بيروت – أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالات هاتفية بالقادة اللبنانيين الجمعة لمناقشة الجهود المتعثرة لتشكيل حكومة جديدة، في محاولة لإنقاذ مبادرته التي تستهدف إنقاذ لبنان من أزمة اقتصادية وسياسية متفاقمة.
وتمارس فرنسا ضغوطا على سياسيين من طوائف لبنانية مختلفة لتشكيل حكومة في وقت قريب للبدء في إصلاحات مطلوبة داخليا ودوليا. لكن العملية وصلت إلى طريق مسدود بسبب خلافات تداخل معها البعد المحلي بالإقليمي والدولي في علاقة بالصراع الأميركي الإيراني.
ويصر الفصيلان الشيعيان الرئيسيان في البلاد، وهما حزب الله المدعوم من إيران وحركة أمل، على ترشيح الشخصيات الشيعية التي ستشارك في الحكومة ومن بين الحقائب التي تريد تسمية من يشغلها وزارة المالية.
في المقابل يرفض رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب ومن خلفه رؤساء الحكومات السابقون الذين يمثلون الطائفة السنية الأمر، وسط حديث عن دخول أميركي على الخط.
وانقضى بالفعل الموعد النهائي المحدد بين باريس وزعماء لبنان لتشكيل حكومة جديدة في 15 سبتمبر الجاري. ولا يبدو أن هناك أفقا لحل هذه المعضلة، لاسيما مع إصرار الثنائي الشيعي على مواقفه. ولئن تبدو باريس مستعدة للتنازل، إلا أن القوى اللبنانية المقابلة ليست في وارد ذلك.
وذكرت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس ميشال عون تلقى اتصالا من الرئيس إيمانويل ماكرون تناول “الوضع الحكومي وضرورة الاستمرار في المساعي لتأمين ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن”.
وصرح مصدر دبلوماسي بأن ماكرون اتصل أيضا برئيس البرلمان نبيه بري، زعيم حركة أمل ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي يدعم رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب.
وقال أديب، وهو سني، الخميس إنه سيمنح المزيد من الوقت لمحادثات تشكيل الحكومة بعدما أشارت تقارير إلى أنه قد يتنحى عن المهمة. وكان قد اقترح تداول السيطرة على الوزارات إذ ظلت في أيدي ذات الطوائف لسنوات طويلة.
وذكر المصدر الدبلوماسي أن ماكرون تحدث مع أديب الخميس وطلب منه التحلي بالهدوء وعدم التنحي.
وصرح زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الجمعة بأن مطالب حزب الله وحركة أمل الشيعيين تضرب المبادرة الفرنسية “في الصميم”. وأضاف خلال مؤتمر صحافي بثه التلفزيون “إن شاء الله أكون مخطئا بس تعطلت وتعطلت، شو بدو يعود يخلصها هلق؟”.
وأشار إلى أن “الإذعان لمطالب حزب الله وحركة أمل سيدفع بقية القوى لطرح مطالب وهو ما سيعرقل الإصلاحات”. وردا على سؤال بشأن المتوقع إذا تبددت الفرصة التي توفرها المبادرة الفرنسية، قال “مزيد من الانهيار بس (لكن) بسرعة أكبر”.
ومع انحسار فرص التوصل إلى تسوية إلى حدودها الدنيا قال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في تغريدة على تويتر مساء الجمعة “غدا وعند صياح الديك سيكتشف أهل الميثاق القديم وأهل العرف الجديد أن لا مال في بيت المال وأن مرفأ بيروت مات وانتقل إلى أشدود وعسقلان وأن أنابيب الخليج ستستبدل بالـ’أي.بي.سي’ والـ“تبلين” وأن كل صواريخ وراجمات المذهبية من أي جهة لن تحمي لبنان”.
وأضاف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي “أخشى أن أقول رحمة الله على لبنان الكبير”.
ويرى مراقبون أن فشل تشكيل حكومة لبنانية سيقود لبنان إلى المجهول، وستجد القوى السياسية المتحكمة في المشهد نفسها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي وربما عقوبات.
وسبق وأن حذرت باريس تلك القوى من مغبة التعامل بلامبالاة مع كل ما يحدق بلبنان وأن سيناريو فرض عقوبات موضوع على الطاولة.
وتعاملت الولايات المتحدة بنوع من الاستخفاف مع المبادرة الفرنسية وما يمكن أن تحققه في ظل إدراكها بأن حزب الله وحلفاءه لن يقبلا تشكيل حكومة خارجة عن سيطرتهما.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية الخميس عن عقوبات بحق شركتي آرش كونسالتينغ للدراسات والاستشارات الهندسية، ومعمار كونستركشن للهندسة والمقاولات، لارتباطهما بحزب الله.
وفرضت في 8 من شهر سبتمبر الجاري، عقوبات على وزيرين لبنانيين سابقين (علي حسن خليل، ويوسف فنيانوس)، بسبب ضلوعهما في عمليات فساد كبيرة، وتعاونهما مع حزب الله.
العرب