حملة على الفساد تقطف رؤوسا كبيرة في الكويت

حملة على الفساد تقطف رؤوسا كبيرة في الكويت

الكويت – أصدرت محكمة كويتية، الأحد، حكمين بالسجن على شيخ في الأسرة الحاكمة وضابط كبير في وزارة الداخلية، وذلك ضمن جهود تفكيك شبكات الفساد التي تشعّبت كثيرا في الكويت وأصبحت تضمّ مسؤولين كبارا وأعضاء في أسرة آل صباح الحاكمة.

وقضت محكمة الجنايات بحبس العميد عادل الحشاش لمدة 30 عاما في قضية الاستيلاء على المال العام والمعروفة إعلاميا باسم “ضيافة الداخلية”. كما عاقبت المحكمة الشيخ أحمد الخليفة، بالحبس لمدة عامين، ووقف تنفيذ الحكم بكفالة خمسة آلاف دينار بعد إدانته بجريمة الإهمال، في ذات القضيّة.

وألزمت المحكمة الحشاش وآخرين بإرجاع 120 مليون دينار (ما يعادل 392 مليون دولار) كما أمرت بمصادرة الأموال والعمولات التي تحصّل عليها الضابط وعزله، كما قضت بعزل كل من إقبال الخلفان ووليد الصانع من الوظيفة العامة.

وترجع وقائع القضية إلى مطلع العام 2016 عندما كان الحشاش مديرا للعلاقات العامة حيث استغل وظيفته في اختلاس أموال الداخلية مع آخرين بحجة الصرف على مؤتمرات وضيافة وفود أمنية.

وصدر الحكم بعدما كانت المحكمة قد استمعت إلى مرافعة النيابة العامة، في الجلسة السابقة والتي نوهت فيها إلى الفساد الذي استشرى بشكل يستنزف الاقتصاد الوطني، وحذّرت ممّن يستخفون بمقدرات الشعب الكويتي والذين وصفتهم بمعدومي النخوة والأمانة. كما أوضحت أن هذه القضية كشفت عن طرق ملتوية وأساليب شيطانية في التزوير وغسل الأموال والاختلاس.

وكان الحشاش قد عرض في جلسات سابقة أمام محكمة الجنايات بواسطة محامي الدفاع دفع المبلغ المتهم باختلاسه، وهو 10 ملايين دينار (نحو 32 مليون دولار)، ليتم إطلاق سراحه إلى حين البت في القضية، إلّا أنّ طلبه قوبل بالرفض.

وتمكنت النيابة العامة سابقا من وضع يدها على أصول عقارية للضابط تقدر قيمتها بنحو 35 مليون دينار (نحو 113 مليون دولار) من أصل عشرات الملايين التي تم الاستيلاء عليها من المال العام.

وخلال السنوات الأخيرة، تحوّل تفجّر قضايا فساد كبيرة تتعلّق بنهب مبالغ طائلة من أموال الدولة إلى ظاهرة في الكويت. ومثّل تورّط شيوخ من الأسرة الحاكمة ومسؤولين كبار في تلك القضايا صفّارة إنذار بشأن تغلغل الفساد في مفاصل الدولة التي أصبحت البحبوحة المالية الكبيرة وراءها، بعد أن تناقصت الموارد المتأتية من النفط الذي تهاوت أسعاره بعد أن ظلّ لسنوات طويلة مصدر دخل ثري لخزينة الدولة.

تحذير قضائي من استشراء الفساد بشكل يستنزف الاقتصاد وظهور “أساليب شيطانية” في التزوير وغسل الأموال والاختلاس

وكان القضاء الكويتي قد فتح قبل أسابيع ملف قضية ما يعرف إعلاميا بـ”الصندوق الماليزي” المتهم فيها نجل رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ جابر المبارك الصباح، وشريكه رجل الأعمال حمد الوزان، فيما لم تنته التحقيقات من قضية أخرى تتعلّق بتجارة الإقامات وتشترك مع قضية “الصندوق الماليزي” في أن شيخا آخرَ، متهمٌ فيها هو الشيخ مازن الجراح الصباح الوكيل بوزارة الداخلية.

وتنطوي هذه القضايا على قدر كبير من الحرج للسلطات في فترة بالغة الحساسية تتميّز بأزمة مالية ناتجة عن تراجع أسعار النفط وجائحة كورونا، ما يدفع بمعضلة الفساد مجدّدا إلى واجهة الأحداث ويزج بها في قلب الصراع السياسي الذي لا يهدأ والذي يبحث الخائضون فيه باستمرار عن فرص للانقضاض على خصومهم والإيقاع بهم.

وتثير قضايا الفساد حالة من القلق بما تشيعه من ارتباك في الحياة السياسية الكويتية وما تخلّفه من أثر سيء على سمعة البلاد الطامحة إلى إدخال إصلاحات عميقة على اقتصادها تحدّ من تبعيته شبه الكاملة لموارد النفط، الأمر الذي استدعى تدخل رأس هرم السلطة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للتنبيه إلى خطورة الظاهرة والدعوة إلى إنهائها، حيث طالب الشيخ صباح الأحمد في يوليو الماضي من الهيئة العامة لمكافحة الفساد بالحزم في تطبيق القانون بالعدل والمساواة.

العرب