تشهد أسواق النفط حالة من الاستقرار، لتواصل نشاطها دون حدوث أي صدمات كبرى خلال الأشهر الستة الأخيرة، ولكن هذا الاستقرار يعود في معظمه إلى الصين، التي يمكن أن تشهد وارداتها النفطية انخفاضا حادا مع نهاية العام.
يقول الكاتب إيغور نيديلكين، في تقرير نشرته مجلة “إكسبرت” (expert) الروسية، إن أسواق الطاقة لم تتمكن من التعافي من الانهيار الذي عانت منه في الربيع الماضي، إذ إن أزمة فيروس كورونا لا تزال تؤثر على الطلب من النفط، مع ذلك تمكنت الأسواق من تحقيق بعض التوازن، والعامل الرئيسي في ذلك لم يكن فقط خفض الإنتاج من دول أوبك بلس، بل أيضا إقبال الصين على الشراء.
خلال الأشهر الأخيرة، لعبت الصين دورا كبيرا في دعم التعافي في العالم من خلال استيراد كميات كبيرة من الذهب الأسود، هي الأعلى منذ مايو/أيار الماضي، وهو ما تشير إليه الأرقام الرسمية لسلطات الجمارك الصينية.
وخلال الأشهر الخمسة الماضية، لم تنخفض واردات الصين من النفط الخام عن 11 مليون برميل يوميا، ووصلت في شهر يونيو/حزيران إلى 12.9 مليون برميل يوميا، وهو رقم تجاوز أعلى مستوى وصلت إليه في شهر مايو/أيار بفارق 1.5 مليون برميل.
ارتفاع الواردات
هذه البيانات تواصل التأكيد على وجود ارتفاع ملموس في الواردات، بينما تنهمك الموانئ الصينية في إفراغ الحمولات التي ربما كانت في صف الانتظار لعدة أسابيع، ولكن في باقي أنحاء آسيا، لا يُظهر الطلب على الطاقة أي تعاف حقيقي، ولا يزال المشكل الأساسي هو ضعف هامش الربح الذي يمكن أن تحققه منشآت تكرير النفط.
من جهتهم، يطرح المحللون والخبراء سؤالا واحدا مهما، وهو “إلى متى سوف تواصل الصين القيام بمفردها بدعم أسواق المحروقات في العالم بأكمله؟”، بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا ننسى أن الموجة الثانية من فيروس كورونا عصفت بكل الدول المتقدمة تقريبا، الأمر الذي نجمت عنه تأثيرات سلبية على تعافي الاقتصاد.
ويرى الكاتب أن المشكلة التي تثير المخاوف الآن، هي أن سبب الطلب غير المسبوق من قِبَل الصين على النفط الأساسي هو نشاط منشآت التكرير في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين، عندما انخفضت الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاما. ومن غير المفاجئ أن الصينيين سارعوا في ذلك الوقت لاغتنام الفرصة والإقبال على شراء الوقود الرخيص بكميات قياسية.
وتشير بيانات سلطات الجمارك الصينية إلى أن هذه المشتريات تواصلت خلال كامل فصل الصيف، لأن الصفقات تم إبرامها في الربيع ولم تصل الناقلات المحملة بالنفط إلا في الأشهر التالية، كما كان هناك عدد ضخم من السفن بالموانئ الصينية، وهو ما أدى لإطالة صف الانتظار لتتمكن من تفريغ حمولتها.
نهاية موجة الشراء
والآن، حسب موقع “أويل برايس” الأميركي المتخصص في أخبار الطاقة، فإن هذا الاكتظاظ في الموانئ الصينية بدأ يخف، وهو ما يشير إلى أن الواردات سوف تعود إلى مستوياتها العادية في الأشهر المقبلة، وهذا يعني بعبارة أخرى أن ذروة الواردات الصينية من النفط تسير نحو نهايتها.
وفقا للخبراء، فإن الصين على الأرجح سوف تنتهي من استقبال كميات النفط التي تعاقدت سابقا لشرائها، مع نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك بنسق 636 ألف برميل يوميا، وهي الكميات التي تم تأجيلها من سبتمبر/أيلول إلى هذا الشهر.
وتطرح هذه المعلومات مشكلة جديدة، حيث إن أغلب التجار وأصحاب منشآت التكرير استنفدوا حصص الواردات التي تسمح بها الحكومة الصينية بالنسبة لعام 2020، وبالتالي سيضطرون لتعليق نشاطهم بقية هذا العام.
وبناء على هذه العوامل، خلص الكاتب إلى أن الواردات النفطية الصينية لن تتمكن من تحقيق النمو في فترة نهاية العام، ولا يجب توقع تحقيق أي أرقام قياسية، وأمام تراجع الطلب في أوروبا في ظل وجود إجراءات وقيود مؤلمة فرضتها الحكومات، فإن هذا العامل سوف يزيد الضغط على الأسواق العالمية.
في المقابل، سيبدأ الإنتاج العالمي للنفط بالارتفاع، حيث إن ليبيا بدأت تستعيد قدرتها على تشغيل حقول النفط، وبدأ عدد منصات الاستخراج في الولايات المتحدة يرتفع في الأسابيع الماضية، ما يؤشر إلى عودة الحياة في قطاع النفط الصخري.
المصدر : الصحافة الروسية