بري يدعو إلى حكومة لبنانية جديدة بضغط أميركي

بري يدعو إلى حكومة لبنانية جديدة بضغط أميركي

بيروت – دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى تشكيل حكومة لبنانية جديدة وذلك بعد 48 ساعة من إعلانه عن اتفاق على إطار لمفاوضات مع إسرائيل بغية ترسيم الحدود بين البلدين.

وقالت مصادر سياسية إن بري يستجيب بدعوته هذه إلى طلب أميركي بضرورة التخلص من الحكومة الحالية برئاسة حسان دياب التي كانت قدمت استقالتها بعد تفجير ميناء بيروت في الرابع من أغسطس الماضي.

وأوضحت المصادر السياسية أن الحكومة المستقيلة التي تتولى تصريف الأعمال محسوبة من وجهة النظر الأميركية على “حزب الله”.

وتشير المصادر إلى أن نبيه بري، الذي أعلن بحماس عن اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل، يسعى لإظهار نفسه في صورة المعتدل الذي يمكن أن تقبل به الولايات المتحدة ليكون عرّاب المرحلة القادمة من بوابة فتح القنوات مع إسرائيل، وتسهيل الوساطة الأميركية، وخاصة من بوابة حكومة جديدة تقطع الطريق أمام المبادرة الفرنسية.

واتفق لبنان وإسرائيل على إطار لإجراء محادثات بوساطة أميركية تهدف لإنهاء صراع طويل الأمد بشأن الحدود بين البلدين اللذين خاضا عدة حروب.

وقال نبيه بري للصحافيين، الخميس الماضي، إن الجيش سيقود الفريق اللبناني، وإن المفاوضات ستجرى في جنوب لبنان قرب الحدود وتحت إشراف الأمم المتحدة، وإن الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها من أجل التوصل لاتفاق في أسرع وقت ممكن.

ورحبت وزارة الخارجية الأميركية بالاتفاق وقالت إنه استغرق ثلاث سنوات من الجهود الدبلوماسية للتوصل إليه.

وكان واضحا أن تحرك نبيه بري باتجاه التهدئة مع الولايات المتحدة، وعرض خدماته، لم يكن بمعزل عن حزب الله وإيران اللذين يأملان في إرسال إشارات تهدئة إلى واشنطن على أمل أن توقف مسار العقوبات المتصاعد الذي تستهدف به مصالح الحزب كما مصالح حليفته إيران.

وينتظر حزب الله، كما هو شأن الإيرانيين، نتائج الانتخابات الأميركية على أمل صعود مرشح الديمقراطيين جو بايدن وفتح قنوات تواصل جديدة شبيهة بتلك التي عمل من خلالها الرئيس السابق بارك أوباما ومكن إيران من خلالها من اتفاق نووي سمح برفع التجميد عن أموالها وأوقف العقوبات الدولية ومكّنها من تمويل أنشطتها التخريبية في المنطقة.

ويقول متابعون للشأن اللبناني إن نبيه بري، الذي كان أحد الفاعلين الرئيسيين في إفشال المبادرة الفرنسية بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدا عن نفوذ الأحزاب، سيعمل على بناء حكومة جديدة بنفس المواصفات تنال رضا الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت يتحكم فيها الثنائي الشيعي من وراء الستار من خلال الزج بمستقلين وهميين خاصة في الوزارات السيادية مثار الخلاف.

ويمكن أن توفر مبادرة بري الالتفافية فرصة لحلفائه في حزب الله والتيار الوطني الحر لربح الوقت وبحث صيغ المناورة لإفشال الحكومة الجديدة التي تطلبها واشنطن بانتظار ما تفرزه وضعية الانتخابات الأميركية القادمة، وقبل ذلك صحة الرئيس دونالد ترامب الذي أصيب بكورونا، وتأثير غيابه عن الحملة الانتخابية على حظوظه في الفوز.

وليست مهمّة مسألة الوقت لدى الثنائي الشيعي، إذ يمكن أن يستمر الفراغ الحكومي لفترة أطول. كما أن تلويح فرنسا بالعقوبات على المعرقلين أو بحجب أموال المانحين عن لبنان ليس مهمّا طالما أن أوراق تحريك المشهد السياسي والحكومي بأيدي حزب الله، وهو ما بدا واضحا في خطاب الأمين العام للحزب حسن نصرالله منذ أيام.

وقال نصر الله موجها خطابه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “لا زلنا نرحّب بالمبادرة الفرنسية، ومستعدون للتحاور مع الفرنسيين والفرقاء في لبنان”.

وتابع “لا نقبل أن يتهمنا ماكرون بالخيانة، وندين هذا السلوك. ولا نقبل أن يشكك بنا أو أن يتهمنا بالفساد، وإذا كان لدى السلطات الفرنسية أيّ ملف فساد على وزراء حزب الله، فليتفضل إلى القضاء، وليقم بتقديمه من أجل محاسبتهم فورا.”

وكان رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب اعتذر عن عدم إكمال مهمته التي كلفه بها الرئيس ميشال عون في الـ31 من أغسطس الماضي.

العرب