الحرب “الاستشارية” في سوريا تتحول إلى حرب معلنة بين إيران وإسرائيل

الحرب “الاستشارية” في سوريا تتحول إلى حرب معلنة بين إيران وإسرائيل

بيروت – خرجت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية في سوريا إلى العلن في ظلّ تخلي إسرائيل عن سياسة الغموض بشأن ما يتعلق بقصف أهداف إيرانية في سوريا، قابله تغيير طهران لهجتَها في الرد على تهديد مصالحها في سوريا.

وأعلنت إسرائيل رسميا -خلافا لما كانت تفعله في الماضي- عن غارات على مواقع إيرانية في محيط مطار دمشق الأربعاء الماضي.

وتعمّدت إسرائيل في الماضي -باستثناء مرات قليلة- تجاهل الإعلان بوضوح عن الغارات التي تشنّها داخل سوريا. وفي المقابل تعهدت إيران برد ساحق على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع تابعة لها في سوريا.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة “إن وجود إيران في سوريا استشاري. بالطبع إذا عرقل أحد هذا الوجود الاستشاري، سيكون ردنا ساحقا”.

وأضاف خطيب زادة في مؤتمر صحافي أسبوعي عبر الإنترنت “النظام الصهيوني يدرك تمام الإدراك أن عصر الكر والفر انتهى، ومن ثم فهو في غاية الحذر”.

وهذه هي المرّة الأولى التي تعترف فيها إيران بتلقيها ضربات إسرائيلية في سوريا، ما يشير إلى أن هناك نية للردّ دفاعًا عن وجودها.

وكانت إيران تترك الردّ في الماضي لحزب الله وأمينه العام حسن نصرالله. واعتبرت مصادر سياسية عربية أنّ الجانبين الإسرائيلي والإيراني يستعدان لمرحلة ما بعد إدارة دونالد ترامب.

وذكرت أن إيران تود توجيه رسالة إلى الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن فحواها أنّها مصرّة على البقاء في سوريا وهي غير مستعدة لمناقشة مستقبل مثل هذا الوجود المرتبط بميليشياتها المنتشرة في كلّ الأراضي السورية. وتريد إسرائيل من جانبها أن تؤكّد لإدارة الرئيس بايدن أنّها لا يمكن أن تقبل باستمرار الوجود الإيراني في سوريا، خصوصا في الجنوب السوري.

ولاحظت المصادر العربيّة أنّ غارات على مواقع إيرانية في البوكمال -وهو معبر حدودي بين سوريا والعراق- تلت الغارات الإسرائيلية على مواقع في محيط مطار دمشق.

واعتبرت أن الغارات على البوكمال في محافظة دير الزور تعكس رغبة إسرائيلية واضحة في إبلاغ كلّ من يعنيه الأمر أن لا مجال لأي صفقات مع إيران في ما يخص وجودها العسكري في سوريا، وهي مستعدة للذهاب بعيدا من أجل تأكيد رفض قبولها بهذا الوجود.

وقال سياسي لبناني إن إسرائيل في مرحلة لاحقة ستجد نفسها في حاجة إلى أجوبة واضحة من إدارة بايدن بشأن السلوك الإيراني في المنطقة. وسينطبق هذا الأمر على لبنان أيضا، وتحديدا مسألة صواريخ حزب الله في هذا البلد.

ويوم الأربعاء قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي هيداي زيلبرمان إن “الهجمات شملت ثمانية أهداف، منها مقر رئيسي لإيران في مطار دمشق الدولي وموقع سري لميليشيا يستخدم كمنشأة لاستضافة وفود إيرانية رفيعة عندما تأتي إلى سوريا للعمل”.

وتنفي إيران وجود قوات عسكرية لها في سوريا وتقول إنها أرسلت إليها قوات خاصة بصفة مستشارين عسكريين. وتقول طهران إنها سترسل مستشارين عسكريين إلى سوريا ما دام ذلك ضروريا.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرة أشخاص على الأقل، من بينهم خمسة إيرانيين من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، سقطوا قتلى في الهجوم. ورفض خطيب زادة تأكيد مقتل جنود إيرانيين في سوريا.

إلا أن الجيش الإسرائيلي ذكر أن سلسلة الغارات الجوية التي شنها في سوريا فجر الأربعاء هدفها توجيه رسالة إلى إيران تستحثّها على الانسحاب من البلاد، وبالتحديد من المنطقة الحدودية، في أعقاب محاولة هجوم تم إحباطها في هضبة الجولان.

وقصفت طائرات مقاتلة إسرائيلية ثمانية أهداف في سوريا -حوالي النصف في دمشق والنصف الآخر على طول حدود الجولان- ردا على محاولة بتوجيه إيراني لتفجير ألغام مضادة للأفراد ضد القوات الإسرائيلية، حسب قول الناطق باسم الجيش الإسرائيلي هيداي زيلبرمان. وقد تم إبطال مفعول المتفجرات.

واستهدفت الغارات عددا من المنشآت التي يسيطر عليها فيلق القدس التابع للحرس الإيراني، والذي يقود ويدعم ميليشيات في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية قاعدة عسكرية سورية، وعددا من البطاريات المضادة للطائرات السورية التي أطلقت عليها النار.

وقال زيلبرمان للصحافيين إن الهجمات الانتقامية هدفت إلى توجيه رسالة إلى إيران مفادها “أننا لن نسمح بتواجد إيراني على الإطلاق، وعلى وجه التحديد بالقرب من الحدود”، وتوجيه رسالة إلى سوريا يفيد مضمونها بأنها تُعتبر مسؤولة عن سماحها بوجود إيراني على أراضيها.

وأضاف أن إسرائيل حاولت توجيه رسالة مماثلة إلى إيران وسوريا في أغسطس الماضي بعد محاولة سابقة لزرع عبوات ناسفة على الحدود، ولكن من الواضح أن الرسالة “لم تصل”.

وأبدى زيلبرمان استعداد الجيش الإسرائيلي لاحتمال قيام إيران أو سوريا بالرد، مع وضع “القبة الحديدية” وأنظمة الدفاع الجوي الأخرى في حالة تأهب قصوى.

العرب