تزايد رهانات مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية

تزايد رهانات مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية

يتزايد رهان مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية من خلال تنمية المشاريع وتعزيز الاستكشافات، غير أن نجاح هذه الخطط حسب خبراء يظل رهن تحقيق اكتشافات النفط الخام الذي لا تزال تستورده لتغطية النقص المحلي.

القاهرة – تثير رهانات الحكومة المصرية على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية تساؤلات حول مدى فاعلية الخطط، حيث يتوقع خبراء أن تنجح الحكومة المصرية في تنفيذ خطتها، بينما يرى آخرون أن نجاح هذه الخطة رهن بتحقيق اكتشافات للزيت الخام، الذي ما زالت مصر تستورده.

وكانت مصر قد أعلنت عن خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية بحلول العام المالي 2021 – 2022، ثم عدلتها للعام 2022 – 2023، وتشمل هذه المنتجات البنزين والنافتا والبوتاجاز والسولار ووقود النفاثات والمازوت والكيروسين.

وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أيام مشروع إنتاج البنزين عالي الأوكتين بطاقة 700 ألف طن بشركة “انربك” في إطار هذه الخطة.

ونفذت مصر سلسلة مشروعات لتكرير البترول ساهمت في تقليص كميات البنزين المستوردة بنحو 50 في المئة، مقارنة بالكميات المستهلكة قبل أربع سنوات، حين كانت تستهلك نحو 3 ملايين طن مقابل 1.5 مليون طن حاليا، حسب وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا.

كما طبقت عدة إجراءات لتنفيذ الخطة، مثل تصحيح منظومة التسعير، ما ساهم في ترشيد الاستهلاك بمقدار 300 ألف طن، وتتوسع في توصيل الغاز الطبيعي إلى المنازل بدلا من البوتاجاز، وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي.

ووفقا لوزارة البترول، يجري تنفيذ حزمة مشروعات على مدار السنوات الثلاث المقبلة باستثمارات 7.5 مليار دولار، من أهمها إجراء توسعات بمعمل ميدور لتكرير البترول، ومشروع مجمع أسيوط لإنتاج البنزين.

وتجاوز حجم الاستثمارات التي تم إنفاقها وتنفق في قطاع البترول والثروة المعدنية 1.16 تريليون جنيه في حولي 159 مشروعا، تم تنفيذ 115 مشروعا، ويتم حاليا تنفيذ 44 مشروعا آخر، حسب رئيس الحكومة مصطفى مدبولي.

وفي هذا الصدد، قال الخبير في قطاع النفط مدحت يوسف إن “مصر على الطريق الصحيح بتنفيذها خطة منتظمة وواضحة المعالم لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد البترولية”.

ونسبت وكالة شينخوا ليوسف، وهو رئيس هيئة النفط الأسبق، قوله إن “الخطة جيدة جدا، لأنها لا تكتفي فقط بإنشاء معامل تكرير، بل مرتبطة بمراكز الاستهلاك وشبكة خطوط الأنابيب والمستودعات الإقليمية المتوزعة في أنحاء الجمهورية”.

وأردف أن مصر تنفذ خطة لإحلال الغاز الطبيعي محل المنتجات النفطية، وبالتالي سينخفض معدل الاستهلاك السنوي لهذه المنتجات.

واستطرد أن “ثروة مصر تتركز أساسا في الغاز الطبيعي، والحكومة تعمل حاليا على الاستفادة من هذه الثروة، وبدأت بإحلال الغاز الطبيعي محل العديد من المنتجات البترولية الأخرى”.

وحققت مصر بالفعل الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بعد اكتشاف حقل ظهر في البحر المتوسط، وتصدر الفائض، لكنها تستورد النفط الخام لتلبية احتياجاتها.

وتابع يوسف أن “أهم منتج تنطبق عليه هذه الخطة هو المازوت، حيث يتم حاليا استخدام الغاز الطبيعي بدلا منه في محطات توليد الكهرباء وفي العديد من الاستخدامات الصناعية، وبالتالي أصبح لدى مصر وفر كبير جدا من المازوت، الذي يتم تحويله إلى منتجات بترولية”.

ورأى أن هذا الأمر سيؤدي إلى تخفيض واردات مصر من المنتجات البترولية، بما يخفف العبء عن الموازنة العامة، ويحسن من الاقتصاد المصري.

وتابع أن “خطة مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي ستنجح، وهذا أمر واضح، ومصر ستحقق فعلا اكتفاء ذاتيا، فهي تصدر وقود النفاثات”، وتوقع أن تصدر خلال ثلاث سنوات البنزين للخارج، مشيرا إلى أن مصر في عام 2008 كانت تصدر مليون طن من البنزين لأوروبا.

أما الدكتور رمضان أبوالعلا أستاذ هندسة البترول ونائب رئيس جامعة فاروس بمحافظة الإسكندرية، فرأى أنه من الصعب أن تحقق مصر الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية خلال المدة المعلنة.

وقال أبوالعلا إن “مصر ما زالت تستورد حتى الآن منتجات بترولية، ولا توجد في الأفق اكتشافات زيت خام، ومعظم المنتجات البترولية من الزيت الخام، إذن كيف ستحقق مصر الاكتفاء الذاتي”.

وأوضح أن “خطة الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود والمشتقات تعد خطة طموحة”.

وأكد أن “تحقيق المزيد من الاكتشافات البترولية هو السبيل للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من المشتقات والوقود، لأن معدلات الاستهلاك في ارتفاع، والإنتاج المحلي الحالي لا يكفي لتلبية احتياجات السوق المصرية”.

ومن المقرر أن توقع مصر قريبا على 12 اتفاقية مع شركات كبرى للتنقيب عن النفط والغاز في شرق وغرب البحر المتوسط، والبحر الأحمر، والصحراء الغربية، حسب تصريحات سابقة لوزير البترول.

ووقعت مصر في مايو الماضي بالأحرف الأولى على اتفاقيات مع ثلاث شركات أجنبية للتنقيب عن البترول والغاز للمرة الأولى في البحر الأحمر.

ووصل عدد الاتفاقيات البترولية التي أبرمتها مصر مع المستثمرين منذ يوليو 2014 وحتى يناير الماضي إلى 82 اتفاقية، باستثمارات حدها الأدنى حوالي 16 مليار دولار، لحفر 340 بئرا.

لكن وزير النفط الأسبق أسامة كمال قال إنه “من الممكن جدا أن تحقق مصر الاكتفاء الذاتي مع المزيد من الاكتشافات البترولية خلال العامين القادمين والتوسع في معامل التكرير”.

وأشار كمال إلى زيادة الإنتاج هذا العام بعد الانتهاء من مشروع إنتاج البنزين عالي الأوكتين بشركة انربك، ومشروع الشركة المصرية للتكرير الذي رفع إنتاج السولار حوالي 17 في المئة، وسيتم افتتاحه خلال الأيام القادمة.

وتوقع الوزير الأسبق أن تعلن وزارة البترول خلال الفترة المقبلة عن بعض المشروعات لزيادة الإنتاج وتوسيع معامل التكرير وإضافة معامل جديدة، إلى جانب التوسع في إنتاج الزيت عن طريق طرح مناطق جديدة للتنقيب.

العرب