تُخطط إسرائيل لبسط سيادتها رسميا على “غور الأردن” وكافة الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية، مدفوعةً بخطة السلام الأمريكية المعروفة بما يسمى “صفقة القرن” المزعومة.
وعلى نحو متسارع يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على الشروع في “الضم”، غير أن المعارضة الدولية والخلافات مع واشنطن، أعادت الغموض حول جدية هذه الخطوة.
وفي تصريحات لـ”راديو الجيش”، قال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، أوفير أكونيس، إن الضم “سيحدث بالتأكيد في يوليو”، لكن يجب أن يتم ذلك بالشراكة مع الولايات المتحدة.
وأضاف أكونيس أن الخطوة “لن تتم إلا بعد إعلان ترامب لها”.
وتُعد الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أرض محتلة بموجب القانون الدولي، ما يجعل جميع المستوطنات اليهودية فيها، والمناطق المخطط لضمها، غير قانونية.
كما هدد مسؤولون فلسطينيون، بإلغاء الاتفاقات الثنائية مع إسرائيل في حال مضت قدمًا في عملية الضم، الأمر الذي سيقوض بشكل كبير “حل الدولتين”.
وعلى غرار تركيا والعديد من دول العالم، لا يعترف الاتحاد الأوروبي بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ عام 1967.
ألمانيا تحذر: خطة الضم تهديد لاستقرار الشرق الأوسط
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن “الخطوة الإسرائيلية تهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله”، فيما أعرب البرلمان الألماني عن معارضته القوية للخطوة.
وأكد الوزير الألماني، خلال كلمة في برلمان بلاده، أن “السلام لا يمكن تحقيقه عبر خطوات أحادية الجانب”.
وتعهد بوضع القضية على رأس جدول أعماله، خاصة مع تولي برلين رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية لمدة ستة أشهر، وكذلك رئاسة مجلس الأمن خلال شهر يوليو/ تموز الحالي.
كما حث ماس، إسرائيل على إعادة النظر في خططها، قائلًا “لا زال ممكنا استغلال الفرصة والوقت المتاح لإيجاد حل للأزمة قبل عملية الضم المحتملة”.
بريطانيا: “الضم” خطوة للوراء ولا اعتراف بأي تغيرات على حدود 1967
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إن بلاده “لن تعترف بأي تغييرات “على حدود عام 1967، ما لم يوافق الفلسطينيون أيضًا على ذلك.
وفي مقال، نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، حذر جونسون إسرائيل من الإقدام على تلك الخطوة، داعيًا إلى “تحقيق العدالة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين”.
ورأى جونسون، أن خطة الضم المقترحة “ستعيد إسرائيل خطوات إلى الوراء، وتُعرض التقدم الذي أحرزته في تحسين العلاقات مع العالم العربي والإسلامي للخطر”.
وشدد رئيس الوزراء البريطاني على أن المصالح الإسرائيلية “تتداخل” مع مصالح الشركاء العرب.
وأبدى جونسون، فخره “لمساهمة المملكة المتحدة في ميلاد إسرائيل، بإعلان بلفور 1917”.
وأردف: “هذه المساهمة ستبقى عملا منقوصا إلى أن يتم التوصل إلى حل يوفر العدالة والسلام الدائم، لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وأفاد بأن “الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك ومايجب أن نعمل عليه في الوقت الحالي هو عودة الجانبين إلى طاولة المفاوضات”.
بروكسل.. “عقوبات” ضد إسرائيل واعتراف محتمل بفلسطين
في بلجيكا، تبنى البرلمان بتاريخ 26 يونيو/ حزيران الماضي، قرارا يحث الحكومة على إعداد قائمة تدابير يمكن اتخاذها ضد إسرائيل، في حال أقدمت على ضم أراض فلسطينية.
وجرى تمرير القرار، المقترح من طرف حزب “الخضر”، بأغلبية 101 صوت، في حين امتنع 39 عضوا بالبرلمان عن التصويت.
ويحث القرار الحكومة البلجيكية على “لعب دور قيادي على المستوى الأوروبي والمتعدد الأطراف، من أجل وضع قائمة بالتدابير المضادة الفعالة، للرد بطريقة تتناسب مع أي خطوة ضم اسرائيلية للأراضي الفلسطينية المحتلة”.
من جهة أخرى، أدان أكثر من 1000 برلماني أوروبي، في رسالة مشتركة، خطة الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وحثت الرسالة، الزعماء الأوروبيين على “وقف الخطة المقترحة، وحفظ آفاق حل الدولتين”.
وأعرب البرلمانيون، عن دعمهم لبيان مدير السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي السابق، جوزيب بوريل، الذي حذر من أن “الضم لا يمكن أن يمر دون اعتراض”.
ووقع الرسالة 1080 عضوًا من الجمعيات الوطنية والبرلمان الأوروبي، من النمسا، وبلجيكا، وتشيكيا، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، والمجر، وأيسلندا، وإيرلندا، وإيطاليا، ولوكسمبورغ، ومالطا، وهولندا، والنرويج، وبولندا، والبرتغال، ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وإسبانيا والسويد وسويسرا وبريطانيا.
وخلال كلمته أمام الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي، في 18 يونيو/ حزيران الماضي، قال بوريل، إن “الضم” سيشكل “انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي”، إذا ما قررته تل أبيب من جانب واحد.
وأضاف أنه استنادا للمعايير الدولية، يمكن لغالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قبول “حل الدولتين عبر التفاوض” فقط.
وفي السياق ذاته، صرح وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسيلبورن، في 14 يونيو الماضي، بأن اعتراف الاتحاد الأوروبي بفلسطين كدولة، سيصبح “حتميًا”، إذا مضت إسرائيل قدمًا في خطتها المثيرة للجدل.
كما دعا أسيلبورن، في تصريحات لمجلة “دير شبيغل” الألمانية، إلى اتخاذ موقف أوروبي أكثر صرامة ضد خطة الضم الإسرائيلية، مؤكدا أن “النقاش حول الاعتراف بدولة فلسطين، سيكسب ديناميكية جديدة، وسأعتبر ذلك أمرا حتميا”.
الفاتيكان: لا لخطوات إسرائيل الأحادية
أما الفاتيكان، فقد جدد رفضه لخطة “الضم”، واعتبر أن “الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، يمكنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الحساس في الشرق الأوسط”.
وأعرب وزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، في بيان، الأربعاء، عن القلق من أن “يعرض هذا الاجراء مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين للخطر”.
وحث بارولين “جميع الأطراف على اسئتناف عملية التفاوض المباشر، والاستعانة بالإجراءات التي يمكن أن تعيد الثقة المتبادلة”.
وفي بيان سابق، أكد بابا الفاتيكان، فرنسيس، على “أحقية الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية في الوجود والعيش في سلام وأمان، داخل حدود معترف بها دوليا”.
وكان نتنياهو، قد أعلن أن عملية الضم ستبدأ في الأول من يوليو الجاري، ولكن خلافات إسرائيلية داخلية وعدم التوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأمريكية، حال دون ذلك.
وتشمل الخطة الإسرائيلية، ضم غور الأردن وجميع المستوطنات، فيما تشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30% من مساحة الضفة المحتلة.
وتتجه إسرائيل لضم مستوطنة “معاليه أدوميم”، أكبر الكتل الاستيطانية على أراضي الضفة الغربية، عام 1975، والتي توسعت منذ ذلك الحين، لتصبح كتلة تضم عدة مستوطنات.
وكذلك الحال فيما يتعلق بالكتلة الاستيطانية “غوش عتصيون”، التي تضم 18 مستوطنة، تم الشروع بإقامتها مع بدء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن ترامب “صفقة القرن” المزعومة التي تتضمن إقامة دويلة فلسطينية في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، والأغوار تحت سيطرة تل أبيب.(الأناضول)