الباحثة شذى خليل*
يعاني العراق من نقص حاد في امدادات الطاقة الكهربائية منذ عدة سنوات على الرغم من إنفاق الحكومات المتوالية أكثر من 62 مليار دولار على هذا القطاع منذ عام 2003، لذلك يعتمد بشكل كبير على الغاز والنفط الإيراني الذي يصله بأسعار عالية، قياسا حتى بالأسعار العالمية فمن المستفيد من استمرار الازمات وخنقها اكيد الدولة المجاورة ايران التي ترعى مصالحها بالعراق على حساب البلد وابناءه بمساعدة الموالين والخاضعين لها.
الولايات المتحدة تقلص فترة الإعفاء من العقوبات ، مما يزيد الضغط على العراق وإيران، من خلال تقليص مدة الإعفاء من العقوبات الذي يسمح للعراق بتشغيل شبكة الطاقة المنهكة بالفعل.
تركت حملة الضغط الأقصى التي شنتها إدارة ترامب ضد إيران العراق معتمداً على الإعفاءات المتجددة ، والتي تعفيه من العقوبات عندما تشتري شريحة من منتجات الغاز والكهرباء الإيرانية التي تمثل نحو ثلث احتياجاتها من الطاقة.
قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن وزير الخارجية مايك بومبيو مدد الإعفاء لمدة 45 يومًا إضافيًا ، تاركًا لإدارة ترامب قرارًا نهائيًا بشأن تمديده أو قطعه تمامًا قبل التنصيب في 20 يناير.
عادة ، تستمر الإعفاءات 120 يومًا ، وبهذا تستمر المعاناة المواطن وحتى الدولة وقطاعاتها من مشكلة الكهرباء .
فمنذ سنزات والكهرباء في العراق تعاني من أوضاع متردية للغاية عقب سنوات طويلة من الفساد المالي والإداري في البلاد، فضلاً عن ما يربو على ثلاثة أعوام من الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، والتي أدت إلى تدمير البنية التحية في كثير من المحافظات التي احتلها التنظيم.
كما يعاني المواطنون من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة خلال اليوم بسبب العجز الكبير في إنتاج الكهرباء، وأدى انقطاع الكهرباء لفترات طويلة خلال ساعات النهار شديد الحرارة في الصيف الماضي إلى اندلاع تظاهرات في بعض المحافظات،
ويحاول العراق سد العجز في إنتاج الكهرباء، اذ كان يستورد 28 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، وزاد إلى حوالي 35 مليون قدم مكعب بعدها ، وذلك لتشغيل محطات توليد الكهرباء في البلاد، فضلا عن استيراد العراق 1200 ميغاوات من الكهرباء من إيران.
ويذكر مسؤولون أن واردات العراق من الطاقة من إيران تمثل “نحو 25 في المئة من إنتاج العراق من الكهرباء”، وهو رقم يصعب الاستغناء عنه في الوقت الحالي، لذا، تشكل واردات الطاقة العراقية من إيران أهمية كبيرة للبلاد لمواجهة تحديات الاستهلاك المنزلي والصناعي المتزايد في البلاد.
عقود مليارية ومحاولات للربط الكهربائي : في إطار مساع البلاد للخروج من أزمتها الحالية، قام العراق بتوقيع عقود مع شركة سيمنز الألمانية الرائدة بقيمة 14 مليار دولار لتجديد البنية التحتية في البلاد وإضافة محطات توليد جديدة، ومن المنتظر أيضا أن توقع البلاد قريباً عقودا، تقدر قيمتها بمليارات، مع شركة جنرال اليكتريك الأمريكية في هذا الصدد.
وأكد وزير النفط العراقي السابق على أهمية العقود الموقعة مع سيمنز، قائلا إن الشركة الألمانية “تستطيع وضع حد لمعاناة البلاد في مجال الكهرباء”.وإمكانية الاستفادة من تجربة الشركة “الناجحة مع مصر، حيث استطاعت الوصول بالبلاد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الكهرباء في ثلاث سنوات”.
كما قام العراق بتوقيع اتفاقية للربط الكهربائي مع السعودية، التي تمتلك فائضاً كبيراً من إنتاج الكهرباء، ووقعت وزارة الكهرباء العراقية في عام 2019 اتفاقية مع هيئة الربط الخليجي لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية الضغط الفائق (400) ك.ف، بطول 300 كيلومتر، 80 كيلومترا داخل العراق، و220 كيلومترا داخل الكويت.
وكانت الولايات المتحدة أبدت دعمها الكامل لمشروع يربط شبكات الكهرباء بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها ملتزمة بتسهيل هذا المشروع وتقديم الدعم عند الحاجة.
تحديات تواجه قطاع الكهرباء، بحسب راي الباحثة المتواضع اهم عائق واهم تحدي لإعادة منظومة الكهرباء بشكل طبيعي في بلد مثل بلاد الرافدين والثروات هو لا يوجد في دفة الحكم والمسؤولية امناء بحب الشعب وسيادة العراق لاستعادة امجاد الوطن ، بل يوجد من هو موال لحزب وميليشية وجماعات وفساد ومصالح خارجية هذا هو الواقع فمتى التغيير.
ولا شك لابد من ذكر الأسباب الفنية ، ان في تقادم البنية التحتية من محطات التوليد وشبكات التوزيع، حيث يتم توليد معظم الكهرباء بواسطة محطات التوربينات الغازية ومحطات التوربينات البخارية التي تستخدم الغاز الطبيعي أو الديزل كمصدر للوقود، ولم يتم تحديثها منذ سنوات طويلة. ومع تقادم البنية التحتية، يتم فقد أكثر من 40% من إجمالي الكهرباء المولدة في مرحلة التوزيع، وهو أعلى بكثير من المعدل العالمي الذي يتراوح بين 5 و15%.
المواجهات المسلحة بين القوات العراقية وتنظيم “داعش”، خلال السنوات الماضية، تسببت في تدمير شبه كلي لكثير من محطات التوليد في المحافظات الشمالية والغربية، وتتجاوز تكاليف إعادة بناءها 5.9 مليار دولار بحسب التقديرات الحكومية العراقية، وفي ظل هذه الأوضاع، تبدو المنظومة العراقية بحاجة ماسة إلى تحديث وإعادة بناء لسلسلة الإمدادات بما في ذلك التوليد والنقل والتوزيع.
والاهم ضعف الأداء المالي لشركات الكهرباء، وهو ما يرجع بشكل أساس إلى أن تعريفة خدمات الكهرباء المنزلية والتجارية لا تعكس تكلفتها الحقيقية، حيث أنها لا تمثل سوى حوالي 10% من التكلفة التشغيلية لمحطات التوليد، فضلاً عن ضعف تحصيل فواتير الكهرباء من المستهلكين والتي لا يتجاوز معدلها 30% من قيمتها الإجمالية، على نحو يتسبب بدوره في تراجع الموارد المالية للشركات وتقويض قدرتها على دعم الإنفاق الاستثماري.
نقص إنتاج الوقود اللازم لتشغيل المحطات محليًا. وبالنسبة للغاز الطبيعي الذي يعتبر الوقود الرئيس لتوليد الكهرباء في البلاد بجانب الديزل، فتنتج العراق منه كميات تقدر بنحو 13 مليار متر مكعب ومعظمه مصاحب لحقول النفط، في حين أن استهلاكه منه بلغ 17 مليار متر مكعب في العام نفسه، بما يعني أن هناك فجوة قدرها 4 مليارات متر مكعب، مع العلم بأن هناك كميات كبيرة من الغاز المصاحب يتم حرقه وقد قدر بنحو 17.8 مليار متر مكعب في العام الماضي طبقًا للبنك الدولي، مما يمثل هدرًا اقتصاديًا كبيرًا إلى جانب أضراره البيئية.
نقص التمويل اللازم لإعادة بناء وتأهيل المنظومة الكهربائية في البلاد في ظل الضائقة المالية التي تعاني منها، لا سيما مع انخفاض عائدات النفط منذ عام 2014. وتشير التقديرات الحكومية إلى أن إصلاح وتحديث شبكة الكهرباء يحتاج لاستثمارات لا تقل عن 30 مليار دولار، في حين أنه خصص في ميزانية عام 2019 ما نحو 3.3 مليار دولار فقط لدعم البنية التحتية للمنظومة الكهربائية.
واليوم كثفت الإدارة الأميركية الضغط، على العراق وإيران من خلال تقليص مدة الإعفاء من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع إيران، التي تعتمد عليها بغداد لاستيراد الطاقة، جعل العراق يعتمد على الإعفاءات الأميركية المتجددة، لشراء ثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء من إيران.
إن وزير الخارجية مايك بومبيو مدد الإعفاء 45 يومًا إضافيًا، تاركًا لإدارة ترامب قرارًا نهائيًا بشأن تمديده أو قطعه تمامًا قبل تنصيب الرئيس الجديد في 20 يناير، عادة، تستمر الإعفاءات 120 يومًا، مما يتيح للمسؤولين العراقيين والأميركيين الوقت لتحديد كيفية حصول العراق على الكهرباء اللازمة، وتم تقليص هذه الفترة لـ60 يوما في الصيف.
وكانت تقارير رسمية عراقية ، أكدت أن السعودية عرضت على العراق بيع الغاز له بأسعار أقل من الأسعار العالمية، وبعد الموافقة على الصفقة، لم يسافر الوفد العراقي للتوقيع بسبب الضغوط الإيرانية.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية