عززت الولايات المتحدة خارطة الطريق التي رسمتها للتعاون الأمني مع تونس في العام 2015 بتوقيع اتفاق جديد الأربعاء على هامش زيارة وزير الدفاع مارك إسبر حيث تعهدت واشنطن بتقديم المزيد من الدعم للجيش التونسي لمواجهة تقلبات المنطقة الأمنية لاسيما الوضع المأزوم في ليبيا التي تشهد صراعا مسلحا.
تونس – وقع وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الأربعاء، خلال زيارته تونس وهي الأولى للقارة، اتفاقا للتعاون العسكري لمدة عشر سنوات، في خطوة يرى مراقبون أنها مهمة لدعم التقارب مع تونس كشريك استراتيجي لمواجهة الوضع الليبي المأزوم وتداعيات خطر الإرهاب على المنطقة.
وأكد إسبر اهتمام بلاده بتعميق التعاون “من أجل مساعدة تونس على حماية موانئها وحدودها”، موضحا أن الهدف من ذلك هو مواجهة “المتطرفين.. ومنافسينا الاستراتيجيين الصين وروسيا.. بسلوكهما السلبي”.
ومن جانبه، شدد وزير الدفاع التونسي إبراهيم البرتاجي على “أهمية الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة الأميركية في مجال أمن الحدود ومساهمتها في تركيز منظومة المراقبة الإلكترونية”.
وتناول المسؤولان التطورات في مالي، حيث تنتشر قوات تونسية في إطار بعثة الأمم المتحدة منذ العام الماضي وفق بيان نشرته وزارة الدفاع التونسية.
وقدّم إسبر لنظيره التونسي نسخة مطابقة للأصل من مسدس يعود لأول رئيس للولايات المتحدة الأميركية جورج واشنطن وأكد على “أهمية بقاء الجيش بعيدا عن السياسة”.
ويُنظر للجيش التونسي على أنه لا يتدخل في الشأن السياسي في البلاد كما أنه لعب دورا مهما خلال ثورة 2011، ولم يتدخل لقمع المتظاهرين قبل سقوط نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.
وتطور دور الولايات المتحدة الأميركية في دعم الجيش التونسي خاصة من خلال التدريبات والعتاد لمقاومة الإرهاب، فضلا عن حماية الحدود مع ليبيا التي تشهد وضعا غير مستقر.
ويرى الخبير العسكري المتقاعد مختار بن نصر أن “الاتفاق سيدعم العمل المشترك بين الطرفين خصوصا في العمل الاستخباراتي وتأمين الحدود، حيث كان مستوى التعاون بين تونس والولايات المتحدة طيبا منذ 2011 من ناحية التدريب وتأهيل القوى”.
واعتقد بن نصر في تصريح لـ”العرب”، “أن الزيارة مثمرة ومن شأنها أن تفتح آفاقا أكبر وتدريبات متميزة للتصدي لظاهرة الإرهاب”.
وأشار إلى أن “الزيارة جاءت في ظرفية مناسبة خصوصا مع استقالة رئيس حكومة الوفاق في ليبيا فايز السراج والانقلاب العسكري في دولة مالي والتواجد التركي والروسي في ليبيا، ونحن اليوم في وضع يتطلب ضرورة تكاثف الجهود للوقوف بأكثر صلابة أمام المخاطر الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الإرهاب”.
وتعتبر واشنطن أن تونس حليف مهم منذ العام 2015 دون أن تكون عضوا في حلف شمال الأطلسي وتقدم لها دعما مع تزايد الوضع تأزما في ليبيا.
ويرى مراقبون أن توقيع الاتفاق العسكري يتّخذ زاويتين أساسيتين، الأولى إقليمية وخارجية في علاقة بما يحدث في ليبيا، وزاوية داخلية متعلقة بالأمن القومي وحماية حدود تونس من شبح الإرهاب ومخاطره.
وأفاد المحلل السياسي سرحان الشيخاوي في تصريح لـ”العرب”، “أن المسألة لا تتعلق بالأمن القومي التونسي بل تتعلق أساسا بليبيا التي لها موقع استراتيجي، فضلا عن كون الولايات المتحدة تعتبر أن تونس عنصر أساسي للبحث عن حلول كفيلة لتجاوز الأزمة الليبية والخروج بحل سلمي”.
وأضاف الشيخاوي “توقيع الاتفاق في علاقة بانتشار المجموعات الإرهابية والبحث عن صياغات جديدة للقضاء على هذه المجموعات، وهو يأتي كخاتمة لتصريحات مسؤولين وسياسيين كبار في الولايات المتحدة الذين تحدثوا عن عزم الإدارة الأميركية على الوقوف إلى جانب تونس ودعمها للقضاء على الإرهاب”.
وتشارك قوات أميركية في تدريبات مشتركة مع الجيش التونسي بانتظام كما نظم البنتاغون عرضا للطيران العسكري في مارس الماضي في جزيرة جربة (جنوب) تحت مسمى المعرض الدولي للطيران والدفاع.
وخصص البنتاغون دعما للجيش التونسي بحوالي مليار دولار منذ ثورة 2011، وفقا للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).
وكثيرا ما نفت السلطات التونسية وجود قاعدة عسكرية أميركية على أراضيها وأنه لن تكون هناك واحدة في المستقبل، إلا أن تقارير إعلامية أميركية كشفت في العام 2017 أن فريقا عسكريا متخصصا في تسيير الطائرات دون طيار متواجد في قاعدة تونسية في محافظة بنزرت شمال شرقي البلاد.
وسبق أن أعلنت أفريكوم في بيان لها أنها تعتزم إرسال فرق دعم إلى تونس على خلفية تأزم الوضع في ليبيا، ما أثار انتقادات واسعة في الأوساط التونسية. ثم أوضحت أفريكوم في بيان ثان أن هذه الفرق ستكون للتدريب المشترك وليس للقتال.
العرب