ما تعرض له العراق منذ عام 2003 يتجاوز الاحتلال الأميركي، وإن كان كل ما حصل، بعد ذلك وحتى اليوم، نتائج مباشرة للاحتلال، معطوفة على عدة عقود عجاف من حكم حزب البعث وصدام حسين، لكن كل شيء يهون، اليوم، بالمقارنة مع ما شهده هذا البلد من مآس وويلات بسبب الاحتلال. لا يوجد توصيف يلخص الحال العراقي الراهن مثل الاستباحة. تمت استباحة العراق بأرضه وناسه وثرواته، ومن نكد المأساة أن التقت مصالح اللصوص والقتلة والطامعين دفعة واحدة. الثروات العراقية يجري نهبها على يد الجميع ومرأى الجميع، والشعب العراقي يتعرض لإبادة لا يتحرك أحد حتى لإدانتها، في وقت صارت فيه السيادة العراقية مرتهنة وموزعة بين إيران والولايات المتحدة.
ليست هناك لحظة شبيهة باللحظة الراهنة في تاريخ العراق المديد، والمثير للاهتمام أن كل الأطراف المتحكمة بهذا البلد، اليوم، تلتقي عند الاستباحة التي تبدو لشدة وحشيتها وكلبيتها وكأن الأطراف المتورطة فيها قد تدربت عليها زمناً طويلاً، حيث تسير مجرياتها وفق نظام هارموني مدروس، على الرغم من اختلاف الأجندات وتضارب المصالح.
قد لا يثير الاستغراب أن تنهب ثروات العراق الولايات المتحدة وإيران، ولكن من غير المفهوم أن يشارك في ذلك عراقيون، من دون أن يرفّ لهم جفن، أو يتحرك لهم وازع ضمير. ومن يتابع أخبار سرقات المسؤولين العراقيين بلدهم لا يستطيع أن يصدق أو يستوعب الأمر على الإطلاق، نظرا للأرقام الفلكية التي وصلت، حسب تصريحات بعضهم، إلى تريليون دولار (نائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي اتهم، منذ أيام، نوري المالكي بتبذير تريليون دولار خلال 8 سنوات من حكمه)، ثم إن هؤلاء يمارسون سرقة بلدهم بفرح.
يجري حديث المسؤولين العراقيين عن المليارات ببساطة شديدة، ويجري التراشق باتهامات السرقة منذ سنوات. ولكن، لم يسبق أن دافع متهم عن نفسه، وهذا يعني أن عملية النهب صارت بمثابة لعبة مستشرية في الوسط الذي آلت إليه مقادير العراق بعد 2003. وقد بدأت عملية نهب العراق منذ دخول القوات الأميركية هذا البلد، وشملت السرقة الدولة العراقية التي حلها بول بريمر. وحين غادر هذا الرجل بعد 14 شهرا من وظيفة حاكم إداري للعراق، عيّنه فيها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مايو/ أيار 2003، أعلن أن هناك ثغرة مالية تصل إلى 9 مليارات دولار لم يستطع أن يبررها. وقد شكل هذا الرقم، في حينه، صدمة كبيرة للأوساط الدولية، من دون صدور أي رد فعل من حكام العراق. ويمكن اعتبار ذلك التصريح بأنه المؤسس الفعلي لدخول العراق تحت فصل النهب العام، ذلك أنه بعد فترة قصيرة بدأت عملية السرقة المفتوحة، وصار العراق أشبه بالأرض السايبة.
يتحرك العراقيون، اليوم، في المدن التي وقفت مع الاحتلال الأميركي علانية، من الجنوب حتى بغداد، والظاهر من الحراك العراقي وجهه المدني البعيد عن التحزب والطائفية والمناطقية، وهذا أمر في منتهى الأهمية، لأن هذه المناطق كانت تنتظر من الحكام الجدد أن ينقلوها من وضع إلى آخر، وقد صدق الناس، منذ البداية، أن القوات الأميركية قادمة لتخلصهم من الديكتاتورية ولتقيم الديمقراطية، ولم يكن أحد يعتقد أن هذه القوات ستدمر البلد، وتترك مصائر الناس وثروات العراق في يد عصابات منظمة محترفة في سرقة المال العام.
ما يعيشه العراق، اليوم، لحظة فريدة، إذا استطاعت أن تبلغ مداها، لأنها لن توقف عملية النهب فقط، بل ستقود إلى استعادة الشخصيه الوطنية التي صادرتها إيران، وطرد الإرهاب الداعشي الذي يتحمل مسؤولية حرب إبادة العراقيين.
قد لا يثير الاستغراب أن تنهب ثروات العراق الولايات المتحدة وإيران، ولكن من غير المفهوم أن يشارك في ذلك عراقيون، من دون أن يرفّ لهم جفن، أو يتحرك لهم وازع ضمير. ومن يتابع أخبار سرقات المسؤولين العراقيين بلدهم لا يستطيع أن يصدق أو يستوعب الأمر على الإطلاق، نظرا للأرقام الفلكية التي وصلت، حسب تصريحات بعضهم، إلى تريليون دولار (نائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي اتهم، منذ أيام، نوري المالكي بتبذير تريليون دولار خلال 8 سنوات من حكمه)، ثم إن هؤلاء يمارسون سرقة بلدهم بفرح.
يجري حديث المسؤولين العراقيين عن المليارات ببساطة شديدة، ويجري التراشق باتهامات السرقة منذ سنوات. ولكن، لم يسبق أن دافع متهم عن نفسه، وهذا يعني أن عملية النهب صارت بمثابة لعبة مستشرية في الوسط الذي آلت إليه مقادير العراق بعد 2003. وقد بدأت عملية نهب العراق منذ دخول القوات الأميركية هذا البلد، وشملت السرقة الدولة العراقية التي حلها بول بريمر. وحين غادر هذا الرجل بعد 14 شهرا من وظيفة حاكم إداري للعراق، عيّنه فيها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مايو/ أيار 2003، أعلن أن هناك ثغرة مالية تصل إلى 9 مليارات دولار لم يستطع أن يبررها. وقد شكل هذا الرقم، في حينه، صدمة كبيرة للأوساط الدولية، من دون صدور أي رد فعل من حكام العراق. ويمكن اعتبار ذلك التصريح بأنه المؤسس الفعلي لدخول العراق تحت فصل النهب العام، ذلك أنه بعد فترة قصيرة بدأت عملية السرقة المفتوحة، وصار العراق أشبه بالأرض السايبة.
يتحرك العراقيون، اليوم، في المدن التي وقفت مع الاحتلال الأميركي علانية، من الجنوب حتى بغداد، والظاهر من الحراك العراقي وجهه المدني البعيد عن التحزب والطائفية والمناطقية، وهذا أمر في منتهى الأهمية، لأن هذه المناطق كانت تنتظر من الحكام الجدد أن ينقلوها من وضع إلى آخر، وقد صدق الناس، منذ البداية، أن القوات الأميركية قادمة لتخلصهم من الديكتاتورية ولتقيم الديمقراطية، ولم يكن أحد يعتقد أن هذه القوات ستدمر البلد، وتترك مصائر الناس وثروات العراق في يد عصابات منظمة محترفة في سرقة المال العام.
ما يعيشه العراق، اليوم، لحظة فريدة، إذا استطاعت أن تبلغ مداها، لأنها لن توقف عملية النهب فقط، بل ستقود إلى استعادة الشخصيه الوطنية التي صادرتها إيران، وطرد الإرهاب الداعشي الذي يتحمل مسؤولية حرب إبادة العراقيين.
بشير البكر
صحيفة العربي الجديد