نجحت السلطات العراقية في إحباط مخطط لتفجير انتحاري يستهدف مدينة الناصرية ذات الغالبية الشيعية في أحدث محاولة للميليشيات الموالية لإيران لتذكية الصراع الطائفي في البلاد وذلك بعد أن أشارت مصادر إلى أن المتهم الذي يقف خلف هذه العملية ينتمي لفصيل تابع للحشد الشعبي.
وتعد هذه المرة الأولى التي تتمكن فيها السلطات الأمنية في العراق من إثبات فرضية تورط الفصائل المسلحة التابعة لإيران في استخدام العنف الدموي لتغذية النزاع الطائفي في البلاد.
وأثيرت ضجة واسعة بعد أن تم الكشف عن مخطط لاستهداف مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار ذات الأغلبية السكانية الشيعية، جنوب البلاد، بسيارة مفخخة، بالتزامن مع تسريب معلومات وهمية على أن المفجر هو أحد سكان مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين التي يغلب السنة على سكانها.
ولكن قوات الأمن العراقية، أحبطت العملية، وكشفت جانبا من تفاصيل مثيرة، وأخفت جانبا آخر.
وقالت خلية الإعلام الأمني، وهي الجهة المختصة بإصدار البيانات الرسمية عن الأنشطة الأمنية في العراق، إن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تداولت قصصا “متعددة بشأن موضوع العجلة التي ضبطت وألقي القبض على سائقها في ناحية البطحاء بمحافظة ذي قار”.
الأمن عثر في حوزة المتهم الذي يقود السيارة المفخخة على هويات تعريفية تؤكد انتماءه إلى الحشد الشعبي
وأضافت الخلية، “من أجل إحاطة الرأي العام بالموقف الرسمي الدقيق نبين أنه في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء يوم 6 أغسطس 2020 ضبطت مفارز من مديرية شؤون السيطرات الخارجية – مركز الشهيد نزار على الطريق السريع الدولي قرب نزلة السيد عباس الكوردي عجلة نوع مارك صفراء اللون تحمل لوحة التسجيل (28215/ نجف أجرة)، سائقها مِن مواليد 1973 يسكن محافظة ذي قار”.
وتابعت أنه “أثناء التفتيش الدقيق عثرت في صندوق العجلة على عبوتين محلية الصنع ومواد متفجرة وأجهزة تفجير، وقد عملت مفارز مكافحة المتفجرات على تأمينها وقد جرى تسليم العجلة والسائق والمبرزات الجرمية إلى مركز شرطة الشهيد نزار لإكمال التحقيق”، مشيرة إلى أن “المتهم الملقى القبض عليه على ذمة التحقيق” حاليا.
ولكن ما أخفته خلية الإعلام الأمني، هو أنها عثرت في حوزة المتهم الذي يقود السيارة المفخخة على هويات تعريفية تؤكد انتماءه إلى قوات الحشد الشعبي المولية لإيران.
وكشفت مصادر استخبارية أن المتهم الذي يقود السيارة المفخخة، ينتمي إلى ميليشيا أنصار الله الأوفياء، وهي إحدى الجهات المنضوية رسميا تحت لواء قوات الحشد الشعبي، التابعة للقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وأقر المتهم بأنه كان يروم تفجير السيارة المفخخة عن بعد في منطقة الحبوبي وسط مدينة الناصرية، بالتزامن مع إشاعة معلومات أن منفذ العملية ينحدر من مدينة تكريت، معقل الرئيس الأسبق صدام حسين.
وقالت مصادر إن المتهم قاد عجلته المفخخة من منطقة القائم في أقصى غرب البلاد عند الحدود مع سوريا، نحو أقصى جنوب العراق في محافظة ذي قار، من دون أن تشتبه به أي نقطة تفتيش، ما يؤكد نفوذ الفصيل الذي ينتمي إليه.
ولم تتبن السلطات الرسمية رواية تورط الحشد الشعبي في هذه العملية، لكن مصادر أمنية سربت بضع وثائق ومستمسكات وصور شخصية، تؤكد انتماء المتهم إلى فصيل أنصار الله الأوفياء. وبالرغم من الانخراط الشكلي من قبل هذا الفصيل في قوات الحشد الشعبي النظامية، إلا أن عناصره ملتزمون بتنفيذ أوامر الحرس الثوري الإيراني.
وتقول مصادر أمنية إن معظم عناصر أنصار الله الأوفياء ينتشرون في سوريا لخدمة نظام الرئيس بشار الأسد، برغم أنهم يحصلون على رواتب من الحكومة العراقية.
ويقول مراقبون إن سعي الجماعات العراقية التابعة لإيران إلى تفجير نزاع طائفي، يعكس أزمتها العميقة الحالية، المتمثلة برفض الشارع الشيعي لها.
وتريد هذه الجماعات تفجير نزاع طائفي، يذكر المجتمع الشيعي بحاجته المستمرة إلى الحماية من العنف السني المزعوم.
وكشفت الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العراق مطلع أكتوبر من العام الماضي، حجم الغضب الشيعي المتصاعد ضد السياسات الإيرانية في البلاد، وسط مطالبات علنية بالخلاص من هيمنة الميليشيات الموالية لإيران على السياسة والمال في العراق.
العرب