أقر مجلس الوزراء في لبنان الثلاثاء، العديد من الإجراءات وفي مقدمتها الموافقة على تكليف شركة “ألفاريز آند مارسال” بإجراء تحقيق جنائي في المصرف المركزي. خطوة لئن صنفتها الحكومة على أنها تأتي لتدعم حرب مقاومة الفساد، فإن الكثير من المراقبين صنفوها في خانة مواصلة السير في خوض حرب على مقاس الأحزاب هدفها حصر مسؤولية الأزمة الاقتصادية والمالية في حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
بيروت – وافق مجلس الوزراء اللبناني الذي انعقد الثلاثاء برئاسة الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، على اقتراح وزير المالية وذلك بتكليف شركة “ألفاريز آند مارسال” بإجراء تدقيق مالي جنائي في المصرف المركزي.
وتمت الموافقة على التدقيق الجنائي على أن يرفع وزير المالية غازي وزني مشروع العقد إلى مجلس الوزراء للموافقة النهائية على بنوده في مهلة أقصاها أسبوع من تاريخه.
وأعلن في هذا الصدد، رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب أن اعتماد شركة للتدقيق المالي والمحاسبي والجنائي في مصرف لبنان هو حجر الأساس الذي يبنى عليه الإصلاح، معتبراً أنه سيكون قرارا تاريخيا في لبنان.
وأشار دياب إلى أن ذلك سيشكل تحولا جذريا في مسار كشف ما حصل على المستوى المالي من هدر وسرقات، وسيكون هذا القرار أحد أهم الإنجازات للحكومة بحسب قوله.
وهنأت وزيرة المهجرين غادة شريم اللبنانيين بهذا الإنجاز الذي وصفته بالتاريخي، قائلة عبر حسابها على “تويتر” “مبروك للبنان واللبنانيين إقرار مجلس الوزراء للتدقيق المالي الجنائي”.
وفيما اعتبرت الدوائر المقرّبة من السلطة الحاكمة أن التدقيق المالي الجنائي في المصرف المركزي اللبناني يعد خطوة هامة لمقاومة الفساد ومحاربة كل من يتحمل مسؤولية إهدار المال العام ما أدى إلى انهيار لبنان اقتصاديا، تشكك أطراف سياسية في ذلك وتصنفه في دائرة تصفية الحسابات وتحميل المسؤولية لطرف واحد دون ضرب المتورطين في الفساد من النافذين في السلطة.
تقول مصادر سياسية لبنانية إن الموافقة على تكليف شركة “ألفاريز آند مارسال” بالقيام بتدقيق مالي جنائي ومحاسبي في مصرف لبنان، لا يعدو أن يكون سوى مواصلة لتصفية الحسابات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قصد تحميله وحده مسؤولية ما آل إليه الوضع الاقتصادي من تأزم في العام الأخير.
وتشدد المصادر نفسها على أن السلطة باتت تتخذ مثل هذه القرارات بهدف إخبار مصارف عدة على إعلان إفلاسها تمهيدا لإعادة هيكلة النظام المصرفي اللبناني عبر تأسيس خمسة مصارف جديدة موالية لحزب الله والتيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.
وتأتي هذه الخطوة بعدما فرض قاض لبناني الاثنين، الحجز الاحتياطي على ممتلكات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بناءً على الطلب المقدم من الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”، وسط اتهامات عديدة للمسؤول المالي البارز بالفساد وإهدار المال العام وودائع اللبنانيين.
وجاء القرار بناء على شكوى ضد حاكم مصرف لبنان، بجرائم النيل من مكانة الدولة المالية، وحض الجمهور على سحب الأموال المودعة في المصارف، وبيع سندات الدولة، والإهمال الوظيفي والاختلاس.
ورغم أن الكثير من التقارير تشير إلى معارضة وزيري حزب الله التصويت لفائدة الموافقة على التدقيق المالي، فإن مصادر سياسية تصنف ذلك في خانة المعارضة الشكلية، معتبرين أنه لو كان بالفعل حزب الله يعارض هذه الخطوة، لما وافق مجلس الوزراء على اقتراح وزير المالية.
وفي السياق نفسه، أكدت مصادر لبنانية أن توجه مجلس الوزراء لاتخاذ مثل هذه الخطوة يؤكد مجددا تجاهل السلطة الحاكمة التي يسيطر عليها حزب الله لملف الكهرباء الذي تسبب في زيادة الدين العام للبلاد خاصة أن هذا الملف يمثل هدرا للمال العام ومسؤول عنه جبران باسيل الذي وضع يده على وزارة الطاقة مباشرة أو عبر أذرعه منذ 12 عاما.
وقبل الموافقة على التدقيق المالي في مصرف لبنان، سبق وأن أفضى اجتماع بين رئيس البرلمان نبيه بري وجبران باسيل إلى اتفاق على وجوب تكليف شركة تقوم بتدقيق مالي جنائي لحسابات المصرف المالي.
ويرى مراقبون، أن حكومة دياب باتت تشق خطوات في الاتجاه غير الصحيح بهدف التغاضي عن سطوة حزب الله وكذلك بصمة جبران باسيل التي كانت حاضرة بقوة لدى تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء.
ولم يقدر حسان دياب الذي رفع منذ ترؤسه الحكومة على تنفيذ وعوده، خاصة بعدما أعد حزب الله والتيّار الوطني الحر في الأشهر صيغة تحفظ ماء وجه ميشال عون وصهره جبران باسيل بإقرار مجلس الوزراء إنشاء معمل لإنتاج الكهرباء في سلعاتا، وهي بلدة ساحلية قريبة من مدينة البترون مسقط رأس باسيل.
وكان باسيل قد أصر على معمل سلعاتا، الأمر الذي جعل الرئيس اللبناني يعتبر المعمل مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه، نظرا إلى رغبته في إيجاد تمويل دائم وثابت للحزب الذي يرأسه.
وفي ملفات أخرى، أقر مجلس الوزراء خططا تهم تكثيف إجراءات الوقاية من فايروس كورونا، علاوة على احتواء تداعيات الأزمة الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية الراهنة.
كما أقرَ المجلس النظام الإلزامي لمعاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات في المرافق الحدودية اللبنانية، لكن المراقبين يشككون في هذه الخطة الأخيرة في ظل تحول معاقل حزب الله إلى مناطق للبلطجة والتهريب.
ويستند المتابعون على ما حدث مؤخرا، حيث تمكن حزب الله بحسب تحقيق نشره موقع مؤسسة “المجلس الأطلسي” الأميركية رغم إغلاق حدود لبنان مع سوريا بما في ذلك المعابر البرية من استعادة رفاة سبعة عناصر من قواته شاركوا في الحرب السورية.
وبحسب التحقيق الأميركي فإن، أربعة مصادر قريبة من حزب الله أكدت أن الحدود ليست مغلقة أمام استخدامات الحزب، كما قال مقاتل من حزب الله من بيروت “الحدود مغلقة لكم فقط”.
العرب