تترقب الأوساط السياسية في العاصمة العراقية بغداد، وإقليم كردستان العراق، نتائج الجولة الثانية من مفاوضات “الحوار الاستراتيجي” بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، المقرر أن تنطلق في 20 آب/ أغسطس الجاري، خلال زيارة من المقرر أن يُجريها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هناك.
ووفقاً لما أعلنه البيت الأبيض، مؤخراً، فإن المحادثات بين الطرفين ستتضمن “مواجهة التحديات التي يفرضها فيروس كورونا المستجد، إضافة إلى قضايا تخص الأمن والطاقة والمستجدات الاقتصادية”.
في حين ذكر مكتب الكاظمي أن الزيارة ستشمل “بحث ملفات العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، والتعاون المشترك في مجالات الأمن والطاقة والصحة والاقتصاد والاستثمار، وسبل تعزيزها، بالإضافة إلى ملف التصدي لجائحة كورونا، والتعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين”، حسب بيان حكومي.
والسياسيون الشيعة، الذين ينضوي أغلبهم في تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري، وضعوا حسم ملف إخراج القوات الأمريكية من الأراضي العراقي، وفقاً لقرار البرلمان العراقي (في 5 كانون الثاني/يناير الماضي)، على رأس أولويات الزيارة.
عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، النائب عن ائتلاف دولة القانون، كاطع الركابي، قال، في تصريح للوكالة الرسمية، إن “رئيس الوزراء سيناقش خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، اتفاقية الإطار الاستراتيجي وتواجد القوات الأجنبية”.
وأضاف، أن “رئيس الوزراء سيناقش أيضا الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق، وكذلك الأزمة الصحية فيما يخص وباء كورونا، علاوة على التعاون المشترك بين البلدين على مستويات متعددة”. في حين رأى عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، النائب عن تحالف “سائرون”، رامي السكيني، إن زيارة الكاظمي إلى واشنطن “ستحقق نوعاً من التوازن الدولي”.
وأَضاف النائب عن التحالف، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، أن “زيارة الكاظمي لواشنطن تعدّ من الزيارات المهمة في الجانب الدولي لتحقيق نوع من التوازن في الأداء، ودعم المصلحة العراقية وتعزيزها”.
وزاد: “الزيارة ستتناول الكثير من المحاور الاقتصادية والسياسية والأبعاد الأمنية التي يمكن أن تتحقق على الساحة العراقية”.
وأشار إلى أن “هناك أداء يجب أن يكون مختلفاً لرئيس الوزراء، وهذا لا يتحقق إلّا بوجود توازن في أداء الحكومة العراقية، وعدم الميول لمحور دون آخر”، لافتاً إلى أن “هناك محاور دولية تنعكس على الساحة العراقية، لذلك من الضرورة حدوث توازن وهدوء في الساحة داخلياً وخارجياً”.
ويتشاطر أغلب القيادات السياسية الشيعية، خصوصاً من يمتلك جناحاً عسكرياً أو فصيلاً مسلحاً، الرأي بشأن قرب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، من المحور الأمريكي، وخطورة ذلك على الجارة إيران، الداعم الأبرز لهم.
كتائب “سيد الشهداء” أحد الفصائل المسلحة المقربة من طهران، عدّت زيارة الكاظمي المرتقبة لواشنطن بأنها تصب في قناة “حلّ الحشد الشعبي” ومحاربة فصائل “المقاومة الإسلامية”.
المتحدث باسم الكتائب، كاظم الفرطوسي، صرّح لوسائل إعلامٍ محلّية أمس الأحد قائلاً: “هدف زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إعطاء ضمانات بحل الحشد الشعبي، إذا لم يستطع ذلك فسيعمل على تحجيمه، فضلا عن ضمانات أخرى بتخفيف العلاقات العراقية – الإيرانية”.
ورأى أن “مصطفى الكاظمي قدم الولاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قبل حصوله على منصب رئيس الوزراء، والآن بدء بتنفيذ بعض الأعمال وفق المصالح الأمريكية، كما سيعمل على محاربة فصائل المقاومة”، مهددا بالقول: “ستكون لنا وقفات حقيقة من هذه التصرفات، إذا طُبّقت على أرض الواقع”.
وعلى الرغم من ذلك، لكن القيادي في تحالف “الفتح”، غضنفر البطيخ، أشار إلى “تراجع” الضغط بشأن إخراج القوات الأمريكية من العراق.
وأضاف: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هي الأكثر قلقاً من التواجد الأمريكي في العراق والمنطقة”، مشيراً إلى أن “هذا التواجد يشكل تهديداً وخطراً، وربما يكون منطلقاً لشن عمليات وضربات ضد طهران”، حسب موقع “شفق نيوز”.
وبين أن “الضغط بشأن إخراج القوات الأمريكية من العراق، خف في الوقت الحالي”، لافتاً إلى أن “هناك شخصيات وجهات سياسية، تتكلم في الليل بشكل وفي النهار بشكل آخر”.
وأضاف أن “هناك ضغوطات من مختلف الجهات، لتخفيف الضغط بشأن إخراج القوات الأمريكية من العراق، وهذه الضغوطات من كل جهات، وغير مستبعد أن تكون هناك ضغوطات إيرانية على مجموعة من الفصائل تخفيف الضغط بهذا الملف في الوقت الحالي، لغرض التهدئة مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
وخلافاً للموقف الشيعي، يتفق السنّة والأكراد على أهمية استمرار العلاقة بين بغداد وواشنطن بجميع الملفات، معوّلين على الدعم الأمريكي وانتهاج سياسة متوازنة في العلاقات مع الجميع.
عضو مجلس النواب ظافر العاني، رأى أن العراق يحتاج إلى دعم أمريكي ودولي ملموس بمجالات عدة، “وإلا فوضع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي صعب”.
وزاد في تصريح له أمس، أن “الزيارة، ولاشك، مهمة لكلا البلدين، لكنها كما وصفها بيان البيت الأبيض تأتي في (وقت حرج)، وحراجة الوقت لا تنبع من أن الرئيسين يستعدان لخوض الانتخابات، ولكن لأنها ستكون اختبارا لمدى جدية الطرفين بعلاقة استراتيجية طويلة الأمد أو بفصم عرى هذا التحالف الهش”. وأضاف: “مواضيع الزيارة مهمة لنا كعراقيين، فهي ستبحث في ملفات الأمن والاقتصاد والطاقة والصحة”، مبيناً أن “العراق يحتاج إلى دعم أمريكي ملموس في هذه المجالات التي أصبحت مقلقة، وبدون هذا الدعم، سواء المباشر أو بتشجيع الدول الأخرى على تقديمه، سيكون وضع الكاظمي صعبا وفرصه في تحقيق برنامجه الإصلاحي ضئيلة”.
كذلك، أكدت رئيس كتلة الحزب “الديمقراطي الكردستاني” النائب فيان صبري، أن زيارة الكاظمي “ضرورية في توسيع علاقات التعاون بين البلدين”، فيما أشارت إلى أنها إشارات تحسن في العلاقات بين البلدين.
وقالت صبري للوكالة الرسمية، إن “هذه الزيارة تعد إشارة إلى تحسن في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة، لاسيما وأن الكاظمي أكد في برنامجه الحكومي أهمية العلاقات الخارجية مع دول العالم”، مشيرة إلى أن “العلاقات تقوم على أساس السيادة والتوازن والتعاون”. وأضافت أن “الزيارة ضرورية لبحث الملفات الثنائية وتعزيز التنسيق والتعاون الأمني في مواجهة الإرهاب، والتعاون الصحي في مواجهة كورونا، إضافة إلى التعاون الاقتصادي في مجالات الاستثمار والطاقة”.
مشرق بيسان
القدس العربي