واشنطن – أضفت تغريدات المرشح الجمهوري دونالد ترامب بشأن التزوير المزيد من الغموض حول مآل الانتخابات الأميركية، وهل سيتم الإعلان عن نتائجها بصفة عادية، أم سيلجأ الطرفان إلى القضاء لحسم نقاط الخلاف حول فرز الأصوات التي وصلت عبر البريد.
وكتب ترامب في تغريدة جديدة له، الأربعاء، “مساء أمس كنت متقدما في الكثير من الولايات الرئيسية”، مضيفا “بعد ذلك، بدأت الواحدة تلو الأخرى تختفي بطريقة سحرية مع ظهور بطاقات انتخابية مفاجئة واحتسابها”.
والبطاقات التي يتحدث عنها الرئيس هي تلك التي وصلت عبر البريد ومن الممكن أن تستمرّ عملية فرزها عدة أيام في بعض الولايات، وهي البطاقات التي يتخوف منها ترامب في ظل حديث عن أن أنصار منافسه جو بايدن هم من بادروا إلى التصويت عبر البريد خوفا من كورونا.
وتسبب تعداد هذه البطاقات بتراجع ترامب في ميشيغن وويسكونسين، وهما ولايتان رئيسيتان تعتمد نتيجة الانتخابات على أصواتهما. ويهدد هذا التعداد أيضا تقدّمه في ولاية بنسيلفانيا في الأيام المقبلة.
وكان ترامب ظهر قبل ذلك ليعلن النصر وقال إن محاميه سيتوجهون إلى المحكمة العليا، دون أن يحدد ما سيطالبون به.
وقال “كنا نستعد للفوز في هذه الانتخابات. بصراحة لقد فزنا بهذه الانتخابات”.
وأضاف “هذا احتيال كبير على أمتنا. نريد تطبيق القانون بطريقة ملائمة. لذلك سنذهب إلى المحكمة العليا (التي رشح لها ثلاثة من قضاتها التسعة). نريد أن يتوقف كل التصويت”.
وأثار ترامب شكوكا طوال الصيف حول صلاحية الانتخابات، والتي قوضتها -حسب قوله- نسبة التصويت الكبيرةعبر البريد بسبب انتشار كوفيد – 19.
وقال مرارا وتكرارا “ستكون هذه الانتخابات الأكثر تزويرا في الولايات المتحدة”.
وأعرب جو بايدن في المقابل عن تفاؤله وشدد على أنه على طريق الفوز داعيا الأميركيين إلى الصبر. وقال أمام أنصاره في معقله ويلمينغتون في ولاية ديلاوير “حافظوا على إيمانكم، سنفوز”.
ودعا ترامب في 24 سبتمبر إلى إلغاء البطاقات التي ترسل عبر البريد. وقال “دعونا نتخلص من هذه البطاقات وسيكون الأمر سلميا جدا”، وفي اليوم نفسه، رفض التعهد بضمان انتقال سلمي للسلطة. وقال من البيت الأبيض “يجب أن نرى ما سيحصل”، وهو الموقف الذي دفع إلى تأويلات شتى من بينها فرضية نزول أنصار ترامب إلى الشوارع لرفض نتائج الانتخابات.
ومن المتوقع أن يلجأ الطرفان إلى القضاء لحسم هذا الخلاف في تكرار لخلاف سنة 2000 حين توقفت نتيجة الانتخابات بين جورج دبليو. بوش وآل غور على أصوات ولاية فلوريدا. وقررت المحكمة العليا الأميركية في النهاية أن الفائز هو بوش في حكم صدر بعد خمسة أسابيع من التصويت.
وقال بيل ستبين مدير حملة ترامب إن الحملة ستمضي قدما في مساعيها القانونية لضمان إحصاء جميع الأصوات الصحيحة وليس التي جرى الإدلاء بها بطريقة غير قانونية.
وأضافت حملة ترامب أنها تتوقع فوزه رغم أن الأصوات في ولايات حاسمة ما زالت قيد الإحصاء.
وقال ستبين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف “إذا أحصينا جميع الأصوات الصحيحة سنفوز.. سيفوز الرئيس”.
من جانبها، اعتبرت جين أومالي ديلون، مديرة حملة بايدن الانتخابية، في بيان أن تصريحات ترامب عن “محاولة وقف فرز الأصوات التي تم الإدلاء بها بطريقة سليمة كانت مشينة وخاطئة ولم يسبق لها مثيل”.
وأعلن مستشار في حملة بايدن أنّ ترامب قد يواجه “هزيمة محرجة” في حال لجأ إلى المحكمة العليا قبل انتهاء فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
وقال القاضي السابق بون بووير “قد يواجه واحدة من أكثر الهزائم المحرجة لرئيس أمام أعلى محكمة في البلاد” في حال طلب عدم احتساب بطاقات اقتراع فرزت بعد موعد الاقتراع.
ولا تنظر المحكمة العليا في الطعون المباشرة لكنها تبت في قضايا رفعت إليها من محاكم أدنى درجة.
لكن خبراء قانونيين قالوا إن نتيجة الانتخابات قد تتعطل بسبب طعون في كل ولاية على حدة بشأن عدد من القضايا، بما يشمل إمكانية إحصاء الولايات للأصوات التي تصل متأخرة عبر البريد وأرسلت في يوم الانتخاب ذاته.
ويقول متابعون للانتخابات إن تصريحات ترامب زرعت شكا واسعا لدى أنصاره وقد تقود إلى ردات فعل عنيفة في الولايات التي لم يفز فيها، وخاصة تلك التي أشار إليها بشكوكه، والتي غيرت فيها البطاقات البريدية موازين القوى.
وفي مؤشر واضح على القلق الناجم عن الاقتراع، حصّنت متاجر عدة في مدن كبيرة -منها واشنطن ولوس أنجلس ونيويورك- واجهاتها تحسبا لأعمال عنف قد تلي الانتخابات.
وأحرق متظاهرون أعلاما أميركية وساروا في شوارع بورتلاند ينشدون أغاني احتجاجية ويحملون بنادق هجومية فيما خيم توتر شديد على ليلة الانتخابات التي لم تشهد مع ذلك أعمال عنف في المدينة الواقعة شمال غربي البلاد.
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف.بي.آي) قد حذر من احتمال وقوع اشتباكات مسلحة في بورتلاند مرتبطة بالانتخابات، تحسبا لاحتجاجات عنيفة من قبل جماعات يمينية متطرفة مثل “براود بويز”.
ولا يُنتخب رئيس الولايات المتحدة بأغلبية الأصوات الشعبية. وبموجب الدستور، يصبح المرشح الذي يفوز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي البالغ عددها 538 صوتا، الرئيس المقبل للبلاد.
وإذا تقرر عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى “انتخابات طارئة” بموجب التعديل الثاني عشر للدستور. وهذا يعني أن مجلس النواب سيختار الرئيس المقبل، بينما يختار مجلس الشيوخ نائب الرئيس.
وتجرى انتخابات طارئة أيضا في حالة التعادل بحصول كل مرشح على 269 صوتا بعد الانتخابات. وهناك العديد من المسارات الممكنة التي قد تصل بالانتخابات إلى طريق مسدود في عام 2020.
وأي نزاع انتخابي في الكونغرس سينتهي قبل الموعد النهائي الذي هو 20 يناير، وهو الموعد الذي ينص فيه الدستور على انتهاء فترة الرئيس الحالي.
وبموجب قانون الخلافة الرئاسية، إذا لم يعلن الكونغرس عن الفائز بمنصب الرئيس أو منصب نائب الرئيس بحلول ذلك الوقت، فإن رئيس مجلس النواب سيكون الرئيس بالإنابة. وتشغل هذا المنصب حاليا الديمقراطية نانسي بيلوسي.
العرب