قانون قيصر يعمق أزمة الوقود في سوريا

قانون قيصر يعمق أزمة الوقود في سوريا

دمشق – تعاني مناطق السيطرة الحكومية في سوريا نقصا حادا في البنزين نتيجة العقوبات الأميركية المشددة التي تعطل واردات الوقود الحيوية، وذلك في أحدث أزمة تضر باقتصاد بلد دمرته الحرب.

وقال وزير النفط السوري بسام طعمة، للتلفزيون الرسمي إن قانون قيصر عطل عدة شحنات من موردين لم يكشف عنهم. وأضاف الوزير “تشديد الحصار الأميركي ومنعه وصول التوريدات اضطررنا إلى أن نخفض هذا التوزيع نحو 30 إلى 35 بالمئة”.

ودخل “قانون قيصر” الأميركي حيز التنفيذ، في يونيو الماضي، بإعلان واشنطن إنزال عقوبات على 39 من الأشخاص والكيانات المرتبطين بالنظام السوري. وشملت القائمة، التي مثلت “الدفعة الأولى” من سلسلة العقوبات (ثلاثة دفعات حتى الآن)، رئيس النظام بشار الأسد، وزوجته أسماء باعتبارهما “مهندسي معاناة الشعب السوري”.

وبموجب العقوبات، بات أي شخص يتعامل مع النظام السوري معرضا للقيود على السفر، أو العقوبات المالية بغض النظر عن مكانه في العالم.

وأُطلق على القانون اسم “قيصر” نسبة لمصور سابق في الشرطة العسكرية السورية انشق عن النظام عام 2013، حاملا معه 55 ألف صورة تظهر الوحشية والانتهاكات في السجون السورية، والتي هزت المجتمع الدولي بأكمله.

ويقول سكان إن هناك نقصا حادا في العاصمة والمدن الرئيسية، حيث تشكلت طوابير طويلة من المركبات بمحطات البنزين الأسبوع الماضي.

ويأتي نقص الوقود مع دخول البلاد في خضم أزمة اقتصادية، وسط انهيار العملة وارتفاع التضخم بشدة، مما يزيد من حدة المصاعب التي يواجهها السوريون الذين يعانون من حرب مندلعة منذ أكثر من تسع سنوات.

وحددت الحكومة للمركبات الخاصة حصة حجمها 30 لترا من البنزين كل أربعة أيام، وقال السكان إن مئات من سائقي السيارات ينتظرون لساعات قبل فتح محطات الوقود.

ودفع قرار السلطات السورية تحديد كمية التزود بالبنزين للسيارات إلى نقص كبير في السوق الرسمية وانتعاشتها في السوق السوداء نظرا لخروج عمليات البيع هناك عن ضوابط السوق الرسمية.

واستغل بعض تجار الوقود هذه الأزمة لزيادة أرباحهم وذلك بالمضاربة في أسعار البنزين وعدم الالتزام بأدنى شروط البيع.

وانهار إنتاج النفط في سوريا بعد أن فقدت دمشق معظم حقولها في قطاع من الأرض شرقي نهر الفرات في دير الزور، حيث باتت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتلقى دعما مباشرا من الولايات المتحدة.

وتشتري دمشق عبر وسطاء مادة النفط من الأكراد، لسد العجز الحاصل لديها، بيد أنه في الأشهر الأخيرة وجهت الولايات المتحدة تحذيرات للجانب الكردي بوقف تزويد النظام، وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم معرضون لسيف قيصر.

وسبق أن اعتمدت سوريا على شحنات النفط الإيرانية، لكن تشديد العقوبات عليها وعلى طهران وحلفائهما أدى إلى توقف الإمدادات العام الماضي.

وأعلنت الحكومة السورية في يناير الماضي، أنّ منشآت نفطية بحرية تابعة لمصفاة بانياس غرب البلاد تعرّضت للتخريب بواسطة عبوات ناسفة زرعها غطّاسون. وفي يونيو العام الماضي تعرّضت المنشآت ذاتها لعملية تخريبية، ما تسبب في تسرّب نفطي في منطقة المصب البحري وتوقف بعضها عن العمل.

ومنذ بدء النزاع مُني قطاع النفط والغاز بخسائر كبرى تقدّر بأكثر من 74 مليار دولار جراء المعارك وفقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى فضلاً عن العقوبات الاقتصادية المشدّدة عليها.

وقال طعمة إن النقص تفاقم بسبب أعمال الصيانة الرئيسية في مصفاة بانياس، أكبر مصفاة في البلاد، والتي توفر ثلثي احتياجاتها من البنزين. وأضاف أن أعمال الصيانة التي لم يكن منها بد في المصفاة البالغ طاقتها 130 ألف برميل يوميا ستكتمل خلال عشرة أيام، مما سيرفع طاقتها بنسبة 25 بالمئة.

وتابع أن “الأزمة إلى انفراج نهاية هذا الشهر مع انتهاء العمرة في مصفاة بانياس وعودتها للعمل حيث سيزيد إنتاج مادة البنزين بنسبة 25 بالمئة”. وأفاد الوزير بأن شحنات من عدة مصادر لم يكشف عنها ستساعد أيضا في تخفيف الأزمة في وقت لاحق هذا الشهر.

ويقول متعاملون إن واردات النفط عبر مرفأ بيروت تعطلت أيضا في أعقاب الانفجار الكبير الذي شهده في أغسطس الماضي.

وتتهم واشنطن سوريا منذ فترة طويلة بتهريب النفط من خلال لبنان عبر منطقة حدودية يسهل اختراقها يسيطر عليها حزب الله، حليف دمشق، المدعوم من إيران. وقال متعاملان إن نقص العملة الأجنبية أجبر دمشق أيضا على استيراد كميات أقل من الوقود في الشهرين الماضيين، مما زاد من شح الإمدادات.

العرب