حكومة العراق تحاول محاربة “الفضائيين” بتوطين الرواتب

حكومة العراق تحاول محاربة “الفضائيين” بتوطين الرواتب

أعلنت الحكومة العراقية عن إجراءات لتخفيف حدة الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد إثر انهيار أسعار النفط. حيث باشرت بمراجعة وتدقيق لوائح جميع المستفيدين من مرتبات الدولة، والتي تبلغ قيمتها حوالي خمسة مليارات و500 مليون دولار شهريا، تدفع لنحو 10 ملايين عراقي موزعين بين ستة ملايين موظف، إضافة إلى المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية.

ووفقا لتقرير حكومي، تم العثور على عدد كبير من الذين يتقاضون أكثر من مرتب من جهتين أو أكثر. وأطلقت الحكومة مشروع توطين المرتبات، معتبرة أنه سيسهم في القضاء على ظاهرة “الفضائيين”، في مؤسسات الدولة.

وانتشر مصطلح الفضائيين في مؤسسات الدولة العراقية بعد عام 2014، وهم الأشخاص الذين يقدمون كامل رواتبهم أو نصفها إلى مسؤوليهم مقابل تغيّبهم عن العمل لفترات طويلة، أو هي أسماء وهمية يقبض المسؤولون رواتبها، أو متوفون ولم يتم استخراج شهادات وفاة لهم وما زال مسؤولون أو أفرادا من أسرهم يتقاضون الرواتب بدلا عنهم.

والأسبوع الماضي، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، جمال جوكر، في بيان صحافي له، إن “الحكومة أمام تحديات كبيرة إذا ما أرادت البدء بخطواتها الإصلاحية.

مراجعة وتدقيق لوائح جميع المستفيدين من مرتبات الدولة، والتي تبلغ قيمتها حوالي خمسة مليارات و500 مليون دولار شهريا، تدفع لنحو 10 ملايين عراقي موزعين بين ستة ملايين موظف، إضافة إلى المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية.

إذ بدأت بمزدوجي الرواتب، وعليها البدء بالسيطرة على المنافذ الحدودية، وهذه أمور مهمة لجلب الاستثمارات”. وأضاف أنه “بتدقيق بسيط وطرد الفضائيين وتوحيد الرواتب في راتب واحد، سوف ينخفض الإنفاق نحو ملياري دولار شهرياً، ويبقى على الحكومة تأمين 3.5 مليارات دولار للرواتب”.

وتابع أن “البرلمان حدد 60 يوماً للحكومة لتقديم إصلاحاتها التي تحتاج فيها إلى دعمه، وأن العقبة الوحيدة التي من الممكن أن تعيق خطواتها، هي وجود أشخاص وجهات لا تريد أن تمضي الحكومة في الإصلاحات”.

وقال مصدر في لجنة النزاهة، فضل عدم الكشف عن هويته، في حديث مع “العربي الجديد”، إن وزارات التجارة والصحة والدفاع والنفط والبلديات وهيئة الحشد الشعبي والداخلية يبلغ مجموع الموظفين الوهميين أو الفضائيين فيها نحو 200 ألف، بينهم من هم خارج العراق أصلا، وبعضهم لا يشتغلون بل يتفقون مع مسؤولين على أخذ نصف أو ثلثي الراتب الشهري، وآخرون متوفون.

وهناك قسم لا وجود لهم في الواقع، تم تزوير أوراق رسمية وتوظيفهم منذ الأشهر الأولى للغزو الأميركي للعراق عام 2003. وأضاف أن “ملف الفضائيين أصبح من أصعب ملفات الفساد في العراق، ويكبد الدولة شهريا مبالغ ضخمة”، معتبرا أن أي شخصية تحاول فتح ملف الفضائيين تتعرض إلى تهديدات وضغوطات سياسية كبيرة من قبل الأحزاب النافذة”.

وأشار المصدر إلى أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عازم على إنهاء ظاهرة الفضائيين في العراق، من خلال توطين رواتب جميع موظفي الدولة، كونها الخطة الأفضل لمكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة منذ سنوات”.

وتوطين الرواتب يعني تحويل رواتب الموظفين في القطاع الحكومي والمتقاعدين والمستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية، من رواتب يدوية يتم استلامها من دوائرهم نقداً، إلى استلامها عبر المصارف الحكومية أو الأهلية، وذلك من خلال حساب خاص يفتح للموظف في المصرف ويقوم بالسحب منه بواسطة بطاقة الدفع الإلكترونية أو نقدا.

وقالت النائبة شروق العبايجي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “الفساد في العراق أصبح منظومة متغولة، لها الكثير من الأبواب، وإن الفضائيين هم أحد أبواب الفساد التي استنزفت الاقتصاد العراقي منذ 2003 ولغاية اللحظة”.

وأضافت أن “أعداد الفضائيين في العراق كبيرة جداً، وأن الحكومة العراقية لا تمتلك أرقاما حقيقية حول العدد وحجم الأموال التي تُنفق عليهم شهريا”. وأشارت العبايجي إلى “أن المستفيد الوحيد من ظاهرة الفضائيين في العراق هي الأحزاب السياسية، خصوصا المتفردة بالسلطة”، منوهة إلى أن “جميع الدرجات الوظيفية التي تطلقها الحكومة العراقية سنوياً توزع على الأحزاب وبعض الشخصيات السياسية، لتقوم هذه الأحزاب ببيع هذه الدرجات وتسجيل الآلاف من الفضائيين بأسماء وهمية”.

وقال نائب رئيس لجنة العمل في البرلمان العراقي، حسين عرب، في حديث مع “العربي الجديد”، “إن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 هدرت أموالا طائلة على مئات الآلاف من الأشخاص الفضائيين والوهميين في عدد من الوزارات”.

نفط العراق

وأضاف أن “ظاهرة الفضائيين تعد جريمة مركبة، فالجريمة الأولى أنها نوع وشكل من أشكال الفساد وسرقة المال العام، والثانية هي سرقة حقوق المواطنين وحرمانهم من الحصول على وظيفة عامة”. ولفت عرب إلى أن “بعض حيتان الفساد يعملون على عرقلة توطين الرواتب في بعض الوزارات، لأنها ستكشف عن عدد الفضائيين وحجم الأموال التي تمت سرقتها طيلة السنوات الماضية”.

عمار حميد

العربي الجديد