في خطوة تهدف إلى تكريس وقائع جديدة قبل انتهاء ولاية إدارة الرئيس دونالد ترامب، اعترفت الخارجية الأميركية عملياً بأنّ مناطق “ج”، التي توجد عليها المستوطنات والتي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، جزء لا يتجزأ من إسرائيل.
وذكر موقع “وللا” أن الخارجية الأميركية أصدرت بياناً، خلال زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو مستوطنة “بساغوت” القريبة من رام الله، بأن الولايات المتحدة ستضع علامة “صنع في إسرائيل” على المنتوجات التي تصدرها المستوطنات في الضفة الغربية والمقامة على مناطق “ج”.
الخطوة التي أقدمت عليها واشنطن جاءت في ظل حقيقة أنه حتى إسرائيل لم تفرض بعد قانونها على المستوطنات
وعدّ باراك رافيد، المعلق السياسي للموقع، الخطوة “تحولاً جذرياً” في موقف الولايات المتحدة من المستوطنات.
واستدرك رافيد بأنّ صلاحية تحديد الموقع الجغرافي للمنتوجات التي تستوردها الولايات المتحدة هي لوزارة الأمن الداخلي التي تتبع لها سلطة الضرائب الأميركية.
وأعاد رافيد للأذهان حقيقة أن المجتمع الدولي يرى المستوطنات في الضفة غير قانونية ولا يعترف بها كجزء من إسرائيل.
ولفت إلى أن الخطوة التي أقدمت عليها واشنطن جاءت في ظل حقيقة أنه حتى إسرائيل لم تفرض بعد قانونها على المستوطنات.
وأصدرت إدارة الرئيس بيل كلنتون في العام 1995، في أعقاب التوقيع على أوسلو، قراراً يلزم بتمييز المنتوجات التي مصدرها المستوطنات في الضفة بأنها “انتجت في الضفة الغربية”، مشيراً في الوقت عيته إلى أن هذا القرار لم يتم احترامه في الواقع.
كما هددت إدارة باراك أوباما في العام 2016 بفرض غرامات على كل سلعة يتم إنتاجها في المستوطنات ويتم تمييزها على أنها أنتجت في إسرائيل.
وذهب بومبيو أبعد من ذلك في أدلجة الخطاب تجاه الاستعمار الإسرائيلي، حين صرح أن الولايات المتحدة ستعتبر بشكل رسمي الإسرائيليين “الشعب المختار”.
وذكر إيتمار أيخنير، مراسل الشؤون الدبلوماسية في صحيفة “يديعوت أحرنوت” في تغريدة كتبها مساء اليوم الخميس على حسابه على “تويتر”، أن بومبيو أعلن أن وزارة الخارجية ستغير سياساتها بشأن تعريف “الإسرائيليين” بحيث سيتم تعريفهم كـ “شعب مختار”.
ويذكر أن بومبيو ينتمي للتيار الإنجيلي الذي يتبنى مواقف مؤيدة لإسرائيل من منطلقات دينية.
وقد علقت نوعا لانداو، المراسلة السياسية لصحيفة “هارتس” في تغريدة بسخرية على ذلك، قائلة إن بومبيو “يمكنه أيضاً الاعتراف بحق إسرائيل بتدشين الهيكل الثالث”؛ حيث قصدت أنه يمكن أن يقر بالحق ببناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.
وقام بومبيو بزيارة مستوطنة “بساغوت” في محيط رام الله، وهي أول خطوة يقدم عليها وزير خارجية أميركي، على الرغم من أن الخارجية وصفت الزيارة بأنها “زيارة خاصة”؛ إلى جانب إعلانه أن واشنطن ستعتبر حركة المقاطعة الدولية تنظيماً “معادي للسامية”.
وأقدمت إدارة ترامب خلال السنوات الأربع الماضية على عدة خطوات تهدف إلى تشريع المستوطنات وعدم التمييز بينها وبين إسرائيل، بعد أن ظلت الإدارات الأميركية السابقة تنظر إلى الضفة الغربية وهضبة الجولان كمناطق محتلة واعتبرت المستوطنات فيها غير شرعية.
ويذكر أن إدارة ترامب أقدمت قبل أسبوعين على خطوة أخرى تعد إقراراً عملياً بضم المستوطنات لإسرائيل، فقد وقع السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على اتفاق يقضي بتطبيق الاتفاقات الموقعة بين واشنطن وتل أبيب على المستوطنات في الضفة.
في سياق متصل، دان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، زيارة بومبيو مستوطنات في الضفة الغربية والجولان المحتلتين.
وأكد أبو الغيط، في بيان له اليوم الخميس، أن هذا العمل يناقض الشرعية الدولية بشكل واضح ويُشجع الحكومة اليمينية في إسرائيل على المُضي قدماً في مشاريعها الاستيطانية غير القانونية، والتي تشكل العقبة الكبرى في طريق إحلال سلام يقوم على حل الدولتين.
ونقل البيان عن مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة العربية أنّ أبو الغيط عبر عن رفض هذا التحرك غير المسبوق من جانب مسؤول أميركي رفيع، مؤكداً أنه “يضرب عُرض الحائط بترسانة من القرارات الدولية، لعل أهمها القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن عام 2016، والذي اعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وأكد على رفض الأمم المتحدة الاعتراف بأية تغييرات تجريها إسرائيل على الأرض المحتلة”.
ونقل المصدر عن أبو الغيط قوله إن إصرار “بعض السياسيين الأميركيين على استرضاء الحركة الاستيطانية في إسرائيل لا يخدم السلام المنشود إطلاقا، بل يُقلص من فرص تطبيق حل الدولتين في المستقبل”.
صالح النعامي
العربي الجديد