الرياض – اشتبك التنظيم العالمي للإخوان المسلمين مع هيئة كبار العلماء السعودية ووصفها بالمطبلة للسلطات بعد أن صنفت الهيئة تنظيم الإخوان إرهابيًّا لا يمثل منهج الإسلام وحذّرت من أجندته.
وأطلق كبار الناشطين الإخوان على الهيئة أوصافا تهكمية، ووصفت توكل كرمان علماء الهيئة بأنهم مطبلون وملمّعو أحذية، فيما اعتبر محمد المختار الشنقيطي -أحد الباحثين في مؤسسة قطر بالدوحة والداعم لفكر الإخوان- بيانَ الهيئة “مجرد فرقعة إعلامية”.
وكانت هيئة كبار العلماء قد أصدرت بيانا شديد اللهجة ضد جماعة الإخوان المسلمين واعتبرت أنها “جماعة منحرفة” وأن من رحمها “خرجت جماعات إرهابية متطرفة عاثت فسادا في البلاد والعباد”.
وتزامن البيان مع حملة أوروبية بدأت تتضح معالمها لاستهداف مفاصل التنظيم الإخواني في أوروبا، وسط استفاقة في عدد من الدول الأوروبية بشأن الخطر الإستراتيجي الذي تمثله الجماعة من خلال استقطاب الشباب وشحنهم بأفكار تحض على مقاطعة المجتمع الغربي وبناء مجتمع إسلامي منعزل يكره الآخرين ويحرض على استهدافهم واستهداف قيمهم.
وقال مراقبون إن بيان هيئة كبار العلماء السعودية فيه رسالة واضحة إلى أوروبا مفادها أن جماعة الإخوان لا تمثل الإسلام، وأن خطرها على الإسلام هو نفسه الخطر الذي يتهدد أوروبا من وراء احتضانها الجماعة لعقود وفتح الأبواب أمام سيطرتها على مساجد الجالية المسلمة ومراكزها الدينية وأنشطتها الخيرية.
واعتبر المراقبون أن البيان بمثابة إبراء ذمة سعودي ورفع للغطاء الديني يتيح للأوروبيين خوض معركة تفكيك أذرع الإخوان وشبكاتهم في أوروبا.
ويأتي بيان الهيئة بالتزامن مع عقد قمة أوروبية جمعت فرنسا وألمانيا والنمسا لوضع الآليات والقواعد الأساسية لتوسيع مهام محاربة التطرف والمتطرفين، وذلك ضمن إجراءات تهدف بالأساس إلى محاصرة تنظيمات الإسلام السياسي.
وأكد عبداللطيف آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر، “حذرت من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية منذ أكثر من عشرين عاما خوفا على ديننا وبلادنا ومواطنينا والمسلمين أجمعين، ونالني منهم ومن المخدوعين بهم ما الله به عليم في نفسي وعرضي ومالي وصمدت صابرا…، وهذا البيان الشافي الوافي لا يعذر أحد بعده بالجهل”.
ولم يستبعد متابعون للشأن السعودي أن يكون بيان هيئة كبار العلماء ردا على تصريحات الترحيب المبالغ فيه من الإخوان بفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية وما قد يفضي إليه من تراجع في العلاقة السعودية الأميركية.
ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن هناك رسالة سعودية من وراء هذا البيان مفادها أن هرولة الإخوان إلى بايدن ومحاولة كسب تعاطفه والتحريض على دول مهمة في المنطقة لن يحول دون تمسك السعودية بموقفها من الجماعة واعتبارها تنظيما إرهابيا، وأنها مثلت حاضنا لكل المجموعات المتشددة.
ويظهر البيان وجود اقتناع في المملكة بأن جماعة الإخوان -ومن ورائها شبكات نفوذها التي لم يتم تفكيكها بشكل كامل- هي العدو الرئيسي لمسار الإصلاح الذي يتبناه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك من خلال حملات لا تكاد تتوقف على مواقع التواصل الاجتماعي تعتمد على ترويج الإشاعات لإظهار أن الإصلاح يتعارض مع الهوية الوطنية السعودية ودور المملكة كمركز روحي وسياسي في قيادة العالم الإسلامي.
وحث نشطاء يمنيون -ضمن مواقع التواصل الاجتماعي- السعودية على توسيع موقفها من جماعة الإخوان ليشمل فرعها في اليمن، حزب الإصلاح، الذي بات من الواضح أنه يخدم أجندات قطرية تركية على حساب مساعي المملكة لتأمين تنفيذ اتفاق الرياض.
وقال النشطاء إن خطط حزب الإصلاح الإخواني تظهر أنه صار ورقة بيد تركيا، وأنه يمهد لها الطريق للحصول على مواقع حيوية في اليمن، مشيرين إلى وجود قيادات بارزة من الحزب بات مقرها في تركيا وتهاجم من هناك دول التحالف العربي لدعم “الشرعية” في اليمن، في الوقت الذي تحتضن فيه السعودية قيادات إخوانية أخرى وتسهّل لها لعب دور مؤثر في “الشرعية اليمنية”.
وصنفت وزارة الداخلية السعودية جماعة الإخوان المسلمين في مارس 2014 ضمن التنظيمات الإرهابية.
وأصدرت السعودية بالإضافة إلى الإمارات والبحرين ومصر في يونيو 2017 بيانا مشتركا صنفت فيه شخصيات ومؤسسات خيرية من جنسيات مختلفة على أنها إرهابية، وتضمنت القائمة 59 شخصية و12 هيئة، منها شخصيات تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وفي مارس 2018 وصف الأمير محمد بن سلمان جماعة الإخوان بأنها “حاضنة للإرهابيين”، كما هاجم الجماعة في مقابلة تلفزيونية في محطة “سي بي إس” الأميركية، متعهدا بـ”اجتثاث عناصر الإخوان المسلمين” من المدارس السعودية في وقت قصير.
العرب