ترامب يدعم تحركات ماكرون بشرط استبعاد حزب الله

ترامب يدعم تحركات ماكرون بشرط استبعاد حزب الله

تحركات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لبنان، وإمساكه بخيوط اللعبة السياسية في هذا البلد، لا يمكن أن تجري دون تنسيق مع الإدارة الأميركية، ولكن يبقى السؤال إلى أي مدى يصل هذا التنسيق لاسيما مع اختلاف في مقاربة كل منهما لكيفية التعاطي مع حزب الله.

بيروت – تحول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدينامو المحرك لخيوط المشهد في لبنان، في وقت تبدو فيه القوى السياسية اللبنانية لاسيما الموجودة في السلطة في موقف ضعف، وليس عليها إلا الانصياع وتنفيذ المطالب الفرنسية.

وتستفز حالة الخضوع التي يبدو عليها الفريق الحاكم في لبنان أنصاره، وهو ما انعكس في ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقول دوائر سياسية لبنانية إن تصدر الرئيس الفرنسي للمشهد في لبنان وانتزاعه للقب “بيّ الكل” من الرئيس ميشال عون لا يعني أن الرجل يتصرف بشكل منفرد، وبمعزل عن الولايات المتحدة، بل العكس تماما حيث إن تحركاته تأتي في إطار تنسيق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته، في ظل إدراكه بأنه لا يمكن أن ينجح في تحقيق أي من الإنجازات في هذا البلد دون الدعم الأميركي.

وتلفت الدوائر إلى أن الولايات المتحدة تدعم جهود ترميم البيت اللبناني بيد أن هذا الأمر يبقى رهين جملة من الشروط في مقدمتها استبعاد حزب الله عن السلطة.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شنكر، في حديث لصحيفة “النهار” اللبنانية، إن حزب الله “ليس ميّالا للإصلاح، وإنّما استفاد من الفساد أيضاً”، مضيفاً أنّ الحزب “اعتمد على الفساد من خلال عدم دفع رسوم المرفأ وامتناعه عن دفع رسوم الجمارك، وتقويض النظام المصرفي”.

وقال شنكر”نقدّر المبادرة والجهود الفرنسية لكن لدينا اختلافات صغيرة”، مشيراً إلى أنّ “الحكومة الجديدة يجب ألّا تكون كالتي سبقتها”.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو شدد في وقت سابق على “ضرورة أن تكون هناك حكومة تقوم بإصلاحات معتبرة وتحدث تغييرات كما يطالب الشعب”، معتبرا أن “نزع سلاح حزب الله يمثل أكبر التحديات”.

وحرصت فرنسا، التي على خلاف عدة دول أوروبية لم تصنف حزب الله بجناحيه تنظيما إرهابيا، على إظهار قدر كبير من المرونة مع الحزب ترجمته تصريحات رئيسها “المنفتحة” واللقاءات التي قام بها مع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” التابعة للحزب محمد رعد، خلال زيارته الأخيرة لبيروت بمناسبة إحياء ذكرى مئوية إعلان لبنان الكبير.

قابلها حزب الله بترحاب لافت حيث قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إن حزبه مستعد لمناقشة الاقتراح الفرنسي بشأن التوصل إلى “عقد سياسي جديد”، الذي سبق وطرحه ماكرون على اللبنانيين في زيارته الأولى التي جاءت عقب انفجار بيرت المدمر في الخامس من أغسطس.

وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن نقاشات تجري خلف الكواليس حول البحث في صيغ جديدة للحكم في لبنان، وتترأس باريس طاولة البحث في هذه الصيغ، فيما لا تبدو الولايات المتحدة بعيدة عن أجوائها، وتنظر إلى تحققها في إطار أشمل يشترط بالضرورة “لبننة” حزب الله، وتحوله إلى حزب مدني، وقبل ذلك ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة خالية من أي بصمات للحزب المدعوم من إيران.

وجدد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب الخميس الحديث عن رغبته في تشكيل حكومة اختصاصيين، لتنفيذ الإصلاحات.

جاء ذلك عقب لقائه مع رئيس البلاد ميشال عون بالعاصمة بيروت، حسبما نقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية. وأفاد أديب قائلا “قناعتي ورغبتي أن أشكل فريق عمل متجانسا وحكومة اختصاصيين تسعى لتنفيذ الإصلاحات في أسرع وقت ممكن”.

والاثنين، كلف عون أديب بتشكيل حكومة جديدة بعد حصوله على 90 صوتا‎ من إجمالي 120 صوتا بالبرلمان، خلال استشارات نيابية ملزمة. وقطع الاتفاق السريع على رئيس للوزراء، مع سنوات طويلة كانت فيها عملية التكليف تمتد لأسابيع وأشهر، ويعود الفضل في ذلك إلى الضغوط الفرنسية.

ويرى مراقبون أن ترك الولايات المتحدة المجال مفتوحا أمام فرنسا لترتيب المشهد اللبناني، لا يعني بالمرة أنها منحتها “صكا على بياض” وإلا لكانت أوكلت لها الوساطة في ملفات شائكة مثل ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان.

وفي رد على تصريحات سابقة للرئيس الفرنسي بشأن حزب الله قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن الحزب لا يزال يشكل “تهديدا كبيرا”. وقالت مورغان أورتاغوس لشبكة “الحرة” الأربعاء إن “حزب الله المدعوم من إيران هو منظمة إرهابية لا تزال تشكل تهديدا كبيرا للولايات المتحدة وشركائها الدوليين”.

وكان موقع “بوليتيكو” نقل عن ماكرون قوله “إذا واجهنا القوة بالقوة، يعد ذلك تصعيدا” في إطار دفاعه عن انفتاحه على كافة الأطراف في لبنان ومن بينها حزب الله.

ولا يستبعد البعض أن يكون هناك أشبه بعملية توزيع أدوار بين باريس وواشنطن، ففيما تبدي الأولى انفتاحا على حزب الله وتساهلا معه، لترك المجال أمام فرص التوصل إلى توافقات، تتشدد الأخيرة في موقفها حياله وتضاعف من ضغوطها عليه.

وفي خضم كل ذلك يحاول الحزب مجاراة لغة الطرفين، واستغلال الوضع لكسب المزيد من الوقت، ولكن السؤال يبقى إلى متى؟ ففترة السماح الفرنسية قصيرة أقصاها 3 أشهر، وفي حال لم يقم حزب الله وحلفاؤه بما هو مطلوب على صعيد تشكيل حكومة “اختصاصيين” لا يحشرون أنفسهم فيها والانطلاق في ورشة الإصلاحات فإنه سيجد أمامه وجها فرنسيا مختلفا؟

العرب