تعديل قانون الانتخابات لا ينهي الانقسام الطائفي في لبنان

تعديل قانون الانتخابات لا ينهي الانقسام الطائفي في لبنان

أدخلت مطالبات حركة أمل، التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري، بضرورة تعديل القانون الانتخابي، الطبقة السياسية في دوامة من السجالات، وأثارت جملة من التساؤلات بشأن الأهداف من طرح التعديل في هذا التوقيت الذي يمر فيه لبنان بأسوأ أزمة سياسية واقتصادية.

بيروت – أعاد طرح تعديل قانون الانتخابات في لبنان إلى الواجهة مستوى الخلافات المتشعبة في البلد الذي يبحث عن حلول عاجلة لمشكلاته المتفاقمة جراء استمرار الجمود السياسي في ملف تشكيل حكومة جديدة، أو الانتهاء من معالجة تداعيات الانفجار الكبير الذي شهده مرفأ بيروت في أوائل أغسطس الماضي.

ويتزامن السجال داخل مجلس النواب حول تعديل قانون الانتخابات مع فتح ملفات لا تقل أهمية بشأن التدقيق الجنائي في مصرف لبنان المركزي، ونقل ملف التحقيقات الجنائية في حادثة انفجار بيروت إلى البرلمان، الأمر الذي أثار مجموعة من التساؤلات حول “نوايا حرف الأنظار”، وإعادة فتح قضايا جدلية في لبنان.

وتزعمت حركة أمل، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، المطالبة بتعديل قانون الانتخاب. وتساءل معارضون للتعديل عن “أسباب طرحه في الوقت الراهن ولمصلحة من”.

وقال نائب رئيس حزب القوات اللبنانية والنائب البرلماني جورج عدوان، إن “أي رهان على تأجيل الانتخابات ساقط، لأن هناك قانونا ساريا ويمكن أن تحصل الانتخابات على أساسه”.

وشدد عدوان على أن مطلب القوات هو إجراء انتخابات مبكرة، معتبرا أن ما يطرح في مجلس النواب “لا يتعلق بتغيير قانون الانتخاب، بل بتغيير النظام السياسي في لبنان”.

من جانبه، قال نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، إن موضوع قانون الانتخابات النيابية “يحتاج إلى وقت وإلى حوار وطني حقيقي يؤدي إلى تحقيق المرجو من أي تطوير تحت سقف الدستور وتحت سقف ما سمي بالطائف وغيره من القوانين مرعية الإجراء”.

ويحمّل سياسيون لبنانيون الأكثرية السياسية في مجلس النواب ممثلة بالتيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله المسؤولية عن اتساع نطاق الانهيار الحاصل في لبنان على أكثر من صعيد.

وقال النائب عن تكتل “الجمهورية القوية” بيار بوعاصي، إن “طرح البحث في قانون الانتخاب خادع، لأن وراء الشكل المرتبط باحترام الدستور والطائف هناك أمر خطير جدا يتعلق بصحة التمثيل السياسي ويخلق قلقا كبيرا عند القواعد المجتمعية والسياسية المسيحية، تحديدا التي عاشت تجربة سيئة جدا بين عامي 1990 و2005 وترفض أن تتكرر”.

وأضاف أن موضوع التعديلات يطرح تساؤلات بشأن “المضمون والتوقيت والانعكاسات” على لبنان، مشيرا إلى أن “مجلس النواب هو مساحة الحوار الوحيدة بين اللبنانيين والخوف من أن يتحول إلى ساحة مواجهة”.

وحذر بوعاصي من أن الطرح المتكرر لتعديل قانون الانتخاب قد يخلق توترا في الشارع، معبرا في الوقت نفسه عن خشيته من أن يكون الطرح هدفه “حرف الأنظار عن انفجار المرفأ والفشل الاقتصادي والتضخم والفساد والتدقيق الجنائي”.

وأحيت المطالبات بتعديل القانون الانتخابي الحالي سجالا قديما جديدا في البلاد بشأن التقسيمات الطائفية المتبعة منذ عقود. وكان لبنان قد نظم انتخابات تشريعية عام 2018 وفق نظام نسبي جديد قسّم البلد إلى 15 دائرة، يختار فيها الناخبون 128 نائبا، هم أعضاء مجلس النواب.

وشهدت عمليات الاقتراع السابقة عملية نمطية كلاسيكية كان يوفرها قانون عام 1960 المتأسس على قاعدة الأغلبية البسيطة. وشبه سياسيون لبنانيون في السابق القانون الانتخابي المعدل عام 2017 بأنه يشبه مخلوقا تمت صناعته بما يتناسب مع مصالح واضعيه، لكنه بعد خروجه من القمقم بدا مفاجئا ومخيفا للجميع.

وقال النائب آلان عون عن تكتل لبنان القوي، إنه “تقدم باقتراح ترحيل موضوع قانون الانتخاب إلى طاولة الحوار الوطني لأنه المكان المناسب لطرحه”.

وأضاف أن “الحوار كان هادئاً وعميقاً ومسؤولاً خلال الجلسة التي حصلت، وحاولنا تثبيت أن النقاش يجب أن يُسلّم بوجود قانون انتخاب قائم، ونحن أمام طرح يحاكي أموراً دستوريّة وتغييرا في النظام السياسي”.

وتتصاعد الضغوط في لبنان لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة تماشيا مع مطالبات الحراك الشعبي الذي أنطلق في 17 أكتوبر العام الماضي.

ولا يزال لبنان يعيش على وقع أزمة سياسية واقتصادية عميقة أثرت على شتى مناحي الحياة في البلاد. ويبحث الفاعلون السياسيون عن توافقات شبه غائبة بين القوى والأحزاب السياسية بسبب سياسات مرتبطة بحركة أمل وحزب الله. ولا تزال أزمة تشكيل حكومة جديدة بقيادة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري تراوح مكانها بفعل الخلافات على الأسماء والمناصب مع الرئيس ميشال عون.

ويرى مراقبون أن الدعوات المتتالية لفتح قضايا خلافية على شاكلة القانون الانتخابي والتركيز على قضايا دون غيرها، توحي بأن هناك جهات سياسية مستفيدة من الوضع الراهن تعمل على الإبقاء على حالة الفراغ الحكومي والوضع المتأزم للاقتصاد لتحقيق أهدافها السياسية.

ويتهم سياسيون لبنانيون حزب الله بمحاولة حرف الأنظار بمعية حليفه الشيعي حركة أمل عن قضايا أساسية يطالب بها جمهور عريض من اللبنانيين ويتمثل في محاربة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة.

العرب