نيويورك – سلطت تصريحات ألمانية بشأن التأخير في تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا الضوء على التعقيدات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيجاد بديل للمبعوث الأممي غسان سلامة الذي استقال من منصبه قبل خمسة أشهر تقريبا.
وتطالب الولايات المتحدة بتوزيع المهمة في ليبيا إلى قسمين: وسيط سياسي يركز بشكل استثنائي على المفاوضات وآخر يتولى دور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ويكون له نفوذ دبلوماسي وقدرة على التحدث مع جميع الأطراف.
وتقول تقارير إن واشنطن فرضت تعيين ستيفاني ويليامز مبعوثة أممية بالنيابة إلى ليبيا بعد عمليات التشويش على المبعوث السابق غسان سلامة ومارست عليه ضغوطا دفعته إلى الاستقالة من منصبه رغم أنه صرح بأن الاستقالة كانت لأسباب صحية.
وكانت ويليامز من الأسماء المطروحة لخلافة سلامة، لكنها لم تحظ بالتأييد الدولي الكافي، حيث عينها الأمين العام للأمم المتحدة في 11 مارس الماضي ممثلة خاصة بالإنابة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وقال السفير الألماني لدى الأمم المتحدة كريستوف هويسجن يوم الخميس إن الولايات المتحدة يجب ألا تمنع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تعيين مبعوث جديد للمنظمة الدولية في ليبيا ليحل محل غسان سلامة.
واستقال سلامة، الذي رأس بعثة الأمم المتحدة وكان مكلفا بمحاولة التوسط في اتفاق سلام، بسبب الضغوط وذلك بعد فشل أحدث مساعيه لصنع السلام في البلد الذي يشهد حربا متواصلة وإرسال المرتزقة والميليشيات من قبل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في طرابلس.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة تريد الآن تقسيم الدور لجعل شخص واحد يدير بعثة الأمم المتحدة – المعروفة باسم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا – وشخص آخر يركز على التوسط من أجل السلام في ليبيا.
وقال هويسجن “كانت هناك تساؤلات أثارها شركاؤنا الأميركيون فيما يتعلق بهيكل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. نعتقد أنه يمكن مناقشة ذلك، ولكن.. يجب على الولايات المتحدة ألا تمنع الأمين العام من تعيين شخص يحل محل غسان سلامة”.
وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عادة ما يعطي الضوء الأخضر على هذه التعيينات بتوافق الآراء، لكن بعض الأعضاء الخمسة عشر لا يؤيدون المقترح الأميركي بتقسيم الدور.
وقال دبلوماسيون إن غوتيريش اقترح أن تحل وزيرة خارجية غانا السابقة ومبعوثة الأمم المتحدة الحالية لدى الاتحاد الأفريقي حنا تيته محل سلامة، وتقول واشنطن إنها يمكن أن تدعم ترشيحها بعد أن يعين غوتيريش وسيطا خاصا.
واقترحت الولايات المتحدة أن تكون رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة هيلي ثورنينج شميت مبعوثا خاصا، لكن دبلوماسيين قالوا إنها انسحبت من نفسها، وتتطلع واشنطن الآن إلى مرشح جديد.
ويبقى الإجماع على مرشح بعينه أكبر عائق أمام اختيار مبعوث أممي جديد إلى ليبيا، رغم أن الأزمة الحالية لا تحتمل المزيد من التأخير.
ومع احتدام المعارك بين الأطراف المتنازعة، تزداد صعوبة اختيار مبعوث جديد يحظى بإجماع الأطراف المحلية والدولية ويؤمّن مبدأ الحياد المطلوب بقوة لحلحلة أزمة معقدة تتقاطع فيها الأجندات الإقليمية والدولية.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن تأخر تعيين مبعوث أممي جديد يعرقل تطويق الأزمة ويعيق مساعي الحل السياسي في البلاد، خاصة مع وجود قناعة لدى الدول الكبرى وحتى ميليشيات حكومة الوفاق المسيطرة على طرابلس باستحالة الحل العسكري.
العرب