ذلك من ضرب جميع الأسس التي قام عليها لبنان الحديث.

وفي إطلالته الأخيرة التي جرت في 16 يونيو قال نصرالله “يمكن أن نجد دولا صديقة مثل إيران وأن تبيعنا بنزين وغاز ومازوت وفيول ومشتقات نفطية واحتياجات أخرى دون دولار”.

وأضاف أن “هذا يحرك العجلة الاقتصادية ويرفع سعر العملة اللبنانية لأنه يقلل الطلب على الدولار وله إيجابيات ضخمة. هذا باب فرج كبير للبنان. أقول للشعب لا تيأس وهناك خيارات ويجب أن تساعدنا إذا رفض المسؤولون اللبنانيون خوفاً من الأميركيين”.

وكشف نصرالله أن لديه “معلومات أكيدة أن الشركات الصينية جاهزة لتبدأ بإحضار أموال إلى البلد، لمشاريع القطار السريع والسكك الحديدية، وكذلك بالنسبة لمعامل الكهرباء”.

ويرى محللون أن البدائل التي يطرحها الحزب لا تخدم سوى المحور الذي ينتمي إليه، فالحزب يريد أن يجعل من لبنان بوابة رئيسية لالتفاف طهران على الحصار الاقتصادي، فيما حديثه عن الصين وإمكانية الحصول على دعمها هو إغراء ينطوي على مغالطات، حيث إن بكين ورغم هوسها بالتمدد وصراع النفوذ الجاري بينها وبين الولايات المتحدة إلا أن هناك توازنات وخطوط حمراء لا يمكنها تجاوزها، ومنها في الحالة اللبنانية.

من جهة ثانية فإن الذهنية اللبنانية تأبى هكذا خيارات لأنها تتنافى وطبيعة البلد، كما أنه من غير الإمكان الاعتقاد أن الولايات المتحدة ستسمح بنجاح هكذا مخططات للحزب.

وتقول الأوساط السياسية إن الحل الوحيد لإنقاذ لبنان هو أن يقدم حزب الله على تغيير سياساته ونزع سلاحه، غير ذلك فإن الجميع بما في ذلك الحزب سيدفعون ثمنا باهظا.

العرب