شكوك تحاصر قصة نجاح الصين في القضاء على الفقر بنهاية 2020

شكوك تحاصر قصة نجاح الصين في القضاء على الفقر بنهاية 2020

بعد ست سنوات من اعتماد الصين لاستراتيجية تهدف إلى انتشال من يعيشون تحت خط الفقر بمعدل مليون شخص شهريا، لم تحقق مبتغاها، كما أشارت إلى ذلك العديد من الدراسات، رغم النمو الاقتصادي السريع خلال العقدين الماضيين، وهو ما يفند جدوى خطط الحكومة الشيوعية، التي تواجه تحديات بسبب الحروب التجارية وأزمة كورونا.

بكين – فندت دراسة حديثة قصة نجاح الصين في مواجهة الفقر، حيث لا يزال هذا التحدي مشكلة كبرى ولاسيما في مناطق الريف حيث يدفع نقص الوظائف البالغين القادرين جسديا إلى العمل في أماكن أخرى تاركين أطفالهم وكبار السن وراءهم رغم النمو المتسارع.

وأدى تحول بكين من مجتمع زراعي إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى إخراج مئات الملايين من الصينيين من دائرة الفقر المدقع، وكجزء من خطط أوسع نطاقا لتحويل البلاد إلى مجتمع “مزدهر بطريقة معتدلة”، حدد الحزب الشيوعي الحاكم هدفا غير مسبوق، وهو القضاء على الفقر في البلاد بنهاية العام الحالي.

ويشكل تقليل معدل الفقر أولوية لشرعية الحزب الشيوعي الحاكم، وفي ظل حكم الرئيس شي جين بينغ تبنت الحكومة هدفا غير مسبوق للقضاء على الفقر تماما بنهاية 2020. ورغم أن الصين تقترب بالفعل من تحقيق الهدف فإن ملاءمة الإجراءات الحكومية للوصول إلى مبتغاها ما زالت محل تساؤل.

ويعتبر تخفيف حدة الفقر تحديا دائما للمجتمع الدولي. فمن يعيشون في فقر مدقع يعانون من الحرمان الشديد من أساسيات الحياة الإنسانية، مثل الغذاء ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحي والخدمات الصحية والمسكن والتعليم.

ورغم أن الفقر يعتبر قضية متعددة الأبعاد، فإنه يقاس بشكل عام بمستوى الدخل. ووفقا للبنك الدولي، فإن خط الفقر يتحدد على أساس الدخل الذي يقل عن 1.9 دولار يوما، وأن معدل الفقر في العالم تراجع بشدة منذ عام 1990، عندما كان 36.2 في المئة من سكان العالم تحت خط الفقر، أي ما يعادل 1.9 مليار نسمة إلى حوالي 8.7 في المئة حاليا.

وساهمت الصين بأكثر من ستين في المئة من هذا الانخفاض في معدل الفقر العالمي، فبعد عقود من النمو الاقتصادي السريع خرج حوالي 748.5 مليون صيني من دائرة الفقر المدقع، ليصل معدل الفقر إلى 0.3 في المئة مقارنة مع 66.3 في المئة قبل ثلاثة عقود.

وعندما يتم تطبيق خط الفقر وهو 5.5 في المئة يوميا في الصين، وهي دولة ذات دخل متوسط أعلى، كان 17 في المئة من السكان، أي ما يعادل 237.2 مليون شخص ما زالوا يعيشون في فقر مع نهاية 2018.

ومن الملاحظ أنها نسبة أعلى من دول أخرى ذات دخل متوسط، فمعدل الفقر في تركيا الذي يبلغ 8.5 في المئة على سبيل المثال، هو نصف المعدل في الصين، ولكن الصين تتفوق على البرازيل التي يبلغ فيها معدل الفقر 19.8 في المئة وكذلك المكسيك بنحو 22.7 في المئة.

رغم أن الصين تقترب بالفعل من تحقيق هدفها فإن ملاءمة الإجراءات الحكومية مع الواقع ما زالت محل تساؤل

ورغم أن التقدم الذي حققته الصين في تقليص الفقر مثير للإعجاب، فإن الأمر لم يخل من مشكلات، بحسب دراسة حديثة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، فحتى 2018، كان معدل الفقر في المناطق الريفية بالصين خمسة أمثال المعدل في المناطق الحضرية.

ولذلك فإن خط الفقر في الصين يعكس هذا التباين بين المناطق الحضرية والريفية، فالأرقام الرسمية تقدم فقط البيانات في المناطق الحضرية، وليس على مستوى الدولة ككل. وكانت الحكومة حددت خط الفقر الخاص بها في 2011، ليعتبر الفقير هو من يقل دخله عن 339.7 دولار سنويا، وفقا لأسعار 2010.

وتحقق نجاح الصين في تخفيف حدة الفقر، بفضل النمو السريع على مدى العقود الماضية، فقد ارتفع متوسط دخل الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى أكثر من عشرة أمثاله.

ومع ذلك يرى خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن النمو كان متفاوتا بصورة كبيرة، حيث تركزت الوظائف الصناعية ذات الراتب المرتفع في المناطق الحضرية وقد بدأت الحكومة اتخاذ خطوات للحد من هذا التفاوت من خلال التركيز على الحد من الفقر في المناطق الريفية يشرف عليه مكتب تابع لمجلس الدولة لتحديد المقاطعات الفقيرة.

وأطلقت الحكومة في 1994 برنامج أولوية تخفيف الفقر خلال سبع سنوات، والذي استهدف إخراج 80 مليون صيني من دائرة الفقر خلال سبع سنوات. كما أن السلطات المركزية أسست آليات تعاونية تسمح بتحويل مساحات واسعة من المناطق الساحلية في البلاد إلى مناطق حضرية لدعم الأقاليم الغربية الأشد فقرا.

ومنذ وصوله إلى الحكم، جعل شي جين بينغ القضاء على الفقر هدفا رئيسيا لسياساته. وتحت قيادته تبنت بلاده استراتيجية “التخفيف الموجه للفقر” وهو مفهوم وضعه شي في عام 2013 خلال رحلته إلى إقليم هونان.

ورغم جميع البيانات الإيجابية الخاصة بمحاربة الفقر في الصين، تواجه الحكومة ضغوطا متزايدة لمعالجة الفجوات وانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، أو بين الأقاليم الصينية المختلفة.

وكان رئيس الوزراء الصيني، لي كيشيانغ قد قدم في مايو الماضي التقرير السنوي لعمل الحكومة، وقال فيه إن الحكومة “ستتبنى سياسة لمنح المهاجرين القادمين من المناطق الريفية إلى الحضر فرصا متساوية للحصول على خدمات التوظيف في المدن التي يعيشون فيها”.

كما أعلن أنه سيتم السماح لذوي الدخل المنخفض بتأجيل سداد أقساط اشتراكات التأمين الخاصة بهم، في ظل الظروف الحالية.

العرب