قال موقع أوريان 21 XXI Orient إن الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا في 18 أغسطس/آب الحالي يتوج فشل المجتمع الدولي في هذا البلد، وفي المقام الأول فشل فرنسا.
وقال ريمي كارايول الكاتب في “أوريان 21” إن باريس بتفضيلها النهج الأمني عبر قوة برخان تجاهلت التحذيرات بشأن الوهن الذي ميز فترة حكم كيتا، وما شاب إعادة انتخابه عام 2018 من تجاوزات وخروقات.
وأورد كارايول في البداية تعليقا للمتخصص في منطقة الساحل ماتيو بيليرين بشأن ما آلت إليه الأمور في مالي حين قال “إن الأزمة إذا كانت متعددة الأبعاد فإن الفشل فيها يكون متعدد الأبعاد هو الآخر”.
ولتوضيح ذلك، قال الكاتب إنه من الصعب أن يكون أي بلد حصل في السنوات الأخيرة على مثل الدعم الذي حصلت عليه مالي، سواء من الناحية المالية أو من حيث الأمن.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن الأمم المتحدة أرسلت أكثر من 13 ألف جندي من قوات حفظ السلام إلى هناك، ونشرت فرنسا 5100 جندي في إطار عملية برخان في هذا البلد، كما أنشأ الاتحاد الأوروبي بعثة لتدريب القوات المسلحة المالية منذ ما يقارب 6 سنوات، ودربت حتى الآن حوالي 14 ألف جندي مالي، أي الجزء الأكبر من الجيش في هذا البلد.
وعلى الرغم من كل هذا -يقول كارايول- فإن الحرب والقلاقل لا تزال تنخر مالي، حيث تتقاتل الجماعات الجهادية ومليشيات الدفاع عن النفس وحركات التمرد والقوات النظامية، وهو ما ينتج عنه كل عام سقوط آلاف الضحايا، كما أن السلطة الحاكمة لا تزال تتخبط في سوء الإدارة والفساد والمحسوبية.. إلخ.
ولئن كان هذا الوضع ينم عن فشل هذا البلد الأفريقي فإنه كذلك يجسد فشلا لفرنسا، إذ ينقل الكاتب عن موظف مدني أوروبي مقيم في باماكو قوله “هنا -من بين شركاء مالي الرئيسيين- فرنسا هي التي تتولى زمام الأمور”.
ووفقا للكاتب، اختارت باريس الوقوف منذ الوهلة الأولى إلى جانب كيتا، هذا السياسي الاشتراكي الذي تخرج في المدارس الفرنسية واستطاع جذب الماليين خلال انتخابات 2012 عبر استخدام شعارات يحب الماليون سماعها، مثل الكبرياء والوحدة والوطن.
ومن خلال الدعوة إلى الحزم في مواجهة المتمردين استطاع كيتا أيضا إغراء فرنسا وجزء كبير من المجتمع الدولي الذين رأوا فيه “مرشح الاستقرار”.
لكن ما إن استلم السلطة حتى بدأت الفضائح تترى والفساد ينخر البلد، ولم تتدخل باريس خلال فترته الرئاسية الأولى لكنها بدأت منذ إعادة انتخابه وما شابها من تجاوزات في توجيه بعض العتب له خلال الاجتماعات المغلقة، وبعد أن اتضح لها أنه لم يعد رجل المرحلة بدأت تضع كل ثقلها خلف رئيس الوزراء السابق سوميلو مايغا، وذلك رغم سمعته السيئة بين الماليين الذين يرون فيه نوعا من “الاستبداد الأمني” تبين خلال إدارته لجهاز المخابرات وتسلمه وزارتي الدفاع والخارجية.
وعندما أرغم مايغا على الاستقالة راهنت فرنسا على خليفته بوبو سيسي، لكنه هو الآخر لم يكن يحظى بشعبية كبيرة بين الماليين، بل إن حراكهم الذي كان يقوده الإمام محمود ديكو طالب بإقالته.
غير أن باريس -التي لا تريد أن ترى دورا لديكو رغم شعبيته الواسعة- ظلت متشبثة بسيسي إلى أن انقلب العسكر عليه وعلى رئيسه، ودخلت مالي في فترة جديدة لم تتضح معالمها بعد.
وختم الكاتب بأن تخبط باريس دفع مالي إلى طريق مسدود تتحمل فرنسا -التي جعلت مكافحة الإرهاب محط تركيز مشاركتها في مالي على مدار السنوات السبع الماضية- مسؤولية كبيرة عنه.
المصدر : أوريان 21